آراء وتحليلات

المرأة المصرية وبطولات فى طريق نصر اكتوبر

 

بقلم/ د. سهام عزالدين جبريل

يمثل نصر أكتوبر يوما خالدا فى تاريخ مصر والأمة العربية، فنصر اكتوبر مثل حالة غير مسبوقة لحالة عودة الروح الى الوطن وكل دول المنطقة حيث أخرجها من حالة الانكسار والهزيمة ، إلى ساحة النصر، العزة والكرامة ورفع قيمة وقدر الإنسان العربى أمام العالم، كما أحبط خطط ومؤامرات بعض القوى العالمية لتقسيم الوطن العربى، وأصبح للعرب قوة ومهابة، خاصة بعد أن شهد حرب أكتوبر التئام الوطن العربى تحت راية الحرب، ووقوفهم يدا بيد فى وجه العدو المشترك، فكان النصر العزيز المؤزر ،،،

وفى الحقيقة ان ذكريات انتصار أكتوبر وملحمة العزة والكرامة رغم مرور 51 عاما فمازالت وروح اكتوبر وذكريات عودة الروح الى ابناء الوطن الذى جسده هذا الانتصار ومايبعثه فينا عامابعد عام فمازلت روح اكتوبر نعيشها كأنها اليوم لقد أثر فينا نصر اكتوبر وكان احد الركائز الهامة التى اثرت فى شخصية جيل اطفال وامهات ذلك اننا جيل عاش المرحلة الصعبة التى سبقت نصر اكتوبر لقد كنا اطفال فى تلك الفترة تفتحت عيونناعلى صدمة الاحتلال وعشنا قسوتة ومرارته حرمنا من كتبنا واصحابنا ومدارسنا لعدة سنوات وعندماعدنا للدراسة لم نجد شيئا لا كتب ولامناهج ولا نشيد ولاعلم وكنا ندرس من ذاكرة مدرىسينا وحرمنا أن نحى العلم الوطنى رفضنا أن نحى علم الاحتلال الذى كان رابضا على سوارى مدارسنا حرمنا أن ننشد نشيدنا الوطنى حرمنا ان نحى علم الوطن لكن علمك يابلادى كان فى القلب رسمناه على صدورنا ونشيدك يابلادى كنا نرددة فيما بيننا فى بيوتنا فى شوارعنا فى العابنا فى فصولنا رغم سطوة المحتل تحيا بلادى العظيمة والله اكبر فوق كيد المعتدى

واحب من خلال هذه السطور ان اتحدث عن ادوارنا التى تعلمناها من خلال امهاتنا الذين كانوا يمثلون جبهة صد قوية فلم يكن دور المرأة المصرية أمر هين كانت امهاتنا يقمن بادوار ومسؤلية هامة فى تاريخ الوطن فالمرأة المصرية التى كانت تمثل قوة محركة فاعلة وحامية للجبهة الداخلية حيث الرجال رابضون على جبهة القتال وعلى الخطوط الامامية وفى ميادين المقاومة ـ،،،

لذا فعند الحديث عن اكتوبر لايمكن أن نغفل الدور البطولى للمرأة المصرية بشكل عام خلال أوقات الأزمات والذى تجلى بوضوح عقب هزيمة يونيو ٦٧، ووسط الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة للنكسة بدأ دور النساء المصريات فى الظهور فما بين الدعم المعنوى والتبرع بالدم والتطوع فى المستشفيات وإدارة شئون الأسرة بأقل الموارد وتحفيز الأبناء على تعلم فنون القتال لتحقيق النصر والثأر من العدو واسترداد الكرامة، ولعبت المرأة دورا رئيسيا فى تحقيق نصر أكتوبر ٧٣ من خلال إعداد المجتمع للمعركة.

وكان للمرأة المصرية دورا عظيما على عدة مستويات فعلى المستوى القومى فى كل ربوع مصر حيث مثلت مثلت المرأة الظهير الوطنى لحماية الجبهة الداخلة وتامين المجتمع وتحصينه وخدمات العون والاغاثة والتأمين الاجتماعى والغذائى وبث الروح الوطنية واعلاء القيم الوطنية والتماسك بين كافة افراد المجتمع فكان المجتمع المصرى على قلب رجل واحد فى كل المحافظات ،

اما على مستوى جبهة القتال وداخل بؤرة الحدث ووراء خطوط العدو كان المشهد اكثر جلاء حيث يمثل الدور الوطنى العظيم للمرأة فى مدن وقرى وبوادى سيناءمنذ يونو 67 وحتى انتصار اكتوبر 73 كان العمل على استرداد الوطن وتحريرة من قبضة الاحتلال قدم الوثاق ففي داخل بيوت مدينة العريش التي إستضافت أعداد كبيرة من لضباط والجنود الذين تم تسكينهم داخل بيوت المدينة لحمايتهم حتى لايقعوا أسرى فى قبضة ضباط وجنود الأحتلال ، وتم عمل كل الإجراءات الكفيلة بحمايتهم وتأمين إقامتهم ، وتحولت بيوتنا فى مدينة العريش إلى مراكز لعلاج الجرحى والمصابين من المجندين والضباط والإشراف على علاجهم من قبل أطباء وصيادلة وممرضات وفتيات وسيدات مدينة العريش وبإشراف وتم التبرع بالدم من قبل النساء تخزينة بالطرقالطبية الصحيحة باشراف الصيادلة الاطباء ، هذا الى جانب العديد من الأدوار ومنها خياطة الملابس والجلباب البلدى ليرتدية الضباط والجنود بدلامن الزى العسكرى الذى تم جمعه وإخفائه عن عيون العدو بادوات محتلف عجز العدو عن اكتشافها ،،،

وداخل بيوت العريش تجمعت السيدات من جيران كل حى من أحياء المدينة وجهزت الافران لإعداد الخبز والطعام للضيوف لتقديم الوجبات لهم ، وقد قام بهذه الأدوار الأطفال الصغار بمعاونة الكبار في منظومة حب رائعة ضمت أبناء الوطن وحمايتهم في داخل هذه البيوت التي كانت ملاذا أمنا في قرار مكين ،،،

فى حين قام فريق من أبناء سيناء بدوها وحضرها بتجميع وتوصيل الجنود والضباط عبر الطرق البرية والبحرية ، وقامت السيدات والفتيات بدور الدليل عبر الطرق ، كما قامت راعيات الأغنام بعملية مسح الأثر وإخفاء معالم الطريق الذي سلكة الضباط والجنود ، وكان يعتمد عليها في نقل المعلومات أجهزة الإتصال وأجهزة اللآسلكى الذى كانت تخفيها في ملابس وحفظات أطفالها الرضع ، كما كانت تقوم بتوصيل الرسائل بين أفراد المقاومة فكانت تمثل حلقة الوصل بينهم وبين الأخرين وكانت تخفى الرسائل الورقية في ثنايا ملابسها ، وقامت العديد منهن ببعض العمليات الإسعافية وكن يقمن بتضميد الجراح وخياطتها من خلال استعمال خصلات شعورهن كبديل للخيط الطبي الذى لم يكن متواجد لديهن ،،،

ومثلت المرأة السيناوية أدوارا بطولية عديدة وكانت بمثابة رمزا داخل خطوط العدو حيث قوة المواجهة فى جبهة تحدى مواجهة صنعتها نساء سيناء فكان النموذج عظيما للصمود والتحدى وسدا منيعا ورفيقا وفيا واما رحيمة فى مواجهة كل هذه العواصف تشد من ازر الرجل وتدفعه للآمام للمواجهة والتحدى والنضال وتساهم فى العمليات الفدائية وفى حماية ابناء مصر وجنودها من ضباط ومجندين لجأؤا لدارها وقت الصدمة تقوم على خدمتهم وتسهر على حمايتهم هى وكل افراد اسرتها وتعالج المصاب منهم وتداوى الجروح ثم تؤمن مسارهم حتى يصلوا للضفة الاخرى من القناة بأمن وسلام ،،،

كان الوعى بأهمية تعليم المرأة احد اشكال المقاومة الوطنية وتحدى قوات الاحتلال اوالحفاظ على الثقافة المصرية داخل سيناء رغم كل محاولات العدو لجهاض حركة الصحوة التعليمية فى لاسيناء فالتعليم كانت احد ادوات المقاومة الوطنية مما دعا امهاتنا للحث على اصرارناعلى التعلم على نفس نمط التعليم المتبع فى المنهج المصرى ورفض اى تعديلات فى مناهجنا المصرية فكانت الام فى المنزل والمعلمة داخل المدرسة الداعم الهام لجيل عاش سنوات المقاومة رغم صغر سنه حتى داخل المدرسة ، ولم يكن هذا فحسب لقد شاركت المرأة فى حرب اكتوبر وراء خطوط العدو سواء كانت طالبة او ربة منزل من خلال ادوار عدة كلفت بها منها نقل الرسائل رسم خرائط معسكرات العدو رصد تحركات االعدو ومرتكزاتها الامنية فى سيناء او داخل العمق الاسرائيلى الى جانب رصد المواقع الإسرائيلية على الضفة الغربية وخط “بارليف”، ومعرفة نوع السلاح وعدد القوات المتواجدة بكل منطقة .

اتذكر دور راعيات الاغنام فى عمليات التموية ومحو اثار المقاتلين من ضباط ومدنين الذين كانوا يقومون بمهامهم الوطنية ويتنقلون مابين ضفتى القتال ويعملون وراء خطوط العدو ،

تعلمنا لغة الشفره التى كنا نسمعها عبر برنامج الشعب فى سينا الذى كان يبث من اذاعة صوت العرب وكنا نقوم بترجمتها وتوصيلها الى اعضاء المقاومة الوطنية داخل سيناء ،،،

كما قامت السيدات بمهام اخفاءاجهزة اللاسلكي المتنقلة كانت المرأة صلبة قوية لا يدخل قلبها الخوف من سطوة العدو الإسرائيلي.. وهي ايضا كانت ناقلة التموين للأفراد خلف الخطوط ،

وتعلمنا من امهاتنا ونحن صغار فكنا نقوم بمهام توصيل رسائل وعندما كبرنا واصبحن طالبات جامعيات اصبحنا نحمل رسائل اهلنا الابطال اعضاء منظمة سيناء إلى القاهرة وحين عودتنا لسيناء نعود محملين بالتوجيهات والمعلومات لتوصيل الرسائل الشفهية والتى حفظناها عن ظهر قلب والمعدات المُرسلة من الضباط فى القاهرة إلى القيادات الوطنية والضباط المتواجدين في سيناء، وهو ماعجزت قوات الاحتلال الاسرائيلى عن كشفها او فك رموزها ، هكذا كانت المرأة المصرية مقاتلة بدرجة امتياز على ارض سيناء حقيقى ان الحديث عن تلك الذكريات ودور المرأة الهام فيها والتى كانت تمثل المرحلة الاستباقية الممهدة لنصر اكتوبر والعبور الى الضفة الشرقية والعبور الى سيناء الذى كان بمثابة عودة الروح الى سيناء بل الى الوطن بأكمله .

خالص تحياتى

د/سهام عزالدين جبريل

 

مقالات ذات صلة