النائب العام السودانى محمد الفاتح طيفور لـ «الشروق»: تقرير بعثة تقصى الحقائق الأممية سياسى بامتياز ولا يدعم الشعب السودانى
– تم رصد 3 حالات فردية لانتهاكات من قبل القوات النظامية ورفع الحصانة عن مرتكبيها والتحقيق معهم
– مرتزقة من 12 دولة شاركوا فى الحرب بالسودان.. وتم القبض على 105 منهم
– المحكمة الجنائية الدولية طلبت تسليم البشير وبقية المتهمين.. والمسألة صعبة للغاية لظروف الحرب
أكد النائب العام السودانى مولانا محمد الفاتح طيفور، أن السودان لديه اعتراض على بعثة تقصى الحقائق الأممية وطريقة عملها، مشيرا إلى أن التقرير الصادر عن البعثة يوضح أنها لا تدعم الشعب السودانى، فهى لم تشر بصراحة إلى من قام بارتكاب الانتهاكات، مضيفا فى حوار خاص لـ«الشروق» أن اللجنة الوطنية لحصر انتهاكات الحرب تلقت 18741 بلاغا حتى تاريخ مشاركة السودان فى الدورة 57 لحقوق الإنسان، حيث تم إحالة 232 بلاغا إلى المحاكمة وصدرت أحكام فى 144 بلاغا وبراءة 43 شخصا لعدم كفاية الأدلة.
وإلى نص الحوار:
< ما هى أسباب رفض السودان لتقرير بعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصى الحقائق؟ ولماذا رفضتم دخولها للبلاد؟
ــ التقرير الذى قدمته هذه البعثة يوضح أنها لا تدعم الشعب السودان»، ولم تشر بصراحة إلى من ارتكب انتهاكات ولم تقم بتعريف الجرائم، فهى تتحدث عن الأفعال وتوصفها، كما لم تشر إلى تسمية الجريمة نفسها كجريمة حرب أو جريمة تطهير عرقى أو جريمة إبادة جماعية.
< كيف استطاعت البعثة أداء مهام عملها من خارج السودان؟
ــ البعثة زارت بعض الدول الداعمة لقوات الدعم السريع التى تستضيف بعض اللاجئين. ورغم أن مصر بها عدد كبير من اللاجئين لكنها لم تقم بزيارتها.
< ما هى أبرز الاعتراضات الأخرى على التقرير الذى أصدرته البعثة الأممية؟
ــ طريقة التوثيق والاستيثاق من البيانات لا ترقى إلى مستوى العمل القانونى، إضافة لأنها قبل رفع تقريرها لمجلس حقوق الإنسان عقدت مؤتمرا صحفيا قامت بالترويج فيه لتوصياتها، هذه التوصيات نفسها تخرج عن اختصاص البعثة وتخرج عن آليات مجلس حقوق الإنسان وهى التوصيات المتعلقة بحظر الأسلحة ومد سلطات المحكمة الجنائية على كامل التراب السودانى، رغم أن السودان غير موقع على ميثاق روما المنشئ للمحكمة، فاختصاص المحكمة الجنائية على إقليم دارفور صدر بموجب إحالة من مجلس الأمن فى 31 مايو 2005، فهى تسعى فى هذه الأمور التى تخرج من اختصاصاتها مما يجعل عملها سياسيا بامتياز.
< ما هى أبرز الانتهاكات التى لم يتحدث عنها تقرير البعثة؟
ــ التقرير لم يتحدث عن الانتهاكات الخاصة بالاختفاء القسرى، وتشمل حوالى 5001 شخصا مدنيا حسب تقرير اللجنة الوطنية، كما أن تقرير ذكر تجنيد الأطفال فقط وحاول تعميم المسئولية ولكن ما لدينا أن هنالك حوالى 9000 طفل تم تجنيدهم قسريا بواسطة الدعم السريع، والذين قتلوا أكثر من 4400 طفل فى أثناء العمليات، والمواطنين شاهدوا عدد من الأطفال تم ربطهم فى عربات قتالية تابعة للدعم السريع، والجيش استطاع القبض على 30 من هؤلاء الأطفال وتم تسليمهم عبر عملية مشتركة بين النيابة العامة ونيابة الطفل والقوات المسلحة تم تسليمهم إلى الصليب الأحمر وقام بتسليمهم إلى ذويهم فى فترات سابقة، فضلا عن خلو التقرير من أرقام واضحة لضحايا الانتهاكات الجنسية، بينما رصدت اللجنة الوطنية حسب تقارير وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل 966 حالة عنف جنسى، حيث ارتكبت قوات الدعم السريع كل أشكال العنف الجنسى مثل الاغتصاب واغتصاب الأطفال، واغتصاب بقصد التغيير الديموغرافى.
< ماذا تقصد بالتغيير الديمغرافى؟
ــ بقصد أن الضحية يحدث لها حمل لطفل يكون والده من الجهات المغتصبة بهدف زيادة نسل المغتصبين عبر أمهات لا يتبعون لهذه الجهة، بحيث يظهر جيل جديد من قبائلهم ومن جهاتهم لا يتبعون للأمهات.
< ولكن لماذا يبدو أن هناك تضاربا فى الأرقام بشأن ملف الانتهاكات الجنسية ضد النساء؟
ــ البلاغات المدونة لدينا أقل من العدد الحقيقى، لأن عادات وتقاليد المجتمع السودانى والشرق الأوسط بصورة عامة تنظر إلى هذا الأمر بخجل وخوف من الوصمة المجتمعية، ومن ثم هذه مهمة منظمات المجتمع المدنى للمساهمة فى توعية الرأى العام بأن السيدة التى تعرضت لهذا الانتهاك هى ضحية ولم تذهب بصورة اختيارية بل تم ارغامها تحت قوة السلاح وبقوة جسدية أقوى منها ولذلك يجب انصافها، وعلى المواطنين استيعاب ذلك جيدا ويتقدموا بالبلاغات حتى لا يفلت المجرم من العقاب.
< هل تم القبض على مرتكبى الانتهاكات؟ وكم تبلغ أعدادهم؟
ــ هنالك بلاغات تم احالتها للمحكمة ويبلغ عدد المتهمين بها 273 شخصا، وصدرت أحكام فى 144 قضية، وبقية البلاغات تنتظر أن تنتهى الإجراءات بحقهم وتصدر فيها أحكام.
أما بشأن الذين تم القبض عليهم من المرتزقة الأجانب، نشير هنا أن هناك مرتزقة من 12 دولة شاركوا فى الحرب وتم القبض على 105 شخصا منهم، وسوف تتم محاكمتهم وفقا للقانون الجنائى السودانى.
< خلال لقائكم مع المفوض السامى لحقوق الانسان فولكر تورك فى جنيف. قدمت شرحا حول تحقيق «اللجنة الوطنية» فى جميع الانتهاكات بـ«غض النظر عن مرتكبيها» هل ذلك يعنى أن هناك انتهاكات تم رصدها من قبل جهات أخرى غير الدعم السريع؟
ـ نعم.
< ما هى تلك الجهات؟
ــ عدد من القوات النظامية وتم فتح بلاغات ورفع الحصانة عن البعض منهم واتخاذ اجراءات مع البعض الأخر.
< كم يبلغ عددهم؟
ــ حسب التقرير الذى تم رفعه 3 حالات، ولكنها حالات فردية بدليل أن القوات النظامية تتعامل مع النيابة وتستجيب للتحقيق وتقوم برفع الحصانة، حيث تم تسليمهم بموجب الإجراءات القانونية المتبعة.
< أين وقعت تلك الانتهاكات؟
ــ فى مناطق مختلفة «أم درمان، كسلا، والقضارف».
< فى إطار العمل مع الجهات الدولية، هل تم نقاش تسليم المتهمين مثل الرئيس السابق عمر البشير وبعض رموز نظامه إلى المحكمة الجنائية الدولية؟
ــ المحكمة الجنائية الدولية قدمت طلبات من فترة طويلة لتسليم البشير والمتهمين الآخرين، ومع ظروف الحرب المسألة تكون صعبة للغاية، علاوة على أن هذه المسألة تختص بجهات أخرى غير النائب العام، نحن لا نقرر فى مسألة التسليم من عدمها.
< ما هى تلك الجهات المسئولة عن القرار؟
ــ أجهزة أخرى بالدولة.
< ما هى أوجه صعوبة التسليم؟
ــ كل ما تم ذكره من هذه الصعوبات. وعلى ذكر ملف دارفور والجنائية الدولية، هناك توصيات تم تقديمها من قبل السودان بإعمال مبدأ التكاملية ونرحب بالمساعدات الفنية فقط والتدريب وتبادل المعلومات والأدلة المختلفة، لكننا قادرون على إجراء التحقيقات والتحريات وإحالتها للمحكمة، والمحاكم السودانية قادرة على اتخاذ القرار.
< الدولة السودانية اتهمت الدعم السريع بارتكاب جريمة التطهير العرقى فى دارفور.. إذن هل هناك نوايا لاتهام قادتهم وضمهم لملف دارفور فى المحكمة الجنائية الدولية؟
ــ نحن فى اللجنة وطنية معنيين بالمحاكمة داخل التراب السودانى، وسوف نحاكم كل هؤلاء القادة داخليا أما المحكمة الجنائية الدولية فهذا موضوع يخصها وفقا لتفويضها فى دارفور ستعمل، ونحن سنعمل وسنقدم عمل أسرع وأقوى منهم.
< إذن كيف سيتم محاكمة هؤلاء القادة لاسيما أن معظمهم خارج السودان؟
ــ هناك 346 شخصا من قادة الدعم السريع تم إعلانهم كمتهمين هاربين وطلبنا تسليم أنفسهم للسلطات السودانية ومن هم بالداخل نسعى للقبض عليهم، أما من هم خارج البلاد فسوف نطلب من الإنتربول والدول التى يوجد بها المطلوب تسليمهم، وإذا لم يتم هذا سوف تتم محاكمتهم غيابيا وفقا للقوانين السودانية فهذه جرائم خطيرة يجوز فيها المحاكمة الغيابية.
< ماذا عن العقوبات التى طبقت على الذين تمت محاكمتهم؟
ــ تراوحت الأحكام بين الإعدام والسجن المؤبد وسجن 10 سنوات أو أقل كلٌ حسب جسامة الجريمة، هذا بالإضافة إلى أحكام بالبراءة لعدد 43 متهما.