سفير إسبانيا بالقاهرة: ممتنون لمصر على دورها الذي لا يمكن الاستغناء عنه كوسيط في الحرب على غزة
أقامت سفارة إسبانيا بالقاهرة، اليوم السبت، احتفالية بمناسبة العيد الوطني لإسبانيا، وذلك في مقر إقامة السفير.
وخلال كلمته، قال سفير إسبانيا بالقاهرة، ألبارو إيرانثو، إن “احتفالنا بالعيد الوطني لإسبانيا يتزامن كل عام بوصول الرحلة الاستكشافية الإسبانية بقيادة الرحّالة العظيم كريستوفر كولومبوس إلى أمريكا، في الثاني عشر من أكتوبر من عام 1492، وقد أفسح هذا الإنجاز المحوري المجال لعصر من التطورات الحاسمة بين العالمّين القديم والحديث، والتي لا تزال تتكّشف بعد خمسة قرون”.
وأضاف: “فخورون بشكل خاص بالروابط القوية والمجتمع اللغوي والثقافي الذي يربط إسبانيا بأمريكا اللاتينية بأكملها.
ولكن، توجهنا الأطلسي لا يأتي على حساب علاقة إسبانيا بالعالم المتوسطي، والتي لم تتوقف قط عن كونها واقع وفير، ونحن فخورون بالإرث المذهل الذي تركه الوجود العربي بإسبانيا، على مدار ثمانية قرون”.
وتابع: “نحن على قناعة فعلية بالأهمية الاستراتيجية لبناء شراكة قوية مع جيراننا المقربين حول بحرنا المشترك، ولهذا السبب نحن ملتزمون بالاتحاد من أجل المتوسط، ويسعدنا أن نستفيد من تصميم مصر على تطوير علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي بشكل كامل”.
وأشار إلى أن التوقيع الأخير على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين مصر والاتحاد الأوروبي يصاحبه حزمة مالية غير مسبوقة تصل إلى 7.4 مليار دولار. هذا تعبير واضح على الإرادة الأوروبية، وبالطبع الإسبانية، لإعطاء الأولوية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في مصر.
واستطرد: “في احتفالنا بالعيد الوطني العام الماضي، أُتيحت لي الفرصة للإشارة إلى الأحداث المأساوية التي وقعت في غزة. ورغم سوءها، إلا أن الوضع الإقليمي الحالي وبعد مرور عام، أصبح أسوأ”، لافتا إلى أن “إسبانيا لم تقف مكتوفة الأيدي، فقد أدانت تجاهل القانون الدولي الإنساني غير المقبول وسقوط العدد الكبير من القتلى المدنيين نتيجة للعمليات الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية ولبنان”.
وقال إن “وقف إطلاق النار في هذه المناطق المضطربة يشكل الأولوية الأولى بالنسبة لنا أكثر من أي وقت مضى، ونحن ممتنون لمصر على دورها كوسيط والذي لا يمكن الاستغناء عنه. ولكن على المدى الطويل، نحن مقتنعون بأن حل الدولتّين وحده هو القادر على توفير آفاق السلام والأمن والكرامة الدائمين للشعبّين الفلسطيني والإسرائيلي”.
ولفت إلى أنه “على وجه التحديد، اعترفت إسبانيا رسميا بدولة فلسطين من أجل تعزيز حل الدولتين باعتباره الخيار الحقيقي الوحيد”.
وأكمل: “في هذه الأوقات العصيبة، تلتزم إسبانيا ومصر بشكل مشترك بإيجاد حل سلمي وعادل للصراعات الإقليمية الطويلة الأمد. وفي العام الماضي، وصل حوارنا السياسي إلى مستويات غير مسبوقة. فقد زار كل من رئيس الحكومة سانتشيث ووزير الخارجية ألباريس مصر مرتّين، ومن المتوقع أن يزور الأخير مصر مرة أخرى، خلال الأسبوع المقبل. كما كان من دواعي سرورنا استقبال وزير الخارجية السابق سامح شكري والوزير الحالي بدر عبد العاطي في مدريد، بالإضافة إلى وزراء السياحة والاتصالات والنقل”.
وفي المجال الاقتصادي، قال إن إسبانيا تواصل دعم الإصلاحات الهيكلية وتدابير التكيف في مصر، وفقًا لما تم الاتفاق عليه مع صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي. و”نحن نقدم الدعم المالي لمشروعات البنية الأساسية في النقل المستدام والطاقة المتجددة ومعالجة المياه، من بين القطاعات الاستراتيجية الأخرى”.
ونوه إلى أن حجم التبادل التجاري الثنائي بين مصر وإسبانيا بلغ ثلاثة مليارات يورو العام الماضي، كما أصبحت مصر واحدة من الوجهات السياحية المفضلة للإسبان: فقد استمتع ما يقرب من 400 ألف زائر إسباني بالتجربة المصرية العام الماضي، ونأمل أن تتزايد هذه الأرقام مع استمرار بلدنا المضيف في إثراء وتنويع عروضه السياحية”.
وتابع أنه “بفضل المنح غير القابلة للاسترداد، ضاعف التعاون الإسباني ميزانيته السنوية لمصر. ونحن منخرطون في عدد لا يُحصى من المشروعات التي تم الاتفاق عليها بالاشتراك مع مصر في مجالات مثل تغير المناخ والصحة وإدارة المياه وقضايا الهجرة وخلق فرص العمل، كما نولي اهتمامًا خاصًا للمساواة بين الجنسّين ومكافحة العنف ضد المرأة”.
ولفت إلى أن “المصريين يعربون بشكل مطرد عن اهتمام متزايد بلغتنا وثقافتنا، كما يتضح من الطلب المرتفع على تعلُم اللغة الإسبانية في معاهد ثيربانتس بالقاهرة والإسكندرية. ونحن ملتزمون أيضًا بالأنشطة الثقافية التي تعبر عن إبداعنا المتبادل. وبالطبع، نُشيد بعمل البعثات الأثرية الإسبانية المصرية التي تبلغ اثنتا عشر بعثة، والتي تقوم بالتنقيب في الماضي الرائع لهذا البلد”.
وزاد: “في العام الماضي، تكثّف عملنا القنصلي بشكل كبير. أود أن أسلط الضوء على عمليات إنقاذ الإسبان المحاصرين في غزة، والتي تمكننا من القيام بها بفضل تعاون السلطات المصرية وطاقم السفارة، وهو الطاقم الذي قام أيضًا بتنظيم عملية الإخلاء الطبي لـ15 قاصرًا فلسطينيًا مريضًا”.