وكيل الأزهر: ما يحدث في فلسطين ولبنان يؤكد وحشية وبربرية الصهاينة
أكد الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر، أن ما يجري في الديار العربية والإسلامية، في فلسطين الأبية وفي غزة الفتية من اعتداء صارخ يخالف ما يعرفه بنو الإنسان من أديان سماوية، وأعراف دولية ومواثيق أممية، ويؤكد أن الوحشية والبربرية لاتزال في طبائع الصهاينة الذين يحاولون خداع العالم بشعارات كاذبة.
جاء ذلك خلال كلمته في حفل تخريج دفعة جديدة من طلاب كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بالقاهرة، أكد فيها أن الخير في هذه الأمة سيظل إلى أن يشاء الله، وأن احتفالية اليوم تأتي تأكيدا لأهمية صيانة الدين بالعلم، والتراث بالفهم، والتاريخ بالاعتبار.
واعتبر أن ما يشهده العالم العربي والإسلامي من استهداف للأطفال الأبرياء ودور العبادة والمستشفيات والعزل، وفي لبنان وما يقع في ضواحيها من قصف ظالم مدمر يؤكد وحشية وبربرية الصهاينة.
كما نقل تحيات الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وتهنئته لعلماء كلية الشريعة وطلابها، وأبنائها الذين تخرجوا في قاعاتها دارسين متقنين متحققين بالمنهجية الأزهرية العاصمة، ودعواته للجميع بالتوفيق والسداد.
وعبر وكيل الأزهر عن تهنئته للخريجين وتقديره لما يراه فيهم من بهجة الحياة، وأمل المستقبل، وقوة العزيمة، وثمرات الصبر والمثابرة على العلم والتحصيل والمدارسة، مذكرا إياهم بما يحملونه من علم ومن تاريخ عريق للأزهر الشريف.
وأكد أن هذا اليوم هو يوم السعادة الذي يحتفي فيه الأزهر الشريف ويحتفل بأبنائه الخريجين ممن تحملوا الصعاب، وبذلوا من أعمارهم ونفوسهم وحياتهم؛ من أجل تحقيق آمالهم وطموحاتهم، وسعادة آبائهم وأمهاتهم، وهو يوم الوفاء الذي يفي فيه الأزهر الشريف لهذا الوطن بهذه الكفاءات الشبابية التي تحمل آمال المستقبل المشرق، والغد المزدهر، بما يؤكد أن خدمة الأوطان إنما تكون بالعطاء وبالعمل، وليست بالكلام ولا بالشعارات، وهذا هو منهج الأزهر الذي يعلي من قدر العاملين في وقت يحتاج فيه الوطن لكل نفس لاستكمال مسيرته نحو التقدم.
وأضاف: “لا يخفى على أزهري صادق أن كلية الشريعة من أقدم ثلاث كليات في جامعة الأزهر؛ فقد افتتحت في الثلاثينيات من القرن الماضي، وما تزال منذ ذلك التاريخ البعيد وهي تؤدي رسالتها ورسالة الأزهر الشريف النبيلة، التي يستفيد منها آلاف من طلاب العالم الإسلامي”.
وتابع: “إذا كان الهدف من إنشاء الكلية رفع لواء العلم والفقه وضبط الواقع بما يتفق مع الأحكام الشرعية المستقرة؛ فلا عجب أن توصف مناهج الكلية بأنها الميزان الذي يضبط حراك الحياة، ويقدر على التمييز بين الممنوع والمحظور، وإذا كانت أقدار الله قد منحت مصر الأزهر الشريف ليكون له دور بارز في النظر والتدبر وصياغة الأحكام الضرورية لضبط حراك الحياة؛ فإن كلية الشريعة هي واسطة العقد تحمل أمانة هذه الرسالة الفقهية والثقافية والحضارية إلى شتى أنحاء العالم من خلال أبنائها، الذين يقومون بدور رائع وعظيم الأثر في الفكر الإسلامي، بل والفكر الإنساني، بنشر العلم والمعرفة”.
ووجه نصائحه للخريجين قائلًا: “إذا كانت الناس لا تستغني عن طبيب يشخص الداء ويصف الدواء، فإنها لا تستغني كذلك عن فقيه مرن له مواصفات ضرورية: فهو عالم بالأحكام، والحلال والحرام، والمباح والمحظور، يعرف ذلك من كتب الفقه وأحكامه، ومن عقول الفقهاء ونظرهم وتأملهم، ثم هو عالم بواقع الناس، وما يطرأ من جديد في حياتهم، مما يوجب النظر والقياس، وتكييف الأمور بما لا يخرج عن حياض الشريعة، وبما يضمن للناس القلقة قلوبهم أنهم آمنون دينيا”.
وأوصاهم بالترفق بالناس، فلا يجمعوا عليهم آلام الواقع إلى ضيق الفهم، وعسر الفكر، وعجز النظر، وينقلوهم إلى سعة الشريعة، ويسر أحكامها، وسماحة أبوابها.
وتابع: “معاذ الله أن تفهموا أني أدعوكم إلى تفلت من الأحكام، أو خروج عن الحلال والحرام بدعوى التيسير والسماحة، ففرق كبير بين السماحة التي ضمنتها الشريعة في الأحكام الفقهية التي ملأت جنبات الكتب في كل الأبواب، والسهولة والتيسير الذي تميز به العلماء الربانيون، وبين هؤلاء المتهتكين الذين لا يعرفون من الأحكام إلا المباح وحسب، وأما التنبيه على الحرام وذكر المحظور فهو عندهم باب من التقنيط والتضييق!”
وأضاف: “أوقن أن تخرج أبنائنا الطلاب في كلية الشريعة –وإن كان أمرا معادا مكرورا- فإنه يجدد فينا طعم النجاح، فنحن أمام حفل نجني فيه ثمرة التعب والسهر والآمال، وأثق تماما أن الخريجين والخريجات والآباء والأمهات لتمتلئ قلوبهم اليوم فرحا وسعادة، ولكني أدعوكم إلى مزيد من الطموح، فلا ينبغي أن تتوقف أحلامكم عند شهادة التخرج، وإنما أريدكم جميعا أن ترفعوا راية الأزهر فتكونوا إضافة جديدة في عالم «الفقه وأحكامه»، وأن تسعوا للحصول على شهادة من الله بخدمة الناس ونفعهم، فتكونوا من خير الناس، ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير الناس أنفعهم للناس»”.
وأكمل: “أريدكم أن تجمعوا إلى جنب بيان الأحكام أن تدعوا الناس إلى الله، وتبثوا في قلوبهم الأمل والرجاء والتفاؤل، بعيدا عن مفردات المرض والوجع والألم واليأس والإحباط، وتوجدوا لهم في غير تحايل مسارات الحلال والمباح والمشروع، بعيدا عن مسارات الحرام والمحظور والممنوع. وما أحوج واقعنا إلى خطاب الأمل بعيدا عن خطاب الألم، وما أحوجه إلى خطاب الفرح والسعادة بعيدا عن خطاب الحزن والكآبة”.
واختتم وكيل الأزهر كلمته بأن هذا التخرج يؤكد ضرورة العمل بروح الفريق المتعاون المتآلف؛ للوصول إلى الغايات العالية الراقية، والنهوض بمستوى خريجي الكلية؛ قائلًا: “وآمل وأنا في أحد أهم معاقل العلم بالأزهر الشريف، وفي حضور كوكبة من العلماء أن نتشارك جميعا المسؤولية من أجل أن تعود الكليات الشرعية إلى مكانتها في الصدارة عملا وأثرا من خلال تنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس، وتطوير المناهج والمقررات والارتقاء بمستوى البحث العلمي والمشاركة في خدمة المجتمع”.