وليد عوني: أنا من مواليد التجريبي وتكريمي وسام استحقاق
– أعيش في مصر منذ 32 عاما.. ووطني هو من يفتح لي فرص العمل والإبداع
-“صدى جدار الصمت” يستعرض جذور الصراع من خيانة العشاء الأخير لمجازر غزة
– يجب على المؤسسات الفنية أن تفتح المجال لإنتاج عروضا تجريبية بشكل أكبر ليصبح لدينا كم من التجارب المختلفة
يُكرم مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي الفنان والمخرج والمصمم اللبناني وليد عوني، وذلك من خلال الدورة 31، والتي تحمل الدكتور علاء عبد العزيز، ويأتي التكريم تقديرا لدور مؤسس فرقة الرقص المسرحي الحديث بدار الأوبرا المصرية، والتي بدأ نشاطها قبل 32 عاما، وهو أيضًا مخرج عرض “صدى جدار الصمت” الذي قدمه المهرجان في حفل افتتاح المهرجان التجريبي هذا العام، وهو أيضا العرض الذي يشارك باسم دار الأوبرا في المسابقة الرسمية كأحد العروض المصرية بالمهرجان، وهو أول إنتاج مشترك بين المهرجان ودار الأوبرا المصرية.
“الشروق” التقت الفنان وليد عوني في حوار حول تكريمه من مهرجان بدأ معه في دورته الأولى، وتجاربه الجديدة مع التجريب والرقص المسرحي الحديث في عرضه “صدى جدار الصمت”، وهل مازال هذا الفن يحتاج إلى مزيد من الوعي به؟.
في البداية يقول وليد عوني عن عرضه الجديد: “صدى جدار الصمت” يتحدث عن القضية الفلسطينية التي وُلدِلنا معها، ولكن في الوقت الحالي الأمر أصبح يتفاقم أكثر، ويأخذ مشهدية أخرى عن الإنسانية وعن الإبادة والأرض والجذور والصمت، نحن نعيش كل معاناة الضمير التي يُعانيها الإنسان في عالمنا، الموضوع يدور حول الحائط العازل لفلسطين، وهو بطل الحكاية، ولكن ليس الحائط العازل الخاص بالأراضي الفلسطينية، وإنما الحائط العازل الذي عزل فلسطين عن العالم، ومن خلال عدة مشهديات حول الوضع الحالي بغزة، وتخص الضمير العالمي والإنساني والتناقض السياسي، من خلال لوحات استعراضية نحكي عشرات القصص عن مأساة الشعب الأسير في غزة والضفة والقدس، ويستعرض العرض جذور الصراع منذ خيانة العشاء الأخير، ومرورا بالحروب الصليبية، وصولا إلى المجازر الدائرة في غزة.
وأضاف: حاولت أن ادمج في هذا العرض بين الموسيقى الغربية والشرقية، واعتمدت على أغاني فيروز وأم كلثوم وعبد الوهاب عن فلسطين، والديكور هو الحائط العازل المكون من 9 أعمدة، مجهز كشاشات يُعرض عليها أشياء تخدم فكرة العرض، وهذه القطع تتحرك خلال العرض طوال الوقت، إلى أن نصل للتفكك الأخير، وهو تفكك الحائط العازل، إلى جانب الاكسسوارات التي يستخدمها أبطال العرض، والإضاءة لياسر شعلان والمابينج رضا صلاح، والمونتاج والإعداد الموسيقي والسينوغرافيا والإخراج لي.
-بعد رحلة طويلة من الإبداع.. كيف ترى تكريمك من المهرجان التجريبي؟
سعيد بهذا التكريم وخاصة من مهرجان شاركت فيه أكثر من 7 مرات وحصلت من خلاله على عدة جوائز، وأرى ان التكريم بعد سنوات من العمل والاجتهاد ومسيرة طويلة، يكون أفضل، فجميل أن يتكرم الشخص بعد رحلة من العمل والإبداع، لأنه يكون بمثابة وسام استحقاق. فأنا من مواليد المهرجان التجريبي، وتواجدت فيه منذ دورته الأولى، وأعيش في مصر منذ 32 عام ولا أحب أن أقول بلدي الثانية مصر، بل أنا من الوطن الذي يفتح لي ذراعيه للعمل والإبداع فيه، ومصر فعلت معي ذلك وأكثر.
-بعد 31 دورة، كيف ترى المهرجان التجريبي؟
تطور المهرجان يعتمد على طبيعة وظروف كل دورة ورئيسها، إلى جانب الأحداث العالمية التي تحيط بها، فمثلًا وقت الكورونا كان الموضوع له شكل خاص، ولكن بشكل عام المهرجان يتطور، وهذه الدورة مُعدّ لها بشكل جيد ومختلف، ولكن مازلنا نحتاج عدد أكبر من العروض المشاركة، هناك تطور في الفكر، ولكن يجب أن يكون هناك اعداد أكثر من المخرجين الذين لديهم تجارب تجريبية، هذه هي الدورة 31 من التجريبي، فيجب أن نواكب التطور ونذهب إلى ما هو بعد التجريب، كالذكاء الاصطناعي، فيجب أن نواكب ذلك بنفس السرعة، لأنني بدأت اشعر أن الأمر أصبح كلاسيكي، عنوان المهرجان التجريبي يجب أن يظل كما هو، ولكن محتواه يجب أن يتغير ويتطور أكثر من ذلك.
-هل أصبح لدينا وعي بفكرة التجريب والرقص المعاصر والحديث؟
للأسف مازال التجريب مقتصر على فئة المتخصصين وجمهور الخاصة، ولم يصل بعد للمواطن العادي، فكرة التجريب من 10 سنوات بالتأكيد كانت مختلفة عن الآن، لذلك يجب أن يتطور فكر الصُنّاع المُجربون، ويواكبون التطور والحداثة التي نعيشها.
أما الرقص المعاصر فللأسف مازلنا نحتاج انتشار أكثر ووعي بفكرة الرقص المعاصر والحديث، بالطبع تخرج من مدرسة الرقص الحديث العديد من الراقصين الذين اصبح لديهم الآن بصمة ورؤية خاصة، ولكن عددهم لا يزيد عن 10 راقصين وربما اقل، مازال الرقص المعاصر مقتصر على فئة مُعيّنة، الباليه على سبيل المثال يُقبل عليه الجمهور أكثر وعدد عروضه أكثر، فيجب أن يتم إعطاء الرقص المعاصر مجالات أكثر للعروض وأن يتم عرضه أكثر من يوم، ففكرة أن يُعرض العرض المسرحي الحديث يومين فقط غير كافي، يجب أن يُعرض عدد أيام أكثر ليراه الجمهور ويتعرف عليه أكثر، فمن الممكن أن يأخذ مساحات للحضور مثل الباليه، ويُعرض العرض على الأقل 5 أيام، حتى يأخذ وقته في الرؤية، سواء داخل الأوبرا أو خارجها.
-هل فكرتم في تجوال بعروض الرقص المعاصر والحديث بالأقاليم كنوع من الانتشار؟
تجوال تلك العروض يحتاج إلى تكلفة مالية باهظة، إلى جانب عدم وجود مسارح مجهزة لاستقبال طبيعة هذه العروض خارج القاهرة والإسكندرية، ولكن من الممكن أن يتم عمل ورش ومحاضرات تعليمية في القاهرة والمحافظات لتعليم الطُلّاب في الجامعات والجمهور الذي يرغب في تعلم ذلك، ولكن على أن يتم تنسيقها بشكل مناسب.
-وما رأيك في العروض التجريبية المصرية وخاصة عروض الشباب؟
هناك محاولات تُحترم وأفكار جيدة، ولكن يظل لدينا ما ذكرته مسبقًا، فكرة الكم، اننا نرى ونختار من بين عدد محدود، يجب أن تزيد جهات الإنتاج التي تنتج عروض تجريبية، حتى عندما يُقام المهرجان نجد عددًا كبيرًا نختار منه، فمثلُا المهرجان القومي للمسرح يشارك فيه العديد من جهات الإنتاج ما بين مسرح مستقل وجامعي وقطاع خاص وبيت فني إلى آخره، لماذا لا تنتج هذه الجهات عروضًا تجريبية بقدر إنتاجها للعروض المسرحية التي لا تحمل فكر تجريبي؟، فكرة التجريب في حد ذاتها نحتاجها أكثر لنواجه التطور والتكنولوجيا التي نعيشها.