مدبولي: تعاون مصري – سعودي في النقل وربط الموانئ.. ورغبة مشتركة في التحول لمركز إقليمي للنقل اللوجستي وسلاسل الإمداد
المؤتمر حقق نجاحًا كبيرًا على مدار السنوات الماضية على صعيد جذب الاستثمارات وتسليط الضوء على جهود التنمية في المملكة العربية السعودية الشقيقة
الدولة المصرية تُولي أهمية بالغة لدور القطاع الخاص في قيادة عملية التنمية الاقتصادية وتحقيق الأولويات والخطط الوطنية
رئيس الوزراء يُعرب عن تقدير مصر للتوقيع على “اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة بين البلدين” والاتفاق على تشكيل مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي
ألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، كلمةً خلال مشاركته نيابةً عن الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، في الجلسة الافتتاحية للنسخة الثامنة لمؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار”، الذي تستضيفه المملكة العربية السعودية خلال الفترة من 29 إلى 31 أكتوبر الجاري.
وفي مستهل كلمته، نقل رئيس الوزراء خالص تحيات وتقدير الرئيس السيسي لخادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وللأمير محمد بن سلمان، ولي عهد المملكة العربية السعودية، رئيس مجلس الوزراء.
وقال مدبولي: “أودُ أن أعبر عن شكري وامتناني على الدعوة الكريمة لحضور النسخة الثامنة من مؤتمر ‘مبادرة مستقبل الاستثمار’، وإلقاء كلمة نيابةً عن رئيس الجمهورية”.
وأضاف: “أنتهز هذه الفرصة لأشيد بالنجاح الكبير الذي حققه هذا المؤتمر المهم على مدار السنوات الماضية، خاصةً على صعيد جذب الاستثمارات وتسليط الضوء على جهود التنمية في المملكة العربية السعودية الشقيقة، وذلك في إطار تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030، التي أحرص على متابعة مُنجزاتها عن قرب، من منطلق وحدة المصير والمسار بين مصر والمملكة”.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن شعار هذه النسخة من المؤتمر “أفق لا متناهٍ: الاستثمار اليوم لصياغة الغد” يعبر حقيقةً عن الأولوية القُصوى للحكومة المصرية، التي تعمل جاهدةً لصياغة غدٍ أفضل للأجيال القادمة، رغم التحديات الهائلة الناجمة عن التصعيد الخطير في منطقة الشرق الأوسط وحالة الاستقطاب وعدم الاستقرار الدولي، إلى جانب التحديات التي تواجه التنمية المستدامة، مثل جائحة كورونا، وتذبذبات أسواق الغذاء والطاقة، وشح المياه.
وتابع مدبولي: “بالرغم من تلك التحديات، فإن مصر عازمة على المُضي قدمًا في مسيرة التنمية الشاملة لتحقيق الرخاء والازدهار، وتواصل العمل بلا هوادة تحت قيادة الرئيس السيسي من خلال عدة محاور”.
وأوضح أن المحور الأول يتمثل في تعزيز دور القطاع الخاص، مؤكدًا أن الدولة المصرية تولي أهمية بالغة لهذا الدور في قيادة التنمية الاقتصادية. وأضاف أن الحكومة اتخذت خطوات لتحسين مناخ الاستثمار وتمكين القطاع الخاص، منها تحديد سقف للاستثمارات الحكومية، وتوحيد سعر الصرف، ومنح الرخصة الذهبية، وتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية.
وأشار إلى تبني سياسات ضريبية جديدة، واعتماد برنامج لدعم الصادرات، وإطلاق استراتيجية وطنية للصناعة تستهدف زيادة المكون المحلي وجذب استثمارات في صناعات مهمة مثل السيارات الكهربائية.
وقال مدبولي: “المحور الثاني هو النهوض بقطاع الطاقة، إذ يرتبط مستقبل التنمية المستدامة بأمن الطاقة، خاصةً في ظل الفجوة بين المصادر المتاحة والاحتياجات المتزايدة”. وأضاف أن مصر تسعى إلى تنويع مصادر الطاقة وتعزيز كفاءتها، للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة، عبر شراكات مع الدول الشقيقة في مجال الطاقة المتجددة.
وفي هذا السياق، أشار إلى مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميجاوات من الكهرباء على مرحلتين.
وأكد مدبولي أن المحور الثالث هو النقل والتنمية الحضرية، مشيرًا إلى أن مصر استثمرت في البنية التحتية وبناء مدن ذكية، مثل العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة، وفق معايير الاستدامة والتقدم التكنولوجي.
وأضاف أن مصر أطلقت استراتيجية لتطوير النقل تشمل إنشاء شبكات طرق وتطوير السكك الحديدية والنقل النهري والموانئ البحرية، بجانب إطلاق “استراتيجية التنمية المستدامة للنقل البحري”. وأكد وجود تعاون وثيق بين مصر والسعودية في مجالات النقل وربط الموانئ، مع رغبة البلدين في التحول لمركز إقليمي للنقل اللوجستي وسلاسل الإمداد.
وأشار إلى أن المحور الرابع يتمثل في تطوير قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، لا سيما الذكاء الاصطناعي.
وأكد مدبولي أن الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات باتت محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات، لافتًا إلى أن الحكومة تنفذ مشروعات في إطار “منصة مصر الرقمية” وتهتم بتنمية العنصر البشري في هذا المجال، بالتوازي مع تطوير البنية التحتية الرقمية.
وأضاف أن العنصر التكنولوجي أصبح جزءًا من مشروع “حياة كريمة” لتحسين مستوى المعيشة في القرى، حيث تم تمديد الألياف الضوئية إلى المناطق الريفية لخدمة نحو 58 مليون مواطن.
وأكد رئيس الوزراء في كلمته أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين الاقتصاد والاستثمار من جهة، والسلام والاستقرار من جهة أخرى، مشيرًا إلى أن الصراعات المستمرة في الشرق الأوسط تمثل تحديات معقدة.
وقال: “أبرز التحديات الراهنة هو استمرار العدوان الإسرائيلي على أشقائنا الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، وامتداد رقعته إلى لبنان”.
وشدد على دور مصر والسعودية كركيزتين أساسيتين للأمن والاستقرار في المنطقة، مشيرًا إلى ضرورة وقف إطلاق النار وتجنب الانزلاق إلى حرب إقليمية شاملة.
وأكد أن أمن الخليج جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وأن تحقيق التنمية يرتبط بتحقيق السلام الشامل، عبر إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفقًا لقرارات الشرعية الدولية.
وأعرب مدبولي عن اعتزازه بالشراكة الإستراتيجية بين مصر والسعودية، مثمنًا جهود المملكة تحت قيادة الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان في تحقيق طفرة تنموية. وأكد استعداد مصر للمساهمة في مسيرة التنمية بالمملكة.
كما أعرب عن تقدير مصر للتوقيع على “اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة”، والاتفاق على تشكيل مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي، بما يعكس رغبة البلدين في تعزيز التعاون الاستثماري.
وفي ختام كلمته، وجه مدبولي شكره لخادم الحرمين الشريفين وولي العهد، معبرًا عن ثقته في أن تسهم المناقشات في المؤتمر في دفع جهود التنمية وتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة والعالم.