نيكول كيدمان.. قطعة ملهمة من التمثيل وأداء لا يعرف الخوف
• نجمة «بيبى جيرل» بعد فوزها بلقب أفضل ممثلة: قلبى مكسور ومهتمة دائمًا بفحص البشر
• تجسد فى فيلمها الجديد قصة حب الذات.. ونقاد: مذهلة وحميمية وآسرة.. وقدمت أكثر عروضها جرأة وتأثيرًا منذ سنوات
من جديد.. تفاجئ النجمة نيكول كيدمان (57 عامًا) الجمهور والنقاد بتجسيدها شخصية أكثر إثارة وجرأة سواء فى صورتها على الشاشة أو فى مضمونها الفكرى بل وتفوز بجائزة عالمية كبرى.. وهو ما حدث مع فيلم «بيبى جيرل» الذى اقتنصت من خلاله وعن أدائها المدهش جائزة أفضل ممثلة بمهرجان فينيسيا السينمائى الدولى الـ 81.
فى الليلة الأولى للعرض بقاعة «سالا جراندى» حظيت النجمة بتصفيق حار من الحضور لمدة 7 دقائق منتزعة آهات إعجاب وهى تقف بجوار فريق التمثيل هاريس ديكنسون، وأنطونيو بانديراس، وصوفى وايلد، بالإضافة إلى المخرجة هالينا راين، بعد العرض، عانقت راين وكيدمان وتبادلتا أطراف الحديث أثناء نزولهما من صالة المسرح. ولم يتوقف التصفيق إلا عندما تم اصطحابهما خارج المبنى.
فى الليلة الأخيرة للمهرجان تم الإعلان عن فوز كيدمان، لكنها لم تشأ أن تحضر لحظة التتويج والتى حظيت بتصفيق كبير أيضا، بسبب وفاة والدتها وهو ما اضطرها للمغادرة قبل الحفل بساعات قليلة وقالت: «قلبى مكسور».
وكتبت كيدمان فى رسالتها للمهرجان والتى قرأتها المخرجة هالينا راين: «وصلت إلى فينيسيا لأكتشف بعد وقت قصير وفاة والدتى الشجاعة والجميلة، جانيل آن كيدمان.. أنا فى حالة صدمة ويجب أن أذهب إلى عائلتى، لكن هذه الجائزة هى لها».
وتابعت: «لقد شكلتنى، وأرشدتنى، وصنعتنى.. لكن الاصطدام بين الحياة والفن أمر مفجع.. قلبى محطم.. أحبكم جميعا».
وتحدثت الممثلة عن تأثير والدتها على مسيرتها المهنية؛ حيث قالت فى ذلك الوقت إن جانيل شجعتها دائمًا وساعدتها فى تحقيق أهدافها.
وفقًا لمجلة هوليوود ريبورتر قالت كيدمان «لقد منحتنى الحماس لمواصلة المهنة التى أمارسها لأننى كنت أرغب دائمًا فى إرضائها.. لكنها شقت طريقها الخاص وأرادت أن تحظى بناتها بنفس الفرصة لشق طريقهن».
وأضافت كيدمان: «لم تحصل أمى بالضرورة على المهنة التى أرادتها، لكنها كانت مصممة على أن تحظى بناتها بفرص متساوية. لقد منحتنى حياتى. وأعطتنى حياتى، هى وأبى».
ونعود إلى فيلم الإثارة «بيبى جيرل» للكاتبة والمخرجة هالينا راين، فهو يدور حول «رومى» أو كيدمان «المديرة التنفيذية القوية والثرية لشركة تكنولوجيا عالية الطاقة، والتى تضمر رغبة مكبوتة فيما يتعلق بعلاقتها بالجنس والتى تضع مسار حياتها على المحك عندما تبدأ علاقة غرامية محمومة مع متدربها صامويل (هاريس ديكنسون)، الأصغر سنًا منها كثيرًا.. وتتعرض حياتها الشخصية ومسيرتها المهنية للخطر بسبب تموجات تلك العلاقة، وخاصة علاقتها بزوجها المخلص (أنطونيو بانديراس) وابنتيهما.
قالت كيدمان إن صنع الفيلم مع راين كان تجربة «محررة». وقالت عن الفيلم، «من الواضح أنه يتحدث عن الجنس» لكن هذا مجرد جزء من القصة، فهو يتحدث أيضًا عن «الرغبة والأسرار والزواج، والحقيقة والقوة والموافقة ويتحدث عن أفكارك الداخلية. ومن المؤكد أنه سيُلهم المحادثات لأشهر قادمة».
وتواصل: هذه قصة امرأة واحدة، ترويها من خلال نظرتها، والتى توجد فى نص هالينا ــ كتبتها وأخرجتها ــ وهذا ما جعلها فريدة من نوعها بالنسبة لى: فجأة أصبحت بين يدى امرأة تحمل هذه المادة، وكان من المهم أن أتمكن من مشاركة هذه الأشياء بحرية كاملة».
وتضيف: «هذا لا يعنى أن الفيلم لا يتعلق أيضًا بالرجولة. إنه يتعامل مع الأنوثة والذكورة والقوة والسيطرة والجنس وكل تلك الأشياء المختلفة. وأعتقد أن جوهره بالنسبة لى يتعلق بالسؤال، هل يمكننى أن أحب نفسى بكل طبقاتى المختلفة؟ «وأتمنى أن يكون بمثابة تكريم لحب الذات والتحرر».
«كنت متوترة وكنت آمل ألا ترتجف يداى»، اعترفت نيكول كيدمان، عندما بدأت فى تلقى الأسئلة حول فيلمها خلال المؤتمر الصحفى الرسمى بمهرجان فينيسيا السينمائى. «هذا الدور يتركنى بلا شك مكشوفة وضعيفة وخائفة.. لكنى لا أنشغل بـ «التفاصيل الدقيقة» لإظهار الحياة الجنسية على الشاشة.
وقالت إنها كممثلة مهتمة دائمًا بفحص البشر ــ وخاصة النساء ــ على الشاشة واستكشاف الأسئلة حول ما يعنيه أن تكون إنسانًا ومتاهة ذلك.
حظى الفيلم باشادات نقدية عالمية، أشاد دامون وايز من موقع «ديدلاين» بأداء كيدمان. قائلاً: «إنها حقًا تقطع المسافة، وتغرس فى شخصية رومى التى تجسدها ضعفًا نفسيًا محكما، كما وصف أداءها هى وديكنسون بأنه «قطعة ملهمة من التمثيل».
أشاد نيكولاس باربر من بى بى سى بإخراج رين الجرىء على الطراز المستقل فى فيلم بيبى جيرل، مسلطًا الضوء على كيفية تجنبها للمعان المعتاد فى هوليوود، واختيارها بدلاً من ذلك الكشف عن الحقيقة الخام وغير المصقولة وراء لحظات مثل وصول العائلة حقيقة المتدرب أو اكتشاف زميل عمل للعلاقة. أشاد باربر أيضًا بأداء كيدمان الجرىء والآسر، ووصفه بأنه أحد أكثر عروضها جرأة وتأثيرًا منذ سنوات.
وصف ديفيد رونى من «هوليوود ريبورتر» الفيلم بأنه «مثير ومظلم ولا يمكن التنبؤ به»، وأشاد بأداء الممثلين. وذكر أن ديكنسون كان «ذات حضور مغناطيسى على الشاشة»، وكانت كيدمان «فى حالة مذهلة، تتأرجح من الغضب إلى الخوف إلى الموافقة الشهوانية الجشعة». فيما أشاد ريتشارد لوسون من موقع «فانيتى فير» بالفيلم بشكل عام قائلاً «تخلق المخرجة رين شعورًا بأننا نشاهد مواضيع اختبار مشاعرنا من خلال مرآة ذات اتجاهين، وربما يتوق المرء إلى المزيد من الحرارة من فيلم مستعد جدًا لمعالجة الأمور الحميمة».
فى مراجعة أكثر انتقادًا، ذكر زان بروكس من صحيفة الجارديان، «على الرغم من كل ما فيه من شهوانية مثيرة وصراعات قوى متأرجحة، فإن الإثارة فى الفيلم تبدو وكأنها آلة ومضغوطة.. ومع ذلك، أشاد بأداء كيدمان «المشرق والجرىء» لأنه «يحمل نغمة عليا من الضيق، كما لو أنها غير مقتنعة تمامًا بكل ما وقعت فيه». أوين جليبرمان من مجلة «فارايتى» أشاد بالفيلم بشكل عام باعتباره «فيلمًا صادقًا ومسليًا بذكاء حول علاقة سادية مازوخية خاطئة بشكل صارخ» ووصف أداء كيدمان بأنه «لا يعرف الخوف».
أشاد روبى كولين من صحيفة التلجراف البريطانية بالفيلم، مشيرا إلى أنه «حاد بما فيه الكفاية ــ وساخن بما فيه الكفاية». سلط الضوء على أداء نيكول كيدمان باعتباره «جيدًا بشراسة، ومقنعًا تمامًا كشخصية متزنة سابقًا، حيث أثبتت شهيتها المدفونة منذ فترة طويلة نجاحها وسقوطها فى نفس الوقت».
وصفت الناقد أليسون ويلمور من موقع Vulture الفيلم بأنه «قصة حب الذات»، مؤكدة أن جزءًا من رسالته يتعلق بأهمية السماح لنفسك بأن تكون ضعيفًا والسماح لنفسك بأن تكون صغيرًا لفترة من الوقت.
أقرت راديكا سيث من مجلة فوج بأن الفيلم ليس للجميع، مما أدى إلى انقسام النقاد وحتى الحاضرين فى العرض الأول. ومع ذلك، أشادت بأنطونيو بانديراس ونيكول كيدمان والمخرجة هالينا راين والموسيقى كريستوبال تابيا دى فير لمساهماتهم البارزة فى الفيلم.
من المقرر إطلاق الفيلم فى يوم عيد الميلاد فى الولايات المتحدة، ثم فى يناير لبقية العالم.
جدير بالذكر أن كيدمان جاءت إلى فينيسيا قبل 25 عامًا بفيلم آخر محفوف بالمخاطر: «عيون مغمضة على اتساعها» للمخرج ستانلى كوبريك. ولكن حتى مع سيرتها الذاتية المليئة بالأعمال المثيرة والتحديات، لا تزال تشعر ببعض القلق بشأن هذا الفيلم.