تنظيم ندوة رد الجميل بمهرجان المسرح التجريبي لتقديم شهادات عن الراحل عبد الرحمن عرنوس
الدكتورة هنادي عبد الخالق: صاحب فضل في تركيبتنا الشخصية أكثر من الأكاديمية
الدكتور علاء حسني: تربيته في بور سعيد لها أثر كبير في تشكيل وجدانه وآفاقه الواسعة
المخرج حمدي حسين: تجربة عرنوس ثرية تعلمت منها الكثير وتستحق التوثيق
انطلقت اليوم الخميس، أولى ندوات محور “رد الجميل” الذي يقيمها مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته الحادية والثلاثين دورة الدكتور علاء عبد العزيز، وبرئاسة الدكتور سامح مهران، وكانت الندوة عن الراحل الدكتور عبد الرحمن عرنوس، وأدارت الندوة الدكتورة أسماء يحيى الطاهر عبد الله، وبمشاركة كل من الدكتورة هنادي عبد الخالق، والدكتور علاء حسني، والمخرج حمدي حسين.
واستهلت الدكتورة أسماء يحيى الطاهر حديثها قائلة: “هذه الجلسات التي يقيمها المهرجان للشخصيات المؤثرة التي لم تحضر زمن السوشيال ميديا والتوثيق؛ لذا حرمنا من معرفة تجاربهم الثرية، فسلسلة رد الجميل مهمة جدًا من وجهة نظري، واليوم نتحدث عن واحد من أهم الشخصيات وهو الدكتور عبد الرحمن عرنوس الذي كان يقدم ألعاب مسرحية مختلفة تخرج خارج إطار المسرح التقليدي وهذا مهم للأجيال المسرحية الموجودة أن تعرف كل الأساتذة الذين أثروا فينا، ليصبح ميراثهم حاضراً حتى وقتنا هذا”.
من جانبه قالت الدكتورة هنادي عبد الخالق من مصر: “الدكتور عبد الرحمن عرنوس هو صاحب فضل علينا في تركيبتنا الشخصية أكثر من التركيبة الأكاديمية، جعل لدينا مساحة حرية أكبر وكان دائما يعمل على كسر الخجل كحاجز للإبداع، هذا الرجل كان مؤثر في كل شيء في حياتنا، وكان يتبع منهج تفجيري وليس تلقيني، ولم يحب أن نصبح نمطيين وهو كان صاحب التجريب في مدرستنا حتى في محاضراته وكان يتبع أسلوب صادم في التعامل معنا”.
وأضافت: “أما الجوانب العلمية الرائعة فهو كان يعتمد على منهج “الضولوصونية”، وهو مزيج الضوء والصوت واللون وكيف يكون مثير للمثل والمتلقي وكان دائما يشكل الفراغ بشكل مختلف تماما، وكان دائما يقول لنا أستاذ حاسس بإيه؟، ويقولها في لحظة غريبة وهي لحظة الصدمة، كان يرصد التغير ويدركه وكان يتعمد أن يرصد الممثل هذا التغير وكان يرتبط بجمهور من الشعب من الطوائف البسيطة وكسر داخلي حواجز كثيرة، وتعمد أن يعلمنا أن الإنسان العادي من الممكن أن يكون مبدع أكثر مني، وكان دائماً يتعامل مع جسم الإنسان، نتعرف على التكوين العضلي العصبي للإنسان فكان التمثيل بالنسبة له ينطلق من الجسم وليس الكلمة، كان يعمل في القاعة الدائرية في المعهد بالأربع اتجاهات وهذا الأمر كان جديد بالنسبة لنا كيف نستخدم جغرافية المكان وكان دائماً يستخدم الشموع كمثير للانتباه”.
من جانبه قال الدكتور علاء حسني: “إذا تحدثنا عن الراحل عبد الرحمن عرنوس إنسانيا سنجد أن هذا الرجل كان يعشق الحياه وهو نبته من هذه الأرض، اعتقد أن شخص تربى في المدن الساحلية مثل بور سعيد الذي نشأ فيها عرنوس يكون لديه أفق واسع وانطلاقة مثل انطلاقة الطير، ويكتسب صفات وتركيبة خاصة جدا يكون متمرد وحر وهذه صفات الدكتور عرنوس هو فنان تلقائي من الدرجة الأولى وكان فلسفته في محراب الفن البعد عن الأطر العادية وكان يحب الالتحام بالجمهور، وكان له تأثير كبير حتى أنني تعلمت منه قبل أن أراه وكان لدي اشتياق لمقابلته، له لغة متفردة كانت تثير في أنفسنا الضحك أحيانا والغرابة أحياناً”.
واستعرض “حسني”، رسالة الدكتوراه للدكتور عبد الرحمن عرنوس عن دراسة المختبرات المسرحية وتطورات فن الممثل كان إشراف الأستاذ الدكتور سناء شافع، وكان دكتور عرنوس يهمه الخروج من الأطر التقليدية، واعتمد في رسالته على بعض الأسئلة منها: “هل هناك علاقة بين المختبرات المسرحية وتطور الممثل، وهناك بعض الوصايا التي أطلقت عليها وصايا عرنوسية وهي: لا ننكر العيب، اكسر خجلك، وماذا بعد؟، شيل الصراصير اللي في دماغك، شد السيفون، اصنع نفسك، بلاش المكياج اللي تحت جلدك، أنا مش عايز حد يحبني ولا يكرهني يهمني الناس ماتنسانيش، وتجربة دكتور عرنوس ينقصها التوثيق فأتمنى أن يقوم تلاميذه بذلك”.
بدوره قال المخرج حمدي حسين: “في عام 1989 قدمت إدارة المسرح تجربة نوادي المسرح، وكان ميزانيتها 1000 جنيه للعرض الواحد، و300 جنيه للنشرة، والتي كانت تقدم بواسطة آلة كاتبة، وفي يوم بالهناجر ووجدت شخص يبلغني أن الدكتور عرنوس يبحث عني وأنا لم يسبق لي أن رأيته من قبل، وفي أول لقاء تناقشنا كثيراً وأخذني معه لمكانه المفضل، وأخذ يحدثني عن تجربة “أولاد البحر” من الصيادين بعد تهجير أهل بور سعيد، وجعلني أرى كل مدخراته من أعمال وذكريات، وهنا قررت أنا أقدم عدد النشرة عن عبد الرحمن عرنوس، وذهبنا بالفعل دار نشر وطلب مننا 600 لـ800 جنيه في حين ميزانيتنا 300، وساهم عرنوس حينها بـ500 جنيه وقمنا بتوزيع النسخ كلها، وطلب منا سعد أردش مقابلتنا لعمل نفس التوثيق له وبالفعل قدمنا العدد الثاني لسعد أردش وبعده الدكتورة ملحة إبراهيم، فمختبر الدكتور عرنوس كان منهجه قائم على السيكودراما وكان يضعك أمام الشمعة مع المزيكا لتبدأ باسترجاع كل ذكرياتك منذ الطفولة، وهذا كان يحدث مع الهواه فكان له تأثير مختلف، فتجربة عرنوس تستحق كل التحية وتستحق التوثيق”.