فيلم عاشق.. علاقة رومانسية تنتهي بمفاجأة في مصحة للأمراض العقلية
يعرض حاليا في صالات السينما المصرية فيلم عاشق، من بطولة أحمد حاتم وأسماء أبو اليزيد، وتدور أحداثه في إطار متقاطع بين الرومانسية والغموض والإثارة، حيث يعتمد على أحداث تحمل كثيرا من المواقف التشويقية حتى نهاية الفيلم.
يشارك في بطولة الفيلم محسن محيي الدين ومحمود الليثي، وضيوف الشرف: سامي مغاوري وفراس سعيد وهنا الزاهد، وهو من تأليف محمود زهران وإخراج عمرو صلاح، وعلى مدار 4 أسابيع عرض حقق الفيلم إيرادات بلغت 19 مليون جنيه.
تدور أحداث الفيلم حول الطبيب النفسي مالك وزوجته فريدة، والتي تعاني من اضطراب نفسي قوي أدى إلى إصابتها بحالة من الهلوسة وفقدان السيطرة على نفسها، وتمر فريدة بعدد من المواقف الصعبة والغامضة التي تتسم بكثير من الرعب، ما يجعلها تدخل في دائرة مفرغة من الألم والمعاناة النفسية في الحاضر، بالإضافة إلى شعور الذنب الذي تحمله بداخلها بعد تسببها في مقتل والدتها وسيدة أخرى لا تربطها بها أي علاقة، وفي هذا الإطار الغامض يبحث المتفرج عن اللغز المتمثل في سبب وصول فريدة إلى هذه الحالة الهستيرية.
يظهر في الفيلم أسلوب مؤلفه المعروف بأعماله السينمائية التي تحمل طابعا رومانسيا واضحا، ومن أعماله السابقة فيلم “أنا لحبيبي” بطولة ياسمين رئيس وأحمد فهمي، و”قمر 14″ بطولة جماعية لعدد من النجوم من بينهم شيرين رضا وخالد النبوي وأحمد الفيشاوي وأسماء أبو اليزيد وأحمد فهمي وغادة عادل ومحمد علاء وغيرهم، وهذا الفيلم جمع بين أسماء أبو اليزيد وأحمد حاتم في قصة حب معقدة أيضا وانتهت بموتهما.
كرر زهران التعاون مع النجمين في الفيلم الجديد “عاشق”، في علاقة حب معقدة، وممتلئة بالمفاجآت، حيث يعتمد زهران أسلوب الفلاش باك في السرد، أي الرجوع بالزمن لأحداث في الماضي لها تأثير أو تفسير أمر ما في حاضر الشخصيات الدرامية، ويمكن رؤية أسلوب السرد في الفيلم من منظور “السرد اللاخطي” الذي يقترب الفيلم منه نوعاً ما.
ويعني مفهوم السرد اللاخطي أسلوب سردي يُستخدم في مجالات الأدب، والسينما، وغيرها من الفنون، حيث يتم تصوير الأحداث خارج التسلسل الزمني التقليدي لها، حيث لا يميل هذا الأسلوب إلى البناء المنطقي للحبكة، من خلال البداية ثم تطور الأحداث حتى الذروة ثم الوصول إلى الحل، وإنما يمكن أن ينطلق الفيلم في حالة السرد اللاخطي من لحظة الذروة أو قمة الأحداث، ويضع المشاهد في ارتباط مع الشخصية المتحكمة في الأحداث لأنه يرى الحدث من خلالها في الحاضر والماضي في آن واحد.
وهذه السمات “المراوغة والاعتماد على عدم الترتيب وعنصر الاستكشاف أكثر من التوضيح” هي التي تجعل فيلم “عاشق” أقرب إلى أسلوب السرد اللاخطي، حيث يعتمد بشكل كبير على المشاهد غير المُرتبة، مع استخدام الفلاش باك بكثرة، ويعتمد الفيلم على الفلاش باك على مستويين، مستوى أول يبدأ من لحظة ذروة في الفيلم ترتبط بالشخصية الرئيسية دكتور مالك (أحمد حاتم) حيث ينكشف أسباب قراره الاستقالة من عمله، والمستوى الثاني الذي يعود بالزمن أبعد من الماضي القريب حيث يكشف كافة التفاصيل الغامضة التي أدت إلى تدهور حالة فريدة (أسماء أبو اليزيد) الصحية وإصابتها بالهلوسة، وهو الماضي الذي يعود لحياة مالك قبل لقائه بفريدة وأسباب ارتباطه بها وزواجه منها.
استخدم صناع العمل الفلاش باك كأسلوب للتعريف بالشخصية الرئيسية، فريدة للكشف عن أسباب إدمانها ومشاكلها النفسية وعلاقتها المعقدة مع والدها ووالدتها المُتوفية.
يمكن اعتبار السرد اللاخطي سلاح ذو حدين، لأن في هذه الحالة يمكن أن يحدث تشويش ما للجمهور، فهذا الأسلوب يعتمد بشكل أساسي على إشراك المتفرج في الحدث ومحاولة التفكير فيه، وعند غموض أي معلومة بشكل مبالغ فيه يمكن أن يجعل المشاهد يفقد حالة الاشتباك مع أحداث الفيلم ولا يفهمه في النهاية، وهو ما حدث لبعض المتفرجين بالفعل، في بعض المواقف، ولكن على المستوى العام لم تكن سلبيات الأسلوب أكثر من إيجابياته في العمل ككل، ما جعله موطن قوة وليس ضعفا.
ومن مواطن القوة الأخرى في الفيلم الديكور الخاص بأماكن سكن الشخصيات، والتي تظهرهم في أغلب الوقت وكأنهم داخل سجن، وكأن كل فرد مهما بدا ملائكيا ومحباً هو في الحقيقة مذنب بشكل ما أو بآخر، وأن دائرة الظلم في العمل تضم الجميع، حيث يمكن اعتبار جميع الشخصيات ظالمة ومظلومة في آن واحد.
وقد وظف صناع العمل بعضا من حيل أفلام الرعب داخل العمل لزيادة حالة التشويق والإثارة، وممكن اعتبار هذا التوظيف جاء في مصلحة العمل لأن إثارة المخاوف لدى المتفرج وجذبه باستمرار من خلال لحظات الرعب المفاجأة ربما جعلت المتفرج يستعيد انتباهه تجاه الفيلم إذا فقده بسبب تشابك الأحداث وعدم فهمها في كثير من النقاط، التي بالغ المؤلف في الغموض بها.