ما حكم شراء الحلوى وأكلها في ذكرى المولد النبوي؟.. الأزهر يجيب
تحل ذكرى المولد النبوي الشريف أو مولد الرسول، وهو اليوم الذي ولد فيه النبي محمد بن عبدالله، خاتم الأنبياء والمرسلين، في 12 ربيع الأول، في الذكرى التي يحتفل بها المسلمون في كل عام، ليس باعتباره عيدًا أو عبادة، بل فرحة بولادة نبيهم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، حيث تبدأ الاحتفالات الشعبية من بداية شهر ربيع الأول إلى نهايته.
وهذا العام، أعلن المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية عن موعد المولد النبوي الشريف، والذي سيوافق الإثنين، 16 سبتمبر 2024، الموافق 12 ربيع الأول 1446 هـ.
ولكن، ما حكم شراء حلوىٰ المولد وأكلها في ذكرىٰ المولد النبوي الشريف؟
رد الأزهر الشريف على هذا السؤال بأنه من أجلِّ أنواع القُرَبِ لله رب العالمين حمدَه وشكر نعمته سبحانه وتعالىٰ علىٰ خلقه؛ ولذلك افتتح سبحانه كتابه بقوله: {الحمد لله رب العالمين} [الفاتحة:2].
وما من نعمةٍ أجلَّ من نعمةِ الرسالةِ والبلاغِ والبيانِ للخلقِ التي تحيي عقولَهم، وتربي نفوسَهم، وتوجههم إلىٰ المعبودِ الحقِّ سبحانه وتعالىٰ، ومعلومٌ أنَّ بدرَ التتمةِ، وسيدَ الختامِ، نبينَّا محمدًا عليه الصلاة والسلام هو الذي أتم الله به النعمة، وقوَّم به الملة، وهدىٰ به العرب والعجم، وحلت به أكابرُ النعم، واندفعت به شرور النقم، فهل ينكر عاقلٌ ذو لُبٍّ جوازَ الفرح بمولدِه وطلعته المُنيرةِ علىٰ الأرض، فمولدُه يومٌ من أيام الله عز وجلَّ.
وكما كانت لبني إسرائيل أيامٌ نجَّاهم اللهُ تعالىٰ فيها من ظلمِ فرعونَ واستكبارِه، وأمر نبيَّ الله موسي عليه السلام أن يذكِّرهم بها فقال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَي بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَي النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [إبراهيم:5].
كذلك من أيام الله تعالىٰ علىٰ أهل الأرض مولدُ النبي ﷺ الذي دفع الله به عن أهل الأرض ظلماتِ الغيِّ والبغيِ والضلالة. وقد سنَّ لنا رسولُ الله ﷺ بنفسه جنسَ الشكر لله تعالىٰ علىٰ ميلاده الشريف؛ فقد صحَّ أنه كان يصوم يوم الاثنين، فلما سُئل عن ذلك قال: «ذلك يومٌ وُلِدتُ فيه» رواه مسلم.
وإذا ثبت ذلك وعُلم فمن الجائز للمسلم -بل من المندوبات له- ألا يمرَّ يومُ مولدِه من غير البهجة والسرور والفرح به ﷺ، وإعلانِ ذلك، واتخاذِ ذلك عُنوانًا وشعارًا.
وقد تعارف الناسُ واعتادوا علىٰ أكل وشراء أنواعٍ من الحَلوىٰ التي تُنسب إلىٰ يوم مولدِهِ ﷺ ابتهاجًا وفرحةً ومسرَّةً بذلك، وكلُّ ذلك فضلٌ وخير، فما المانع من ذلك؟! ومن يجرؤ علىٰ تقييد ما أحله الله تعالىٰ لخلقه مطلقًا؟! والله تعالىٰ يقول: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ…} [الأعراف: من الآية 32].
وما وجه الإنكار علىٰ إعلان يوم مولده شعارًا يتذكَّرُ المسلمون فيه سيرته، ويراجعون فضائلَه وأخلاقَه، ويَنْعَمون فيما بينهم بصلة الأرحام، وإطعام الطعام التي حثَّ عليها صاحبُ المولِدِ الأنورِ ﷺ.
وعليه؛ فلا بأس بشراء وأكل حلوىٰ المولِد النبويِّ الشريف، والتوسعة علىٰ الأهل في هذا اليوم من باب الفرح والسرور بمقدِمه ﷺ للدنيا، وقد أخرج اللهُ تعالىٰ الناسَ به من الظلمات إلىٰ النور. والله تعالىٰ أعلم، وصلىٰ الله علىٰ سيدنا ومولانا محمد وعلىٰ آله وصحبه أجمعين.