سميحة أيوب: اكتفيت من العمل.. وأعيش حالة من الرضا بعد رحلة امتدت 70 عاما
• ليس لدىّ أى مطالب مادية فى الحياة.. وأحمد الله على نعمة المشى والبصر
• الجيل الجديد من الشباب يتمتع بموهبة كبيرة.. لكن ليس لديه وجهة نظر
«الحمد لله.. الحمد لله».. ظلت الفنانة سميحة أيوب تردد صيغة الحمد طوال حديثها فى ندوة تكريمها بالدورة الـ17 لمهرجان المسرح المصرى، التى تحمل اسمها، خاصة حينما سئلت عما تفعل هذه الأيام، وهى المبتعدة عن الفن لقرابة عامين، وعما إذا كانت تفتقد لحظة الوقوف على خشبة المسرح، الذى لم تقف على خشبته منذ أكثر من 15 عامًا، وهى صاحب اللقب الشهير «سيدة المسرح القومى»، فقالت سميحة، صاحبة الـ92 عامًا:
الحمد لله أننى وصلت لهذه الحالة، وليس لدى أى مطالب مادية فى أى شىء، والحمد لله على المشى والنظر والأكل وغيرها من الأمور الحياتية، والحمد لله أننى أتمتع بحالة رضا كبيرة، والرضا هو أجمل شىء فى الوجود، ولدى حالة من الاكتفاء الشديدة خلال الفترة الحالية، وبعد مشوار فنى طويل امتد لاكثر من 70 عامًا، تمتعت فيها بعطايا إلهية جميلة، أتمنى أن يمنحها الله لكل إنسان.
وعن تكريمها بهذه الدورة التى تحمل اسمها قالت: «رغم أنه تم تكريمى مرات كثيرة طوال مشوارى الفنى، لكن كل تكريم تكون له مكانة متميزة فى قلبى، وأسعد به كثيرًا، لأنه يمنحنى الفرص كى ألتقى زملائى، وأصدقائى وجمهورى العزيز».
وبعدها فتحت سميحة أيوب صندوق ذكرياتها، وهى تتحدث للجمهور، وظهرت فى كامل لياقتها الذهنية تحكى عن أهم المواقف التى تعرضت لها خلال مشوارها الفنى، فتحدثت عن رحلة سفرها للعاصمة الفرنسية باريس، لعرض مسرحيتها «فيدرا»، وقالت: «إنه لولا زوجها الكاتب الراحل سعد الدين وهبة لما سافرت هى والفرقة، خاصة أن الأمور المتعلقة بنقل الديكور كانت صعبة للغاية، وأنها فور وصولها إلى باريس، حرصت على الذهاب إلى المسرح، ليحدث بينها وبين خشبته حالة تفاعل».
وأشارت إلى أنه رغم حالة القلق الكبيرة التى انتابتها فى ذاك الوقت، فإن الجمهور الفرنسى بدد هذه الحالة تمامًا، حيث كان هناك تفاعل كبير مع الرواية، وصفق الجمهور لها بشكل فاق تصورها، وأكدت أن هذا الأمر لم يقتصر على ليلة العرض الأولى، لكنه استمرعلى مدى 15 ليلة عرض المسرحية بدار الأوبرا بباريس، وقالت: إن هذا الترحاب الشديد لم يحدث من قبل مع أى فرقة وافدة.
وتابعت: «كنت أعلم أن الجمهور فى أوروبا لا يصفق للممثلين أثناء العرض بل يصفق فى نهايته، وكان لـ«فيدرا» منولوج مميز لى أصف فيه الشخصية، كيف أحبت وكيف تضرعت للآلهة، وعندما انتهيت من المنولوج فوجئت بعاصفة من التصفيق».
كما تطرق حديثها إلى علاقتها بزوجها الكاتب الراحل سعد الدين وهبة ومدى حبها له، وحكت كيف كان يعرض عليها أعماله كى تقرأها أولًا قبل النشر، وذكرت أنه فى مرة طلب منها قراءة مسرحيته «كوبرى الناموس» حتى تبدى رأيها فيها، وعقب قراءتها للمسرحية، اعترضت على مشهد لسيدة تقف صامتة لمدة تقترب من ثلث ساعة، فسألها وهبة صراحة إذا كان يعجبها المشهد أم لا؟ وحينما أجابت بـ«لا»، رمى النص على الفور، ومنذ هذه اللحظة قررت ألا تقرأ له نصًا إلا وهى تجلس على طاولة البروفات، مثلها مثل باقى أبطال المسرحية، لمناقشة النص مع مؤلفه، مثلما تفعل مع أى مسرحية أخرى.
واستطردت ضاحكة أنه بعد هذا الموقف كان الراحل سعد الدين وهبة يثير فضولها لقراءة أعماله دون أن يطلب منها ذلك بشكل مباشر، حيث كان يضع النص الذى كتبه أمامها، حتى يثير فضولها، لكنها كانت ثابتة على موقفها، وحافظن على كلمتها، وقالت: «كنت دائمًا أحافظ على كلمتى فى حياتى الفنية والزوجية».
ولم تشأ أن تنهى حديثها عن زوجها الراحل إلا بتوجيه رسالة له حيث قالت، فى ندوة تكريمها: «وحشتنى جدًا، ووحشت الناس قدر فنك ونبل أخلاقك».
كما تطرق الحديث فى ندوة تكريم سيدة المسرح العربى إلى شباب المسرحيين، وعن رأيها فيما يقدمون من أعمال مسرحية، وهنا أشادت سميحة أيوب بهذا الجيل، وقالت إنهم موهوبون، ويحبون المهنة بصدق، ولديهم رغبة فى تحقيق النجاح، وفى ذلك يبذلون جهدًا كبيرًا، وهو ما يعنى أنهم سيحققون النجاح بلا شك، لكن شددت على أهمية القراءة والاطلاع، وطالبت الجيل الجديد بضرورة أن تكون لديهم وجهة نظر.
حضر اللقاء حفيد الفنانة سميحة أيوب، يوسف علاء محمود مرسى، والذى كشف للحضور عن الوجه الآخر لسميحة أيوب جدته، وأنها طاهية ماهرة يحب أكلها بشدة، وهى فى الحقيقة عكس شخصيتها فى فيلم «تيتة رهيبة» تمامًا، فهى سيدة حنونة.
وطالب الناقد الأمير أباظة مؤلف كتاب «سميحة أيوب.. طريق المجد والأشواك»، ضمن إصدارات المهرجان عن المكرمين، بضرورة توثيق كل أعمال الفنانة سميحة أيوب، لأنها جزء مهم من تاريخ المسرح العربى.
واستعاد الفنان محمد رياض، رئيس المهرجان، ذكرياته مع الفنانة سميحة أيوب فى مسلسل «الضوء الشارد»، وكيف مثل هذا العمل إضافة كبيرة إلى مشواره الفنى.
جدير بالذكر أنه حرص عدد كبير من الفنانين على حضور ندوة تكريم سميحة أيوب، وتوجيه كلمات شكر وثناء لها، ومنهم مديحة حمدى وسميرة عبدالعزيز والمخرجان شادى سرور ووليد عونى، والفنان السودانى على المهدى والفنانة الليبية خدوجة صبرى.