الحياة حلوة.. إحدى أفلام كفاح الإنسان الفلسطيني نحو حلمه رغم الظروف داخل معهد جوته بالقاهرة
يقيم معهد جوته طقسه السنوي “أسبوع الأفلام”، الذي يتضمن برنامجًا متنوعًا من الأفلام العربية والأجنبية، الوثائقية والروائية، خلال الفترة من 17 إلى 23 سبتمبر في مقر المعهد بالقاهرة بين الدقي ووسط البلد، وفي الإسكندرية من 19 إلى 24 سبتمبر في مقر المعهد بشارع البطالسة ومركز الجزويت الثقافي.
يتضمن برنامج الأفلام الألمانية ثمانية أفلام طويلة وخمسة قصيرة تم إنتاجها خلال العامين الماضيين، مع ترجمة عربية، ويُعرض معظمها لأول مرة في مصر. أما برنامج الأفلام العربية، فيشمل سبعة أفلام طويلة وستة قصيرة من مصر ولبنان وفلسطين والسودان واليمن تحت عنوان (من العائلة… للوطن)، مسلطًا الضوء على موضوعات الأرشيف والذاكرة التي كانت محورية في صناعة الأفلام العربية خلال العامين الماضيين، في ظل سياق عام من الهجرة والحروب التي شهدتها العديد من الدول.
عُرض ضمن الأفلام العربية، الخميس 19 سبتمبر، فيلم “الحياة حلوة” للمخرج الفلسطيني محمد جبالي، بحضور جمهور شاب، وتفاعل ونقاش مفتوح بعد مشاهدة الفيلم.
حي الشجاعية الذي دُمر.. رأيناه بالأمس
يحكي فيلم “الحياة حلوة” رحلة المخرج محمد جبالي على مدار 7 سنوات، مطالبًا بحقوقه كفلسطيني وصانع أفلام بعد أن حوصر في مدينة ترومسو، أقصى شمال النرويج، بسبب ظروف خارجة عن إرادته. ومن خلال أرشيفه الشخصي ومكالمات الفيديو، يشارك شوقه لغزة وأصدقائه وعائلته، وهو يحاول بناء حياة جديدة وسط الثلوج.
أُنتج فيلم “الحياة حلوة” عام 2023، قبل أن تصبح غزة ركامًا جراء الحرب الإسرائيلية على القطاع، مما جعل الفيلم أرشيفًا حيًا يمكن من خلاله رؤية حي الشجاعية الذي فتك به الاحتلال. وعلى الرغم من أن الفيلم تدور أحداثه في أكثر من مدينة، إلا أن حي الشجاعية يظهر بشكل ملحوظ.
غادر محمد غزة بعد دعمه من مؤسسة نرويجية، وبمساندة هيرمان وزوجته مارثا، وهما شخصيات نرويجية داعمة له. أقام في منزلهما وحاول الانضمام إلى مدرسة السينما لتحقيق حلمه في دراسة هذا الفن الذي حاول تعلمه بالممارسة في غزة. لذا كانت الكاميرا جزءًا من يده، مسجلاً مشاهد مختلفة من حي الشجاعية، بما في ذلك الأسواق وأماكن اللعب والمحلات والوجوه وسيارات الإسعاف أثناء القصف الإسرائيلي.
إسعاف.. فيلم جبالي الذي يعبر عن معاناة غزة
قرر محمد توظيف المادة المصورة الضخمة أثناء تطوعه لمدة 51 يومًا مع هيئة الإسعاف في غزة. اعتبر ما صوّره بمثابة عين تنقل حياة أهل غزة للعالم.
حصل على منحة لإنتاج فيلمه “إسعاف”، واضطر للسفر إلى كوبنهاغن للقاء المونتيرة التي ستساعده في مونتاج المادة. صنع دعاية فريدة للفيلم أثناء عرضه باستخدام سيارة إسعاف تشبه تلك في غزة، مليئة بالثقوب والزجاج المكسور جراء القذائف، وتحركت السيارة في محيط دار العرض.
كان “إسعاف” أحد إنتاجات جبالي الهامة، التي قضى وقتًا ومجهودًا كبيرين في إخراجها، واستحوذت مراحل إنتاجه على جزء كبير من فيلم “الحياة حلوة”، الذي يعبر عن مشاعر محمد المرتبطة بوطنه وأحلامه.
الأم والوطن والأحلام.. مثلث الحياة
الفيلم يحمل ثلاثة خطوط درامية: الأولى علاقة محمد بأمه، التي يوجه لها كلامًا خاصًا في العديد من المشاهد، وينتهي الفيلم عندما يعود إليها. الخط الثاني يتعلق بعلاقته بوطنه، فلسطين وغزة، التي يعتبر نفسه عينًا لها في الخارج. يعبر عن آلامها وسعادتها عبر دمج مشاهد أرشيفية ومكالمات فيديو مع عائلته وأصدقائه. الخط الثالث هو علاقة محمد بالسينما، التي يحارب من أجل تعلمها والنجاح فيها.
رغم طول الفيلم، تنقل محمد بين هذه الخطوط الدرامية كسر الشعور بالملل، واحتوى على مجموعة من المشاعر المتنوعة بين السعادة والانتظار والقلق، ما ساعد على دمج المشاهد في الحدث السينمائي دون التفكير في النهاية.