آراء وتحليلات

إنفراجه قانونية بالأفق

دكتور / السيد مرسى

تناولنا بالمقال السابق الثقوب التي لحقت بمشرع الإجراءات الجنائية الجديد، وذلك من خلال نصوص الحبس الاحتياطي والتي تحولت الى عقوبة دون القدرة على تقديم مبررات حقيقية لذلك أو إلتزام من جانب القضاء بتفسيره رغم مخالفة ذلك لأحكام الدستور والإتفاقيات الدولية ذات الصلة التي صدقت عليها مصر ، لذلك طالب العديد من القانونيون والسياسيون والنقابات المهنية (محاميين و مهندسين و صحفيين ) سحب هذه المسودة وإعادة طرحها للحوار المجتمعى الموسع ، والذى يشمله الخبراء ورجال القانون والنقابات المهنية من جانب ومنظمات المجتمع المدنى ومنها(حقوق الانسان) من جانب آخر ، ولاسيما بعد أن لاح في الأفق رغبة الدوائر البرلمانية والقريبة من السلطة في إعادة النظر في هذه النصوص التي تم أثارتها نقابة المحاميين والتي تقلص دور المحامى في مباشرة جميع الحقوق القانونية، وتقود إلى صراعات بين السلطات القضائية والنيابية والمحامي، فضلا عن الاعتداء على الحريات التي كرمها المولى عزوجل في قوله تعالى “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا”
كما أن هذا المشروع ورد به نص قانونى صادم لجموع المحامين خاصة ورجال القانون عامة يتعرض لحق الدفاع أمام القضاء والنيابات، وقد ورد فيه ( إذا وقع من المحامي أثناء قيامه بواجبه في جلسة محاكمة المتهم، فعل أو تشويش مخل بالنظام أو ما يستدعي مؤاخذته جنائيا، يحرر رئيس الجلسة محضرا بما حدث، وللمحكمة أن تقرر إحالة المحامى إلى النيابة العامة لإجراء التحقيق ،أو إصدار حكما تأديبيا )، وكما هو معلوم للكافة بأن حق الدفاع يعتبر الوسيلة الوحيدة والأهم لحماية الحريات ، ويبث الثقة ويكرس العدالة في ربوع البلاد. لذلك كانت نصوص هذا المشروع محل النقاش وغير مرض عنها نهائيا، كما إن العبارات فيه مطاطة، على سبيل المثال لا الحصر، عدم وجود نص يضع حدا أقصى لانتهاء النيابة من التحقيق في الجريمة أو التهمة، وإصدار قرارها بالإحالة إلى المحاكمة أو البراءة، لأن غياب مثل هذا النص يكرس الحبس الاحتياطي.
وبعيدا عن هذه التجاذبات التي تقع من جانب أنصار ومعارضي هذا المشروع، فإننا نشدد على ضرورة تمتع النيابة العامة والقضاء بالاستقلال التام دون تدخل السلطة في شؤنها أو فرض توجهات معينة تحد من حقها في إطلاق سراح المحبوس احتياطيا في أسرع وقت وليس هذا التمديد الاحتياطي الذى لا حدود له ، الامر الذى معه نذهب أيضا الى ضرورة وجود نص دستورى يتعلق بمدة الحبس الاحتياطي، حيت يقطع الطريق نهائيا أمام من يرغب في التلاعب بنصوص قانون الإجراءات الجنائية لمصالح عامة أو شخصية.

الى اللقاء: دكتور / السيد مرسى

مقالات ذات صلة