البحوث الإسلامية يوصي بتشديد عقوبات النيل من حقوق المرأة
أكد الدكتور عبد الفتاح العواري العميد الأسبق لكلية أصول الدين بالقاهرة، أن الشرع قد أعطى للمرأة حقوقها، وأكد مسئولية الحفاظ على تلك الحقوق، مضيفا: “المسئولية دائمًا تكون تكليفًا لا تشريفًا ومن يتحملها عليه أن يسأل الله أن يعينه عليها.
جاء ذلك خلال ندوة موسعة نظمها مجمع البحوث الإسلامية، أمس الثلاثاء بعنوان: (عَضْل المرأة وأثره على الأسْرة والمجتمع)، وقد تابع العواري بقوله: قضية العضل أتت في موضعين اثنين وهما موضعي نهي، ومن المعروف في أصول الفقه أن النهي الذي لا يتبعه أمر يفيد الحظر، وبين أن موضع النهي الأول تعلق بحق المرأة في اختيار زوجها في قوله تعالى: “وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ۗ”، أما الموضع الآخر يتعلق بإثبات حقها في الميراث في قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ۖ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ”.
وبدوره قال الدكتور عبد المنعم سلطان وكيل كلية الحقوق الأسبق في جامعة المنوفية إن الإسلام شرع الزواج وبين الأسس التي يقوم عليها هذا العقد من السكينة حيث سماه الله بالميثاق الغليظ ولم يطلق هذا اللفظ على غيره من العقود.
كما شدد على أن قيام عقد الزواج بشكل صحيح يصلح المجتمع ويساهم في خلو محاكم الأسر من المنازعات.
وتابع: “أوجب الشرع على كل من الزوجين الصبر على الآخر فالطباع قد تتغير والأحوال قد تتبدل، فقد يتغير أمر الزوجين بعد الزواج نتيجة الضغوط والمسؤوليات لذلك وضع الشرع القواعد والأمور لحل المنازعات بين الزوجين في حال اندلاعها، فأمر بالصبر، ثم الاحتكام الأهل، ثم التزام الإحسان عند التفريق إذا اضطرا لذلك”.
ولفت سلطان إلى أن الشرع منع ولي المرأة من عضلها بإرغامها على الزواج من شخص معين، لا ترغب فيه، وحفظ حقها في الاختيار فقد قال النبي إن البكر تستأذن وإذنها صمتها، والثيب تستأمر، كما شرعت الخطبة لكي يتمكن الطرفان من دراسة طباع كل منها تحت رعاية الولي.
وفي السياق نفسه قال رئيس جامعة الأزهر الأسبق الدكتور إبراهيم الهدهد؛ إن موضوع عضل المرأة له أكثر من جهة وإن كان التركيز اليوم على عضلها في سياق الأسرة، مشددًا على أن الأمر لا يتعلق بالدفاع عن المرأة فقط وإنما عن المقاصد الشرعية.
وأضاف في كلمته: “أفرد الله سورة كاملة اسماها النساء أكد فيها أن كل إنسان له رحم مع إنسان آخر، فهي تشير للإنسانية في العالم وتبدأ بالأسرة النبوية كيف تبنى واي خلل في هذه الأسرة يخل بالمجتمع بل بالإنسانية بأكملها”.
واسترسل: “اختصت سورة النساء بقضية الميراث، وكيف يؤدي مجانبة الحقوق فيه إلى تدمير الأسر وقطع الأرحام، فكيف إذا كان ذا علاقة بالمرأة؛ وهنا نتساءل: هل العضل في ميراث المرأة ظاهرة في المجتمع؟ أو في أماكن معينة وعائلات معينة؟؛ إنه يتم من خلال الترغيب والترهيب، فالعضل بالترغيب يتم من خلال إقناع الجدة بالتنازل عن حقها لأبناء ابنها الأيتام”.
أما الترهيب فأوضح أنه يحدث في كثير من محافظات مصر في الوجه القبلي والبحري، لارتباطه ببعض المعتقدات مثل: عدم أحقية المرأة في تملك الطين، أو دخول أبناء طرف غريب في الأرض كزوجها وأبنائها، فنجد الاخوة يجبرون اختهم على الاعتراف بانها اخذت ميراثها وإلا تحرم من دخول بيت زوجها وتهدد بالقطيعة، أو يعطونها حقها محشورا بين حقي أخوين من الدكور بشكل يجعلهم يتحكمون في سعره إذا رغبت في البيع، وغير ذلك من الأمثلة.
وختم رئيس جامعة الأزهر الأسبق كلمته بالتأكيد على أهمية تفعيل برامج زيادة الوعي الديني في المجتمع لأن القانون موجود لكن تطبيقه في ظل غياب الوعي ليس بالأمر اليسير.
وبين الدكتور حسن الصغير الصغير، المشرف العام على لجان الفتوى بالجامع الأزهر، والأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية، أن قضية الوعي ليست فقط تتعلق بعدم معرفة الأحكام الشرعية، ولكن بالوعي بتطبيقها، لافتًا إلا أن بعض العادات والتقاليد السلبية في المجتمع تجري على ألسنة من يتصدون للإصلاح بين الناس.
كما طالب خلال مداخلته بأن تكون هذه الندوة منطلقًا لحملة توعوية بالأحكام الشرعية في هذه القضية طوال العام، لأن الأزمة راسخة ومتجذرة في المجتمع.
وخلصت الندوة إلى عدد من التوصيات منها: التأكيد على أن الإسلام أوجب الإحسان المرأة ورعايتها، وتثمين دور الأزهر في تكريم المرأة وتعزيز دورها، وتكثيف الجهود الدعوية والتوعوية عن دور المرأة في المجتمع، وتشديد العقوبات المتعلقة بالنيل من حقوق المرأة وعضلها، وضرورة إعداد رسائل إعلامية توصي بحقوق المرأة وتوضحها، وضرورة التنسيق بين مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني فيما يتعلق بحقوق المرأة.