من القاهرة إلى أنقرة.. كيف أعادت الزيارات الرئاسية بناء جسور التعاون بين مصر وتركيا؟
وصل الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى تركيا أول أمس الأربعاء، حيث كان في استقباله نظيره التركي رجب طيب أردوغان، في خطوة تعتبر الأولى من نوعها على المستوى الرئاسي منذ 12 عامًا. هذه التحركات تأتي بعد فترة من العلاقات الباردة بين البلدين، وتعكس تحولًا إيجابيًا نحو إعادة بناء التعاون والتفاهم المشترك.
زيارة السيسي إلى تركيا تأتي بعد زيارة مماثلة قام بها أردوغان إلى القاهرة في فبراير الماضي، مما يشير إلى نوايا جادة لتعزيز العلاقات الثنائية ومناقشة القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
ووفقاً للرئاسة التركية، سيتم خلال الزيارة استعراض العلاقات بين البلدين ومناقشة سبل تطوير التعاون الثنائي. كما سيجري تبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية الراهنة، بما في ذلك الهجمات الإسرائيلية على غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأكدت مصر أن زيارة السيسي إلى تركيا تمثل نقطة انطلاق جديدة في تعزيز العلاقات بين البلدين، وبناء على زيارة أردوغان التاريخية لمصر، تهدف إلى تأسيس مرحلة جديدة من الصداقة والتعاون على الصعيدين الثنائي والإقليمي.
وتشمل الزيارة مباحثات معمقة بين السيسي وأردوغان، بالإضافة إلى رئاسة الرئيسين الاجتماع الأول لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين مصر وتركيا. سيتم تناول سبل تعزيز العلاقات في مختلف المجالات، وتبادل الرؤى حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، خاصة جهود وقف إطلاق النار في غزة وإنهاء المأساة الإنسانية في القطاع، وخفض التصعيد في الشرق الأوسط. كما سيوقع الرئيسان على عدد من مذكرات التفاهم بين حكومتي البلدين في مجالات متنوعة.
تطور العلاقات السياسية والدبلوماسية والتعاون العسكري
بحسب دراسة سابقة نشرها “مركز الإمارات للسياسات”، فقد شهدت العلاقات المصرية التركية تطوراً ملحوظاً بعد زيارة الرئيس التركي لمصر في فبراير الماضي. واصلت مصر وتركيا تحركاتهما نحو تطبيع العلاقات، مما انعكس إيجابياً على مستوى التعاون الثنائي.
العلاقات السياسية والمعارضة
استمر تقدم العلاقات السياسية بين البلدين، لا سيما في ملف المعارضة الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين. نجح الجانب التركي في إظهار حسن نواياه تجاه القاهرة من خلال إسقاط الجنسية عن 50 شخصاً ينتمون لجماعة الإخوان، بعد تأكد السلطات التركية من تلاعبهم بالشروط التي حصلوا بموجبها على الجنسية التركية.
توافق الرؤى المصرية والتركية
فيما يخص الملفات الإقليمية، برز توافق الرؤى بين مصر وتركيا خلال الأزمة في قطاع غزة، حيث قدمت مصر تسهيلات للجانب التركي لتقديم المساعدات الإنسانية إلى القطاع. كما رحبت القاهرة برغبة أنقرة في إعادة افتتاح مكتب الوكالة التركية للتعاون والتنسيق “تيكا” لضمان تدفق المساعدات إلى غزة.
توحيد المواقف
اجتمع مسؤولو استخبارات وخارجية البلدين للوصول إلى تصوّر مشترك بشأن الأزمة في غزة، ما أدى إلى توحيد مواقف الدولتين في المشهد الإقليمي. تجلى ذلك في التصريحات ضد إسرائيل والمطالبة بمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
تطور العلاقات الدبلوماسية
شهدت العلاقات الدبلوماسية بين مصر وتركيا تطورات إيجابية، بدءاً من تبادل السفراء إلى الاتصالات والزيارات المتكررة بين المسؤولين. بعد تقديم السفيرين عمرو الحمامي وصالح موطلو شن لأوراق اعتمادهما، استمرت الزيارات الدورية بين وزيري خارجية البلدين.
التعاون العسكري والدفاعي
في مجال التعاون العسكري، وافقت تركيا على تزويد مصر بطائرات مسيرة دون طيار من طراز “بيرقدار TB2″، مما يعكس عمق التعاون الدفاعي بين البلدين.
تظل زيارة الرئيس السيسي إلى تركيا محطة مهمة في مسار تعزيز العلاقات الثنائية، وتؤكد على التزام البلدين بتطوير التعاون المشترك في كافة المجالات، سواء على الصعيدين الإقليمي أو الدولي.