
وشي في وشك.. عرض يفكك رواية الغميضة ويكسر تابوهات المسرح
شهد مسرح “نهاد صليحة” بأكاديمية الفنون في الهرم، مساء أمس الثلاثاء، افتتاح العرض المسرحي “وشي في وشك”، المأخوذ عن رواية “الغميضة” للكاتب والإعلامي وليد علاء الدين، والتي صدرت عن دار الشروق عام 2020. العرض تقدمه فرقة “تفاكيك” في أول ظهور لها على خشبة المسرح، ويخرجه الفنان حسام الصياد، ودراما ترج لإسراء محجوب، وأشعار أحمد مراد، وموسيقى وألحان حسن زكي، واستعراضات محمود نوح، وديكور وملابس هدير مرسي وميرنا هشام وهبة محمد وندى أبو العطا. ويشارك في بطولته مصطفى نعمان، مصطفى هشام مكسيكي، وحمد نور الدين، وعمرو سامي، ومي، ونادية، ومرام، ومريم، وأحمد زكي شيكا، ويوسف هاني، وهديل أيمن، والأطفال ياسين، وساندرا، وأيسل.
حرص على حضور العرض الناشر أحمد بدير، نائب رئيس اتحاد الناشرين المصريين ومدير عام دار الشروق، والدكتور علاء قوقة، أستاذ فن التمثيل بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وعدد من الأدباء والمثقفين المهتمين بالمسرح، فيما رفعت إدارة المسرح لافتة كامل العدد بسبب الإقبال الجماهيري الكبير.
رواية “الغميضة” لعبة سردية بطلها طفلان “ولد وبنت”، يلتقيان في عالم خيالي يخصهما، ويعرض عليها الطفل أن يلعبا الاستغماية “الغميضة”، ولكن البنت التي تخشى الأقنعة والتخفي، تخاف، وتعرض عليه أن تعلمه لعبة أكثر إنسانية اسمها “وشي في وشك” وجهًا لوجه، لأن الأقنعة تخفي إنسانية الإنسان ويصبح كائنًا مغلقًا لا يصلح التواصل معه، وتروق اللعبة للولد الذي كان يرى في أحلامه حكايات وقصصًا كثيرة.
وعن التجربة، يقول الشاعر والروائي وليد علاء الدين إن رواية “الغميضة” تحققت في عرض “وشي في وشك” إلى أقصى درجة ممكنة من الطموح في رؤية الأفكار تتجسد على المسرح بهذا الشكل. ويشير إلى أن الفكرة كانت محمولة على أجنحة من الكوميديا والسخرية والموسيقى والاستعراض الراقص ودلالات الحركة الجسدية، وتعبيرات وجوه الممثلين والأقنعة. مشيرًا إلى انعكاس ذلك على ردود أفعال الجمهور الذي ملأ القاعة، حيث كان متفاعلاً لأقصى درجة، يضحك ويندهش ويحزن ويفرح مع أداء الممثلين والراقصين على خشبة المسرح.
وأكد وليد علاء الدين أن فريق العمل كان متخوفًا في البداية من عدم تحقيق مرادهم في تقديم الفكرة، خاصة وأنها لا تنتمي إلى المسرح الذي يعتمد على الأفيه للضحك فقط، والتي يتجه إليها كثير من المسرحيين في الفترة الأخيرة بدعوى أنها مطلب للجمهور، ولكن ما لمسناه هو أن الجمهور يقبل على الأعمال التي تقدم فكرة مهمة وتراعي ثقافته.
وأوضح أن له خبرات في كتابة الرواية والكتابة للمسرح، ومن هنا يرى أن هناك اختلافًا بين كتابة عمل روائي أو مسرحي وبين العرض المسرحي، والذي شبهه بمصنع فيه مراحل إنتاج متعددة ومتتابعة تسلم بعضها لبعض، وذلك من خلال مجموعة من المديرين. وكلما كان كل منهم يعي حدود دوره وأين تقف مهام مرحلته، كان العمل ناجحًا. مؤكدًا على أهمية الاستعانة بدراما تورج التي كان دورها تخليص الكثافة الموجودة في رواية “الغميضة”، وتحرير الأفكار لتكون أكثر قدرة على التحليق على المسرح.
وأشار كاتب “الغميضة” إلى فكرة فرقة “تفاكيك”، والتي قال إنها تضم مجموعة من المثقفين اتفقوا على أن المسرح شيء مهم، موضحًا أنهم اختاروا الاسم من عنوان مهم ارتبط بشغله في الإعلام، حيث قدم تحت هذا العنوان بودكاست وحلقات مصورة تفكك أفكارًا معقدة ومصطلحات نسي الناس معانيها الحقيقية من كثرة استخدامها وتداولها. ومن هنا اتفقوا على أن تقوم الفرقة المسرحية بتناول الأعمال الأدبية الجادة وتقريبها للجمهور عبر تقديم فرجة مسرحية ممتعة عبر الموسيقى والاستعراض وأشكال الأداء المختلفة، والشخصيات المكتوبة بعناية.
وأضاف أنهم بدأوا بروايته “الغميضة”، والتي يمكن تقديم أفكار منها بتناول مختلف في عروض أخرى، لأن الرواية بها مساحات وشخصيات أخرى يمكن أن تقوم عليها أعمال مسرحية، وهناك أيضًا رواية “كيميا” التي وصفها بأنها أقرب رواياته إلى قلبه، وهي الصادرة عن دار الشروق في 2019، والتي يرشحها لتكون محور العمل المقبل للفرقة.
وكشف وليد علاء الدين أنه عقب العرض الأول لمسرحية “وشي في وشك” مباشرة تلقى دعوتين للمشاركة من مهرجانين دوليين، وأعرب عن أمله في تلقي التجربة اهتمامًا من المؤسسات المعنية بالثقافة والمسرح، وأن تتاح الفرصة لتقديم عروض الفرقة في ربوع مصر لتشاهدها الجماهير في الأقاليم المختلفة.
ومن جانبه، أكد المخرج حسام الصياد سعادته بالمشاركة في تجربة “تفاكيك”، والتي كانت حلمًا تقاسمه المؤلف وليد علاء الدين والموسيقار حسن زكي لسنوات حتى ظهر للنور في مسرح نهاد صليحة. وقال إن مسرحية “وشي في وشك” تخاطب كل الطبقات ومختلف المستويات الثقافية، وأنهم أخذوا من رواية “الغميضة” المعاني والرموز، وشخصيات منها الطفل “أمير” والطفلة “عزة” رمزا البراءة، والذين يرويان الحكايات، و”ريشة” البلطجي، والرجل المزدوج، والذي تناوله العرض من خلال أحد استعراضاته، وشخصية “منى” زوجة الخال “حمدي” التي كانت في الرواية زوجة الأب وتم تغيير وصفها لتناسب السيناريو الذي تم وضعه للمسرحية.
وأوضح الصياد أنه إلى جانب تفكيك النص الأدبي، قام هو بتفكيك عناصر العرض المسرحي وكسر الثوابت، ومنها دخوله في الحوار مع الممثلين من غرفة الكنترول، وكذلك تقديم أغاني وألحان العمل لايف مع الفنان حسن زكي، ومشاركة الفرقة الموسيقية التي تواجدت داخل المسرح. وأكد حسام الصياد أنه استمتع بالعمل مع الفريق، وأن نجاح تجربة “وشي في وشك” يجعله يتطلع لتجارب أخرى مماثلة.
يذكر أن شاعر وكاتب وإعلامي وليد علاء الدين حصل على ماجستير الصحافة من كلية الإعلام جامعة القاهرة، وأن انشغاله بالأدب في شتى فروعه وألوانه دفعه للعمل بالصحافة الثقافية العربية منذ عام 1996. ولديه إنتاج أدبي غزير في المسرح والقصة القصيرة وشعر الفصحى، منها روايات “كيميا” و”ابن القبطية”. كما فاز عمله المسرحي “العصفور” بجائزة الشارقة للإبداع العربي عام 2007، وحصلت مسرحيته “72 ساعة عفو” على جائزة ساويرس عام 2015 لأحسن نص مسرحي.