مديرة مرصد الأزهر لمكافحة التطرف لـ«الشروق»: مصر تجاوزت مرحلة خطر الإرهاب عسكريًا وفكريًا
– لم نرصد خطابًا مؤججًا ضد اللاجئين فى مصر.. والشعب يتعامل معهم كضيوف
– المقاومة حق طبيعى ورد فعل متوقع بتزايد عنف الاحتلال ضد الفلسطينيين
– قدرة «داعش» على تطوير وسائله تجعله أكثر التنظيمات خطرًا وتأثيرًا حتى الآن
– مثلث الموت فى إفريقيا موجود فى بوركينا فاسو وموزمبيق والنيجر
أكدت مدير مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، الدكتورة رهام عبد الله سلامة، أن مصر تجاوزت مرحلة خطر الإرهاب عسكريًا وفكريًا، مشيرة إلى أن المرصد لم يرصد خطابًا مؤججًا ضد اللاجئين فى مصر يصل لحد الظاهرة، وأن الشعب المصرى يتعامل معهم كضيوف.
وفى حوارها مع «الشروق»، تحدثت سلامة التى كرمها الرئيس عبد الفتاح السيسى، خلال احتفالية يوم المرأة المصرية فى شهر مارس الماضى، عن الدور الأساسى للمرصد، وطبيعة وآليات عمله، والجهات التى يتعاون معها، مؤكدة أن قدرة تنظيم «داعش» الإرهابى على تطوير وسائله تجعله أكثر التنظيمات خطرًا وتأثيرًا حتى الآن.
وإلى نص الحوار.. < هل تجاوزت مصر مرحلة الخطر من بعض الخطابات المتطرفة؟ ــــ عسكريًا تجاوزت مصر مرحلة الخطر تمامًا، وفكريًا تجاوزنا مرحلة الخطر شبه كامل، فنحن لا نزال نعمل ليس فقط على سبيل المواجهة ولكن الوقاية.
< هناك بعض الخطابات عبر وسائل التواصل الاجتماعى تؤجج العنف ضد اللاجئين، فهل قد يكون مؤشرًا للعنف؟ ـــــ على مستوى عملنا لم نرصد خطاب كراهية لدرجة التعامل معه كظاهرة، وإن كانت هناك بعض الخطابات الفردية، بل الخطاب العام حتى على مستوى القيادة والشعب يتعامل مع اللاجئين باعتبارهم ضيوفا.
< وماذا عن تكليفك كأول امرأة لتولى منصب مدير مرصد الأزهر لمكافحة التطرف؟ ـــــ عملى فى المرصد لم يكن جديدًا علىّ؛ فكنت مُكلفة منذ عام 2015 وحتى 2021 بمسئولية إدارة وحدة الرصد باللغة الأردية (اللغة الرسمية فى باكستان)، باعتبارى أحد أعضاء هيئة التدريس فى كلية الدراسات الإنسانية، بجامعة الأزهر، وفى عام 2021، تم تكليفى بإدارة المرصد من قبل شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، بناء على ترشيح زملائى، وفى البداية كنت أفضل الاستمرار فى دائرة عملى التى أتقنها، إلا أن انتمائى للمرصد وإيمانى بدوره المهم، كان سببًا لتحملى المسئولية بتحدياتها المختلفة.
< ما هو الدور الأساسى للمرصد؟ وتطوره؟ وطبيعة وآليات عمله؟ ـــــ عندما بدأت فكرة إنشاء المرصد فى 2015، جمع شيخ الأزهر المتميزين فى اللغة لرصد الواقع، فيما يتعلق بالتطرف والجماعات المتعلقة به، والتى كان أهمها فى تلك الفترة تنظيم «داعش» وظهوره وانتشاره؛ فبدأنا بـ7 لغات وهى: إنجليزى، وفرنسى، وفارسى، وأردو، وألمانى، وإسبانى، واللغة الإفريقية، ثم أضفنا وحدات عربى، وصينى، ويونانى، وعبرى. واقتصر العمل فى البداية على قطاعات اللغة فقط، واستحدثنا لاحقًا وحدات لوجيستية؛ مثل البحوث والدراسات، والتقارير الدورية، والوحدة الإعلامية، لتخريج منتج يعبر عن أفكار وأهداف المرصد، وكثفنا تواجدنا مع المجتمع، سواء من خلال شبكات التواصل الاجتماعى، أو حملاتنا الميدانية.
ويمكننا القول إن المرصد مركز بحثى، ثم إعلامى؛ فى إطار الأهداف الأساسية: الرصد، ثم التحليل، ثم الرد على ما يستحق؛ لرفع الوعى وتنمية التفكير النقدى خصوصًا لدى الشباب والمرصد بطبيعته عمله نوعى، ويحظى بدعم كامل من شيخ الأزهر، وكذلك مفتى الجمهورية نظير عياد، حيث كان مشرفا عاما على عمل المرصد قبل تولية منصب المفتى.
< ما أبرز الجهات التى يتعاون معها المرصد على الصعيد المحلى والدولى؟ ــــ لدينا بروتوكول تعاون مع وزارتى الشباب والرياضة، والتعليم العالى والبحث العلمى، وأيضا مع مركز القاهرة الدولى لتسوية النزاعات التابع لوزاة الخارجية، كما لدينا تواصل متبادل تقريبا مع كل الجامعات المصرية لكن حتى الآن لم يتم توقيع بروتوكول تعاون رسمى، وجار تنفيذ الخطوة مع جامعة القاهرة.
وإقليميًا؛ نتعاون مع التحالف الإسلامى العسكرى لمكافحة الإرهاب فى الرياض، وهو يعتمد على المرصد فى كثير من أبحاثه، أما عالميًا؛ لدينا بروتوكول تعاون مع أوزباكسنتان، وفى إندونيسيا مع جامعة «مالانج»، ومع إدارة مسلمى ماليزيا، والمركز الأوروبى للبحوث والدراسات المتعلقة بالإرهاب فى ألمانيا؛ كما نستقبل أكثر من طلب لإلقاء محاضرات لدبلوماسيين مثل أعضاء السفارة اليابانية، وكذلك دبلوماسى سفارة بولندا.
< هل تشهد قضية الإسلاموفوبيا فى الغرب خلال الفترة الماضية تصاعدًا أم العكس؟ ــــ مظاهر الإسلاموفوبيا تتزايد فى المجتمعات الأوروبية، وزادت منها أحداث فلسطين الأخيرة، بل إن ظهور المسلم فى صورته الواضحة سواء من خلال الحجاب أو اللحية قد يعرضه للخطر أحيانًا أو المنع من التعليم كما يحدث فى بعض مؤسسات التعليم فى فرنسا. ويؤجج ذلك الخطاب الإعلامى الأوروبى الذى يشهد تطرفا؛ وقد رصدت دراستنا نسبة قاربت 45% من الإعلام عبر وسائل التواصل الاجتماعى الغربى يغذى فكر الإسلاموفوبيا؛ فضلًا عن تصاعد اتجاه اليمين المتطرف عالميًا.
< يشهد العالم حاليًا تصاعدًا فى تيار اليمين، كيف يؤثر ذلك على المسلمين فى بعض الدول الغربية؟ ــــ لدينا عدد كامل باللغة الإنجليزية يوضح خريطة سيطرة اليمين المتطرف فى جنوب أوروبا، وبشكل كبير هو غذى الخوف والرهاب من الإسلام، ويغذى فكر الإسلاموفوبيا، كما أن تصاعد هذا العنف يوصل فى النهاية لتزايد التطرف المقابل كردة فعل، ويظهر ذلك بوضوح فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فقد شهد المجتمع الأوروبى عدة حوادث عنف كرد فعل على ما يحدث فى غزة كنوع من الانتقام، وهذا ما نحذر منه دائما، فمهما اختلفت المسميات بين الانتقام أو المقاومة أو غيرها إلا أن تصاعد التطرف يولد دائرة لا تنتهى من العنف والتطرف المقابل.
< ما هى أكثر التنظيمات المتطرفة التى لا تزال ذات نشاط مكثف، وأى المناطق الأكثر تهديدا عالميًا وإقليميًا؟ ـــــ «داعش» أصبحت غير متواجدة بقوة فى العراق وسوريا، ولكنها موجودة بشدة فى خراسان، فيما يعرف بداعش خراسان، وباكستان، ولكن للأسف لا يزال أكثر التنظيمات تأثيرا فكريا حتى اليوم، وكان أول إصدار له باللغة الأردية منذ شهر فهو مستمر فى تطوير نفسه، كما أن التنظيم متواجد بقوة على «تليجرام» ولديه محتوى قوى وعدد هائل من المتابعين، وكذلك حركة طالبان فى باكستان، وبوكو حرام فى إفريقيا، وحركة الشباب الصومالية، وكلها لا تزال بقوة وكثافة فى هذه المناطق.
ففى إفريقيا وتحديدًا فى موزمبيق، طالبونا ببروتوكول تعاون لأن إقليم كابو دلجادو من يوم 5 مارس حتى اليوم، أكثر من 70 ألف مواطن فروا من منازلهم، و85% منهم من السيدات، فأكبر عامل لتواجد داعش هناك هو وجود موارد نفطية وأهمية استراتيجية للإقليم، ما يعنى بوضوح أن التنظيم لا يزال لديه عتاد.
وفى مثلث الموت فى إفريقيا بوركينا فاسو وموزمبيق والنيجر، الوضع الأمنى غير مستقر تماما بسبب المواجهات بين بوكو حرام وحركة الشباب الصومالية، وفى النهاية الحراك العالمى لمواجهة الإرهاب تحكمه المصالح فى الخفاء، وهو ما قد يكون أحد أسباب عدم القضاء الحقيقى على الإرهاب فى العالم.