خالد داغر يكشف كواليس إدارة مهرجان الموسيقى العربية في دورته الثانية والثلاثين
قال الدكتور خالد داغر إنَّ تولِّي إدارة مؤتمر ومهرجان الموسيقى العربية في دورته الثانية والثلاثين ليس بالأمر الهيِّن؛ لأسباب كثيرة تنوَّعت بين عامة وخاصة.
وأوضح داغر أن الأسباب لأنه أعرق مهرجان عربي على الإطلاق؛ فجذوره تعود إلى أول مؤتمر علمي أُقيم في عالمنا العربي، والذي تناول كيفية الحفاظ على موسيقانا العربية، حيث أُقيم عام 1932 على يد الدكتور محمود أحمد الحفني. اجتمع حينها حشد من الموسيقيين والمؤرخين والنقاد من جميع أنحاء العالم، وكان حوارًا جادًّا بين مختلف الثقافات والحضارات، ومن أبرز المشاركين فيه: بيلا بارتوك، باول هيندمث، هنري رابو، مورتيتز، وروبرت لاخمان، إلى جانب مستشرقين مثل هنري جورج فارمر وألكسيس شوتين.
كما شاركت شخصيات عربية أثرت ساحة الغناء، منهم على سبيل المثال لا الحصر موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب من مصر، وسامي الشوا من الشام، ومحمد القبانجي من العراق.
وشاركت أيضًا فرق متخصصة في التراث العربي من العراق ولبنان والمغرب وتونس، وبالتأكيد من مصر، لهذا، يظل هذا المهرجان العُرس العربي الأهم بحكم الزمن وبحكم من شاركوا فيه، وبحكم القضايا التي تناولها.
وأضاف أن أكثر من تسعين عامًا مرَّت على ميلاد هذا المؤتمر، الذي بات بالنسبة لهم بمثابة النبتة التي أصبحت شجرة مثمرة تُظلِّل أغصانها الموسيقى العربية منذ ذلك التاريخ. هذه السنوات التي مرَّت جعلت من المؤتمر المرجع الذي نعود إليه، والسند الذي نتكئ عليه، وبفضله، نحن الآن هنا في قلب عاصمة الطرب العربي، وبيننا أشقاء من كل الدول العربية، وأصدقاء من دول كثيرة حول العالم.
وتابع أن هذا أحد الأسباب العامة التي جعلت قبول هذا المنصب مسؤولية صعبة، لأن أنظار كل المهتمين بالموسيقى العربية تتجه إليه كل عام، وتدور في أذهانهم أسئلة حائرة: ما الذي سيقدمه من أبحاث؟ من هم ضيوفه من المؤتمرين والباحثين والأساتذة؟ ومن هم ضيوفه من المطربين العرب والمصريين؟ نعم، إنها مسؤولية كبيرة حقًّا.
وأشار إلى أن السبب الشخصي الذي جعل إدارة هذا المهرجان أمرًا غير سهل هو ضرورة أن تكون لديه الكثير من الأفكار. قبل المسؤولية، بمجرد أن عُرض عليه الأمر، قال في نفسه: ماذا بعد؟ ما البصمة التي يمكنني إضافتها؟ ما “الطوبة” التي سأضعها في هذا البناء العظيم؟ فكان قراره أنه لا بُدَّ من إعادة الشيء لأصله. لا بُدَّ أن يعود لما سطَّره الآباء والأجداد عن هذا المؤتمر والمهرجان. لا بُدَّ من عودة الروح للمؤتمر باعتباره نواة هذا الكِيان العظيم. ويتصور أن هذا العام سوف نشاهد الروح تدبُّ والدماء تعود إلى شرايين المؤتمر حتى يعود كما كان. لذا، حين كان يجلس مع أعضاء اللجنة، كان دائمًا يتحدث عن المؤتمر وكيفية إعادته إلى أصله.
وأشار إلى أنه يعي جيدًا أن الحفلات التي تُقام ضمن ليالي المهرجان ينتظرها بفارغ الصبر الجمهور المصري والعربي، حاول أن يقدم شيئًا مختلفًا يُرضي كل عشاق الموسيقى العربية، من مطربين عرب يمثلون قمم الغناء وتجارب مختلفة لإثراء الليالي الغنائية. لكنه يطالب الجمهور بمزيد من الاهتمام بالمؤتمر، فهو لا يُعقد للمتخصصين فحسب، بل أيضًا للمهتمين بالموسيقى، وقال: «قبلت التحدي، راجيًا من المولى (عز وجل) التوفيق؛ فهو الداعم والسند لنا جميعًا».
واختتم: «وطننا العربي كبير بمُبدعيه، ومصر دائمًا هي القبلة التي يتوجه صوبها كل الفنانين. فكم احتضنت وعلَّمت وأرست قواعد المجد! مصر دائمًا تتحدث عن نفسها بفنها العريق وأبنائها الرواد. واليوم جميعنا هنا لنحتفل بموسيقانا العربية بين أحضان مصر، كما كان للدكتور الحفني دور كبير في ميلاد هذا المؤتمر، كان لابنته، أستاذتنا الراحلة الكبيرة رتيبة الحفني، دورٌ في إعادته إلى الوجود مرة أخرى قبل 32 عامًا، مع دعم هائل من العاملين بالأوبرا والفنانين الذين شاركوا فيه، أتمنى للجميع دورة ناجحة تليق بدار الأوبرا وبمصرنا الكبيرة العظيمة».