البعض غادر بعد دقائق.. كيف أثار فيلم The Substance الرعب في قلوب المشاهدين؟
تثير أفلام الرعب جدلا واسعا عند عرضها، حيث تنتشر حولها حكايات وشائعات تتعلق بحالات إغماء أو رعب شديد واجهه الجمهور في دور العرض السينمائي. هذه الأحاديث، التي تتراوح بين الخوف والإثارة، تجعل البعض يتلهف لمشاهدة الفيلم. ومن بين أحدث الأفلام التي أثارت ضجة في بريطانيا، يبرز فيلم The Substance، الذي يثير فضول المتابعين بفضل مضمونه الجريء.
أخرج الفيلم كورالي فارغيت، ووصفته صحيفة The Independent بأنه أحد أفضل الأفلام المشاركة في الدورة الحالية، وهو من بطولة ديمي مور ومارجريت كوالي، ويُوزع عبر شركة موبي.
بدأ عرض الفيلم في 20 سبتمبر الماضي، ومع زيادة إقبال الجمهور عليه، ترددت أنباء عن مغادرة أعداد من المشاهدين صالات العرض بعد 10 أو 20 دقيقة من العرض، بسبب عدم قدرتهم على تحمل المشاهد الجسدية الدموية الشديدة.
على الرغم من ذلك، أصبح فيلم The Substance الأكثر نجاحًا في شباك التذاكر لشركة توزيع الأفلام الفنية وخدمة البث المباشر Mubi، وفقًا لمجلة Variety.
وقد نشرت صحيفة The Independent مجموعة من الآراء حول الفيلم، حيث قال أحد المعجبين: “كانت قاعة العرض بأكملها صامتة تمامًا بعد انتهاء العرض، ثم صاح أحدهم في القاعة: هل الجميع بخير؟ وخرج صوت جماعي يجيب: لا”.
وأضاف آخر: “لقد شاهدت آلاف الأفلام من هذا النوع، ومن الصعب جداً أن تصدمني، لكن هذا الفيلم المجنون الرائع كان خارج قدرات العقل، إنه ليس للضعفاء. أثناء مشاهدتي، غادر العديد من الأشخاص لم يستطيعوا الاستمرار”.
وعلّق آخر: “لقد غادر بعض الناس عرض الفيلم، إنه أحد أكثر الأفلام عنفًا التي شاهدتها على الإطلاق”.
وكتب جايكوب ستولوورثي، الناقد في صحيفة The Independent: “من المؤسف أن البعض قد يغادر العرض في منتصف الفيلم لأنهم حتماً سيفوتون مشاهدة آخر 30 دقيقة التي تتضمن بعض المشاهد الأكثر جرأة ورعبًا التي عرضت في السينما منذ سنوات، وقد قوبلت بحماسة شديدة في مهرجان كان أمام قاعة مكتظة بالجمهور”.
تدور أحداث الفيلم حول شخصية إليزابيث، وهي نجمة سينمائية شهيرة تتقدم في العمر، وتتعرض لضغوط شديدة بسبب ذلك، حيث ألغى أحدهم دورها في برنامج شهير لإفساح المجال لشخص أكثر شبابًا. تتعرض إليزابيث لمعايير الجمال والسعي نحو الظهور بمظهر أصغر سناً، حتى تجد إعلانًا عن مادة/عقار قادر على خلق نسخة أصغر منها، فتقرر تناولها، ثم تبدأ العواقب والأعراض غير المعروفة لهذا العقار في الظهور.
حصد الفيلم تعليقات نقدية إيجابية، حيث قالت مونيكا كاستيلو في موقع روجر إيبرت: “استخدم فيلم The Substance فخاخ الرعب لانتقاد صناعة الترفيه والجمال التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، والتي تستغل بحث الناس عن ينبوع الشباب، لكنه يفعل ذلك ببراعة تتيح له الاستمتاع بنصيبه من المرح، مع الصورة الكاريكاتورية التي يصنعها لبعض الشخصيات مثل هارفي – مدير إليزابيث – الذي يظهر بشكل صاخب ومرعب في كل مشهد”.
وأضافت: “لقد نجح الفيلم بفضل أداء مور القوي لدور امرأة تكافح كراهية الذات ومعاملة المجتمع لها، واعتمادها الجديد على عقار سحري، حيث تجسد على الشاشة صراعًا قويًا، ففي أحد المشاهد المؤلمة، تقف مور – إليزابيث – أمام المرآة، تهتم بالتفاصيل النهائية لمكياجها وملابسها، ورغم أنها تبدو ساحرة، فإن وجهها يحمل نظرة استياء، حيث ترى العيوب أكثر من الجمال، وتشعر بالاستياء من صورتها، لدرجة أنها تمسح المكياج بعنف عن جفونها وشفاهها، فهي لا تستطيع أن ترى جمالها، وهذا من شأنه أن يقلب حياتها”.
تتعدد التفسيرات حول لماذا يحب الناس أفلام الرعب ولماذا تجذبهم أخبار كون الفيلم الأكثر رعباً والأكثر دموية. فمنها نظرية التحليل النفسي التي تفترض أن “أفلام الرعب تخاطب الوحش بداخلنا كبشر وتعزز الرغبات المكبوتة بداخل ذواتنا”، وأخرى مثل المنهج المعرفي ونموذج كارول دويك، حيث توجه التفسيرات التحليلية النفسية انتباهها نحو الإشباع غير المباشر للرغبات المنحرفة لدى البشر، في حين يوجه كارول انتباه نظريته نحو الهيكل السردي لأفلام الرعب، حيث يرى أن الجمهور لا يستمتع فعلياً بمشاهد الرعب بل بالقصة، ويتحمل تلك المشاهد لأنها الثمن الذي يجب دفعه لإثارة فضوله، وفقاً لما ورد في كتاب السينما والفلسفة لمايكل ليفين وداميان كوكس.