تزامنا مع زيارة الرئيس السيسي.. كيف كانت العلاقات المصرية التركية على مر التاريخ؟
زار الرئيس عبد الفتاح السيسي تركيا، أمس الأربعاء، حيث كان في استقباله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في أول زيارة على مستوى رئاسي منذ 12 عاما، مع تحسن العلاقات الفاترة منذ فترة طويلة بين البلدين المهمين في المنطقة، وفق ما نقلت شبكة “سكاي نيوز”.
وجاءت زيارة الرئيس السيسي لتركيا بعد زيارة أردوغان إلى القاهرة في فبراير الماضي، في أول زيارة له إلى مصر منذ عام 2012، متخذا خطوة كبيرة نحو إعادة بناء العلاقات التي توترت بشدة على مدى عقد من الزمن.
ووفق ما ذكرت الرئاسة التركية فسيتم استعراض العلاقات التركية المصرية في جميع جوانبها ومناقشة الخطوات المشتركة الممكنة في الفترة المقبلة لمواصلة تطوير التعاون، بالإضافة إلى العلاقات الثنائية، سيجري تبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والعالمية الراهنة، وخاصة الهجمات الإسرائيلية على غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأكدت مصر أن زيارة السيسي لتركيا تمثل محطة جديدة في مسار تعزيز العلاقات بين البلدين، وللبناء على زيارة الرئيس أردوغان التاريخية لمصر في فبراير الماضي، وتأسيساً لمرحلة جديدة من الصداقة والتعاون المشترك بين البلدين، سواء ثنائياً أو على مستوى الإقليم، الذي يشهد تحديات جمة تتطلب التشاور والتنسيق بين البلدين.
وتشهد الزيارة مباحثات معمقة للسيسي مع أردوغان، إضافة إلى رئاسة الرئيسين للاجتماع الأول لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين مصر وتركيا، الذي يتناول سبل الارتقاء بالعلاقات الثنائية في مختلف المجالات، إضافة إلى تبادل الرؤى إزاء القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، وعلى رأسها جهود وقف إطلاق النار بقطاع غزة وإنهاء المأساة الإنسانية بالقطاع، وخفض التصعيد في الشرق الأوسط. كما سيشهد الرئيسان التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم بين حكومتي الدولتين في مختلف مجالات التعاون.
ولكن، كيف كانت العلاقات المصرية التركية على مر التاريخ؟
وفقا لدراسة سابقة نشرها المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية عن العلاقات المصرية التركية، فقد تشكلت العلاقات بين البلدين نتيجة التاريخ والجغرافيا المشتركين لهما، فتشترك مصر وتركيا في الشراكة الأورومتوسطية التي تضم 44 دولة من بينهما مصر وتركيا والتي بدأت منذ عملية برشلونة أو “اليوروميد” عام 1995، لتحسين سُبل الحكم وتعزيز الاستقرار وبناء العلاقات الثقافية بين الشعوب الأورومتوسطية.
كما تقترب الحدود التركية من دول ذات علاقة وثيقة بالدولة المصرية، مثل قبرص واليونان، وكذلك سوريا وهي حدودًا شكلت التاريخ بين البلدين في مواقف تاريخية عدة.
العلاقات التاريخية والثقافية
وقد شهدت العلاقات التاريخية والثقافية بين مصر وتركيا تطورات على مر العصور، بين الشد والتعاون والتبادل الثقافي، بدءا من فترة الشراكة التاريخية خلال فترة الحكم العثماني في الفترة من (1517 – 1914).
محمد علي والدولة العثمانية
وشهدت مصر تولي الولاة، حتى وصول محمد علي لحكم مصر عام 1805، والذي بدأ بعمل إصلاحات بعيدة عن هدف القسطنطينية، وأدت طموحاته التوسعية والتعاون مع الدول الأوروبية في إثارة حفيظة الأناضول.
ومع الحرب العالمية الأولى وتحالف تركيا مع قوى المركز أو دول المحور ضد الحلفاء والتي تضم بريطانيا العظمي، كانت مصر تخضع للاحتلال البريطاني الذي سعى لإخراج مصر من ولاية الدولة العثمانية، فيما انفصلت تركيا عن الولاية العثمانية وفقًا لاتفاقية “هدنة مودروس” التي قسمت الإمبراطورية العثمانية واحتلتها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا حتى أصبحت جمهورية عام 1923.
اختلافات أيديولوجية وتوتر علاقات
واستمر التعاون المصري التركي على المستوى الثقافي والتاريخي والدبلوماسي حتى ثورة يوليو 1952، ونتيجة الاختلافات الأيديولوجية والانتماءات القومية، توترت العلاقات مرة أخرى نتيجة طرد السفير التركي من القاهرة عام 1954، بسبب نشاطه ضد النظام المصري والذي تم إرجاعه لكون زوجته هي إحدى أقارب الملك فاروق واستدعاء السفير المصري من تركيا.
وازداد التوتر مع انضمام تركيا لحلف بغداد بالتعاون مع الغرب، في ظل محاولات ضم سوريا له ضد المد السوفيتي الذي أدعت أنقرة تحالف دمشق معهم وبدأت التوترات الحدودية بين البلدين، فيما انتهج الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لفكرة القومية العربية وصولًا للجمهورية العربية المتحدة والتحالف مع سوريا وهو ما حاولت تركيا الحول دون إتمامه.
تعاون اقتصادي يفوق السياسي
واستمرت العلاقات المصرية التركية طوال السبعينيات والثمانينيات تعتمد على التعاون الاقتصادي بشكل يفوق التعاون السياسي، حتى الدور المصري في التسعينيات في تهدئة النزاع التركي السوري حول الحدود والمياه لتصل إلى ذروتها في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، وترفيع العلاقات عام 2012 مع نظام جماعة الإخوان المسلمين.
حتى جاءت ثورة 30 يونيو 2013، لتتوتر العلاقات وتصل لمستوى القطيعة وطرد السفير التركي من القاهرة واستدعاء السفير المصري من تركيا، في ضوء توتر العلاقات بين البلدين وتصاعد التصريحات ضد الدولة المصرية.
وكان أول سفير تركي بدأ عمله في مصر منذ عام 1925 على مستوى قائم بالأعمال حتى عام 1984، ثم بدأت مصر وتركيا في تبادل السفراء حتى نوفمبر عام 2013.
عودة العلاقات السياسية والدبلوماسية
وفي عام 2021، بدأ الحديث عن عودة العلاقات، وصولا لزيارة وزير الخارجية سامح شكري إلى تركيا؛ لإعلان التضامن المصري وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية بعد أن ضربتها سلسلة من الزلازل المدمرة والهزات الارتدادية التي أودت بحياة عشرات الآلاف في فبراير 2023.
وأعقبها في مارس زيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى القاهرة، للاتفاق حول سُبل عودة العلاقات، وصولًا إلى ترفيع مستوى التمثيل الدبلوماسي وترسيم السفراء للبلدين في يوليو 2023.
وصولا إلى الزيارات المتبادلة للرئيسان التركي والمصري، ففي في 14 فبراير الماضي، زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وقرينته مصر، حيث استقبله الرئيس عبدالفتاح السيسي وقرينته السيدة انتصار السيسي، بمطار القاهرة الدولي في زيارة هي الأولى للرئيس التركي إلى مصر منذ 12 عامًا، قبل زيارة الرئيس السيسي الحالية لتركيا.