بعد موافقة تشريعية النواب.. ماذا قال نقيب المحامين عن قانون الإجراءات الجنائية في أول ظهور إعلامي؟
في أول ظهور إعلامي منذ فوزه بمنصب نقيب المحامين نهاية مارس الماضي، عبر عبدالحليم علام، عن موقف النقابة من قانون الإجراءات الجنائية الجديد، خلال سلسلة من التصريحات التلفزيونية مع الإعلامي شريف عامر، مرحبا بالعديد من التعديلات التي تضمنتها مسودة مشروع القانون.
ثقة في وعود البرلمان ومكتسبات المحامين حق مكفول بالدستور
أكد عبدالحليم علام، أنه لا يخشى من تراجع مجلس النواب في جلسته العامة عن المكتسبات التي حققتها النقابة خلال مناقشة قانون الإجراءات الجنائية في اللجنة الدستورية، قائلا: “لا أعتقد ذلك، في ظل الوعود المقطوعة من المستشار حنفي الجبالي ورئيس اللجنة التشريعية، بأن كل مكتسبات المحامين حق مكفول بنصوص القانون والدستور”.
وتابع حديثه: “أعتقد أن المستشار حنفي الجبالي اتفق معي في جميع ما طرحته النقابة، وكان متابعا جيدًا للحوار داخل اللجنة الدستورية أولا بأول”.
وأشار إلى أن النقابة لم تعلن عن المواد التي تم التوافق على تعديلها حتى يتم إعادة صياغتها من قبل اللجنة التشريعية، مضيفا أن النقابة لا تزال تنتظر صياغة 3 مواد من قبل اللجنة التشريعية.
النقابة جزء من الدولة وليست في خصومة مع السلطة
وأوضح علام، أن النقابة مؤسسة وطنية وجزء من الدولة؛ وليست في خصومة مع السلطة أو أي من هيئات الدولة، مشددا على أن مجلس النواب فتح ذراعيه للنقابة واستمع إلى رؤيتها، قائلا: “المجلس فتح ذراعيه بداية من الدكتور حنفي الجبالي والمستشار محمود فوزي وزير الشئون النيابية، والمستشار إبراهيم هنيدي رئيس اللجنة التشريعية، وأعضاء اللجنة التشريعية؛ للنقابة واستمعوا لرؤية النقابة كاملة”.
وأضاف أن النقابة كان لديها العديد من الملاحظات على قانون الإجراءات الجنائية، الذي يمس المجتمع ككل وليس المحامين فقط، لافتا إلى أن القانون يتضمن أكثر من 560 مادة.
ونوه بأن قانون الإجراءات الجنائية الصادر عام 1950؛ لم تقدر أي من المجالس البرلمانية المتعاقبة على الاقتراب منه.
وبشأن الخلافات بين الهيئات والنقابات، قال إن كل جهة تسعى إلى الحصول على المزيد من المزايا، مضيفا: “لا نريد انتقادات، فمجلس النواب فتح ذراعيه لاحتواء الجميع، ويجب أن يستمع لجميع وجهات النظر؛ لأنها في النهاية تصب في مصلحة البرلمان، ومن مصلحة الجميع أن يستمعوا إلى الآراء كافة”.
غياب التنسيق مع نقابة الصحفيين
وقال إن النقابة بادرت بتقديم اعتراضاتها على 21 مادة من مواد قانون الإجراءات الجنائية إلى البرلمان، وانضمت إليها نقابة الصحفيين شريكتها الدائمة في الدفاع عن الحريات، معضدة موقف نقابة المحامين.
وأضاف أن نقابة الصحفيين شكلت لجنة وقدمت مجموعة من المذكرات تم تلخيصها في مذكرة نهائية؛ ولكن بعد انتهاء عمل اللجنة التشريعية، معقبا: “كنا نتمنى أن يتم التنسيق بيننا وبين نقابة الصحفيين، كما حدث مع حزب الوفد”.
نقاط خلافية مع نادي القضاة
وعلى الرغم من الترحيب من قبل نقابة المحامين بتعديلات قانون الإجراءات الجنائية، إلا أن بعض مواده لا تزال محل خلاف مع جهات أخرى، أبرزها نادي القضاة، الذي اعترض على تمرير النص المقترح من نقابة المحامين، بعدما وافقت اللجنة التشريعية على تعديل المادة 242 بعد النص فيها على عبارة مع عدم الإخلال بالضمانات المقررة في قانون المحاماة وتعديلاته، وحذف كلمة التشويش، وإحالة مذكرة رئيس الجلسة إلى النيابة بدلا من إحالة المحامي حال ارتكابه جريمة من جرائم الجلسات.
هل العدالة لا تسقيم إلا بالقبض على المحامين؟
وفي هذا السياق، رأى علام، أن “المادة 242 تخالف كل النصوص” التي تقرر الحماية للمحامين، مثل المواد 98 و198 و49 و50 في دستور 2014، قائلا: “هذه المادة جاءت للإطاحة بها، لا يجب القبض على محامي أثناء ممارسة مهنته أمام الموكل والمتهمين، ويذهب للنيابة مقيد الحرية! هل العدالة لا تسقيم غير بالقبض على المحامين والنيل منهم؟”.
وأضاف أنه في حال إخلال المحامي بالنظام داخل الجلسة، يحرر رئيس الدائرة مذكرة بما حدث للنيابة العامة، متسائلا: “هل إذا تكلم المحامي بعصبية يقبض عليه ويحال إلى النيابة العامة مقيد اليدين؟”.
وأضاف أنه “من المفترض عندما يخرج نادي القضاة بمجموعة من الاعتراضات فإنها يجب أن تراعي الدستور، ولا يمكن لنادي القضاة، أو ممثل وزارة العدل، أو ممثل المجلس الأعلى للقضاء، أو ممثل النيابة العامة؛ أن يخالف الدستور والقانون، باعتبارهم الجهة المنوطة بتطبيق صحيح القانون والدستور”.
وأشار إلى أن البرلمان هو الجهة المشرعة، وليس نقابة المحامين، أو مجلس القضاء الأعلى، أو نادي القضاة، مضيفا أن نقابة المحامين أوضحت رؤيتها بأنه “لا يجب لأحد أن يخالف الدستور والقانون، ونحن في الجمهورية الجديدة”.
وأكد أن دستور 2014 وفر حماية وضمانات في مواده 54 و98 و198 للمحامي والمتهم، مشددا أنه: “لا يجوز لأحد الاعتراض على مادة توفر الحماية للمحامي”.
قانون الإجراءات الجنائية مزايا للمتهم والمحامي
وعلى صعيد آخر، أكد علام أن “قانون الإجراءات الجنائية الجديد يتضمن مزايا كثيرة جدًا، وأفرط في نصوص ومزايا كثيرة في مسألة الحبس الاحتياطي والضمانات المكررة لصالح المتهم والدفاع والمحامي، ولا يجب إغفالها على الإطلاق، ولابد من قراءة نصوص القانون كوحدة واحدة حتى يمكن الحكم عليه، فهو أفضل بكثير من القانون القائم حاليًا”.
وأضاف أن سلطة قاضي التحقيق عدلت في دستور 2014، موضحا أنه تم الانتقاص من سلطة قاضي التحقيق في مسائل كثيرة للغاية؛ لتصبح السلطة العليا الكاملة للنيابة العامة.
الحوار الوطني وتعديل مواد الحبس الاحتياطي
وأشاد بما تم تقديمه من الحوار الوطني، بشأن مقترحات بشأن مواد الحبس الاحتياطي، والذي ترجم في نصوص القانون، مؤكدا أنها “وفرت ضمانات كافية وإيجابية جدًا”، سواء من خلال تخفيض مدة الحبس أو تعويض المتضرر من خزانة الدولة تعويضا جابرًا.
وأوضح أن توصيات الحوار الوطني، بشأن الحبس الاحتياطي تم الأخذ بها، من خلال تقليل مدة الحبس الاحتياطي في الجنح إلى 4 أشهر، وفي الجنايات إلى 12 شهرا، وفي أحكام الإعدام إلى عامين كحد أقصى، مع تعويض المحبوس احتياطيا بتعويض جابر تدفعه الدولة لأول مرة.
وأشار إلى أن بعض المواد بقانون الإجراءات الجنائية تسمح باستجواب المواطن في غياب محاميه، مثل المادة 54 من القانون المعمول به حاليًا، والتي تم إلغاؤها في مسودة مشروع القانون الجديد، في ضوء ما وفره دستور 2014 من حماية وضمانات للمواطنين.
وأكد أنه لا يجوز إجراء أي تحقيق في غياب المحامي وفقا لمسودة مشروع القانون الجديد، موضحا أن تواجد المحامي ضمانة للمحقق وللمتهم.
تجاوب البرلمان غير موقف النقابة
وحول تغير موقف النقابة من الاعتراض على القانون إلى تأييد الشكل شبه النهائي لمشروع القانون، أوضح أن ذلك جاء بعد أن “فتح مجلس النواب ذراعيه للنقابة واستمع إلى رؤيتها، ووافق على إعادة مداولة المواد التي اعترضت عليها، وقدمت النقابة رؤيتها في هذه المواد، وأخذ المجلس برؤية النقابة في الكثير منها”.
وأكد أن “النقابة ليس لديها مشكلة مع الشكل شبه النهائي للقانون”، مشيرا إلى أنها تنتظر فقط ما ستقره اللجنة التشريعية من إعادة صياغة للمواد ثم طرحه على اللجنة العامة بالبرلمان.
وأضاف أن:” النقابة طرحت رؤاها، وأخذت بها اللجنة التشريعية وتم التصويت عليها؛ ولكن اللجنة العامة تستطيع تغيير كل ما انتهت إليه اللجنة التشريعية في كل مواد مشروع القانون”.
تعديلات اللجنة الدستورية والجبالي ضمانة دستورية
وأشار إلى أن النقابة قدمت مذكرة تتضمن 21 مادة تمت مناقشتها بالكامل داخل اللجنة الدستورية، مشددا أن كل الحماية التي يكفلها القانون تخص المواطن؛ وليس المحامي فقط، فالمحامي ليس متهما.
وأضاف أنه تم العودة إلى نص المادة 13 من قانون الإجراءات الجنائية الحالي في المادة 15 من مشروع القانون الجديد، بعد اعتراض المحامين على عبارة “خارج الجلسة”، التي تم حذفها.
كما لفت إلى إلغاء الفقرة الثانية من المادة 72 من مشروع القانون، والتي كانت تمنع المحامي من الكلام إلا بإذن بعد العودة إلى نص القانون الحالي، قائلا: “تم كذلك العودة إلى نص القانون الحالي بعد اعتراض المحامين”.
ونوه بأن مناقشات المادتين 143 و144، بشأن التحفظ على الأصول والممتلكات؛ تم تأجيلها إلى اللجنة العامة، لوجود خلافات وأمور شائكة لم تحسم بعد.
وبشأن المادة الخاصة بالأحكام الغيابية التي تصدر في غياب المتهم، سواء بالإدانة أو البراءة، أوضح أنه وفقا للمادة في كلتا الحالتين يجوز للنيابة العامة استئناف الحكم، مشيرا إلى أن النقابة اعترضت على هذا النص، لا سيما فيما يتعلق بالحكم بالبراءة، لأن ذلك “يفوت على المتهم درجة من درجات التقاضي، ويجبره على الطعن بالنقض، ويقدم للمحاكمة وهو محبوس”.
وأكد أن اللجنة التشريعية عدلت المادة؛ ليتم العودة إلى الإجراءات الطبيعية أمام محكمة أول درجة.
وأوضح أن هناك موادا كثيرة طالبت النقابة بإعادة صياغتها، وبعضها حذفها، لافتا أن النقابة تمسكت بالنص الذي عرضته الحكومة في المادة 104 لاكتفائه.
ونوه بأن “النقابة تحدثت عن شبهة عدم دستورية في بعض مواد القانون، ولكننا نعلم بأن رئيس البرلمان، المستشار حنفي جبالي، وهو فقيه دستوري وقانوني يشار إليه بالبنان في كل المحافل، أعتقد أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يقبل بأن يمر نص به شبه عدم دستورية”.
اللجنة العامة الكلمة الفصل
وفي الختام، شدد علام، أن اللجنة العامة في البرلمان هي “صاحبة الرأي الفصل” في القانون، مشيرا إلى أن اللجنة التشريعية أنهت عملها يوم الأربعاء؛ ولكن النقاش لا يزال مفتوحا أمام اللجنة العامة.
جدير بالذكر، أن لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب قد أقرت مشروع قانون الإجراءات الجنائية الأربعاء، تمهيدًا لعرضه على المجلس في مستهل دور الانعقاد الخامس عقب انتهاء الإجازة البرلمانية.
وأكد مجلس النواب، في بيانه الصادر أمس الخميس؛ أن مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد خطوة هامة في تحديث النظام القانوني في مصر، مشيرا إلى أنه “ما زال يفتح أبوابه لمناقشة أي تعديلات على مشروع القانون قد يراها البعض ضرورية”، شريطة أن تهدف إلى إرساء نظام عدالة ناجزة وتعزيز الحقوق والحريات العامة.