فيلم ماما الفائز بجائزة ميدفيست: يعبر عن تعقيدات المسئولية التي تلغي الحزن
فاز فيلم “ماما” بجائزة أفضل فيلم مصري روائي قصير من مهرجان ميدفيست للسينما، الذي أقيمت فعالياته في الفترة من 12 إلى 15 سبتمبر الجاري، وشمل عرض 17 فيلماً ضمن المسابقة الرسمية، من بينها 9 أفلام مصرية.
وهذه ليست الجائزة الأولى التي يحصل عليها الفيلم، حيث سبق أن حصل على جائزة أفضل فيلم روائي قصير من مهرجان مالمو للفيلم العربي بالسويد. الفيلم من إخراج ناجي إسماعيل، وإنتاج كوثر يونس، وبطولة مي الغيطي ودانيال شريف. ضم فريق العمل خلف الكاميرا الاستايلست ريم العدل، ومونتاج ساندرو كنعان، ومدير التصوير مصطفى الششتاوي.
كان العرض الأول لفيلم “ماما” في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وهو الفيلم القصير الثالث في مسيرة المخرج ناجي إسماعيل، بعد فيلم “أم أميرة” الذي شارك في المسابقة الرسمية لمهرجان برلين السينمائي، وفيلمه الثاني “البنانوة”.
عندما تلغي المسئولية شعور الفقد
يتناول فيلم “ماما” قصة مستوحاة من واقعة حقيقية، وتدور أحداثه حول فتاة في مقتبل العمر وشقيقها الصغير، يعيشان في شقة بسيطة بمدينة الإسكندرية. تخفي الفتاة سراً كبيراً عن الجميع، وتحاول التعايش مع هذا السر لفترة زمنية.
يكتنف الفيلم بالغموض إلى حد كبير، حيث تطرح عناصره الأساسية في البداية أسئلة فقط دون تقديم إجابات. يعتمد الفيلم على التشويق وتصاعد الأحداث للكشف عن الحقيقة في النهاية، ويركز صناع الفيلم على التفاصيل في كل الكادرات المرئية، مثل: التقويم اليدوي الموجود على الحائط والذي تهتم البطلة بشطبه يومياً، والسرير الفارغ، والغرفة الممتلئة بالكراكيب، والقناع الذي يرتديه البطلة وشقيقها بمجرد دخولهما المنزل، ورنات الهاتف التي لا تجيب عنها، واختيار الأبيض والأسود كثيمة لونية أساسية للعمل، وكأن الأشخاص عالقون في الماضي.
تتوالى الحقائق خيطاً خيطاً، مع ظهور العم الذي يطارد الفتاة بين الحين والآخر، ثم الغرفة الفارغة التي تجلس فيها البطلة بمفردها، بعد أن تقنع شقيقها بأنها تطعم والدتهما المريضة. نكتشف سبب القناع في النهاية، عندما تكمل البطلة 21 عاماً، وأثناء ذلك تبدأ في تنظيف الغرفة وترتيبها قبل أن تبلغ الشرطة.
من أهم لحظات الفيلم هي لحظة الكشف عن الحقيقة، حيث تنظر الفتاة طويلاً نحو خزانة الملابس، وتركز الكادرات على عينيها ويديها. ثم تأتي لحظة الانهيار التي تم تأجيلها طويلاً. تفتح الخزانة، وتتشابك لحظات الرعب مع الأفلام الأجنبية، لنجد جثة تآكل جزء من وجهها. تتراجع البطلة وتجلس أمام الجثة وتبكي بقوة، ولم يظهر عليها الحزن في أي مشهد سابق، وكأنها لم تفقد أمها.
وعلل الدكتور أحمد أبو الوفا، استشاري الصحة النفسية، هذا التصرف قائلاً عقب عرض الفيلم: “شعور الفرد بالمسؤولية تجاه علاقة ما يمكن أن يجعله يتصرف من خلال سلوكيات غير منطقية، مثلما فعلت البطلة، عندما أخفت موت والدتها 5 شهور، حتى تبلغ 21 عاماً وتستطيع أن تكون المسؤولة عن شقيقها والمنزل وفقاً للقانون.”
“ميدفست مصر” هو ملتقى دولي للأفلام القصيرة، ويُعتبر الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط. يجمع بين عالم الفن وصناعة الأفلام وعالم الطب والصحة. تأسس في عام 2017 على يد الدكتور مينا النجار والدكتور خالد علي، ويعرض الملتقى مجموعة من الأفلام المختارة بعناية، تليها منصات حوارية للنقاش مع خبراء في مجالي الطب وصناعة السينما. بالإضافة إلى ذلك، يقدم الملتقى برنامجاً موازياً على مدار العام يتضمن ورش عمل، محاضرات، وورش ماستر كلاس؛ لتعزيز النقاشات العميقة حول الفن والصحة، فضلاً عن عروض أفلام شهرية.