أخبار الفن

راح نرجع ونبني غصب عنهم.. الفيلم الفلسطيني «حالة عشق» عن بطولة الطبيب غسان أبو ستة

عرض ضمن برنامج الأفلام الفلسطينية في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الفيلم التسجيلي الطويلة the state of passion/ ” حالة عشق” عن الأستاذ البريطاني – الفلسطيني غسان أبو ستة المشارك في علم الجراحة، وجراّح التجميل والترميم الشهير.

الفيلم من إعداد وإخراج المخرجتين كارول منصور ومنى خالدي، وهما صديقتان لـ أبو ستة، وقد قررتا صناعة فيلم عنه بعد عودته إلى غزة مع انطلاق الحرب على القطاع للمشاركة في علاج الأطفال الجرحى، واستمر العمل على التصوير حتى مارس 2024، ثم بدأت مرحلة المونتاج.

يقترب الفيلم أكثر من الرجل صاحب أشهر الخطابات من أمام مستشفى المعمداني بعد المجزرة التي وقعت هناك في 17 أكتوبر 2023، ويأخذنا الفيلم في رحلة داخل منزله، مع والدته وعمه وزوجته وأطفاله، وينقسم العمل على المستوى التسجيلي بين حياة الرجل خلال الفترة التي قضاها في غزة، وحياته كأب في المنزل وعلاقته مع أبنائه، وأيضاً يركز على تأثير رحلات غسان المتكررة إلى غزة أثناء الحروب وخاصة الحرب الأخيرة على عائلته، يرصد العمل قلقهم وخوفهم وأفكارهم خاصة عندما يتغيب لأيام دون إرسالة رسالة طمأنينة واحدة.

تختار المخرجتان تسليط الضوء على هذه الجوانب من حياة الرجل، لكي نعيش معه لحظات مختلفة من حياته، ليس فقط داخل القطاع المحاصر، ولكن نقترب منه إنسانياً أكثر، وتوظفان في كل جانب الأساليب الخاصة بالنوع السينمائي “الفيلم التسجيلي” لخلق صورة بصرية موازية للحديث والشعور المُراد طرحه.

أولا الجانب الخاص بالفترة التي قضاها أبو ستة في غزة، تم الاعتماد فيها على الرسائل المتبادلة بين غسان وزوجته، وبينه وبين المخرجتين، عبر تطبيق الواتس آب، حيث يحكي غسان ما يجري معه في المستشفى داخل غزة، من نقص للأدوات والأدوية وقصف واستهداف، مع محاولات طمأنة زوجته، أو من يحبونه، هذه التسجيلات كانت شديدة الألم وتزيد الخوف لدى الأسرة ولكنها السبيل الوحيد أن غسان بخير لأنه مازال يتحدث معهم.

أما الجانب الآخر المتعلق بالحياة الشخصية لـ غسان فهي يدور معظمه وصُور داخل منزله ومع زوجته وأبنائه، حيث يقول غسان عن زوجته: “يا حرام شو غلطت بالعنوان لما اتزوجت واحد ملطوش زيي”، وهي امرأة من غزة، دائمة الذهاب وأبنائها إلى هناك وقد غادرت قبل بداية الحرب بشهر واحد فقط، وفي هذا السياق يظهر غسان وهو ينظف المنزل ويساعد الأولاد في ارتداء ملابسهم قبل المدرسة، وتجهيز الإفطار مع زوجته، وحديثهما سويا عن اللقاء الأول وقرار الارتباط، وجزء من اهتمام المخرجات بحياة غسان الشخصية هو وضع صورة زوجته في خلفية البوستر الخاص بالفيلم.

وعلى المستوى الإنساني ترصد كارول ومنى تأثير تصرفات غسان وقراراته على أهله، مشاعرهن المتوترة والخائفة من ذهابه إلى غزة، وشعورهم بالواجب تجاه ما يفعله، وهذا الشعور ينتقل إلى أبنائه، حيث يؤكد أحدهم أنه يجتهد في دراسته لأنه يريد أن يعود ويخدم أهل وطنه في غزة.

لحظات الدموع ليست كثيرة في الفيلم رغم قصته المؤثرة، حيث تبتعد المخرجتان عن استدعاء الحزن والبكاء بأي طريقة، بل يتركان المشاهد يقوم بفعل المُشاهدة فقط ويختار في أي لحظة يتأثر، مبتعدين عن الموسيقى التصويرية كثيرة الاستخدام أو البكاء فيما يتعلق بأهله، على العكس جميعهن يبتسمون، ولعل أشد لحظات الفيلم حزناً عندما يبكي غسان وهو يعرض صوراً متنوعة للجراحات التي أجراها لأطفال غزة، وهذه الصور جزء من المادة الأرشيفية المستخدمة بكثرة إضافة إلى صور من داخل المستشفيات في الفيلم.

لا يرى غسان نفسه بطلاً بل أنه شخصاً يؤدي واجبه، ودائماً يكرر أن جزء من فعله هو “هروب من الشعور بالعجز”، وتختار المخرجتان جعل الصورة البصرية الموازية لهذه الكلمات لقطات مختلفة من اللقاءات التلفزيونية والمؤتمرات التي أُجريت مع غسان منذ عودته من غزة، وجميع أسرة غسان لديهم نفس إصراره وقوته وشعورهم بالواجب ورفض شعور العجز، حيث تقول زوجته “راح نرجع وراح نبني غصب عنهم”، وهذه الحالة التي تعبر عنها الشخصيات من التمسك بالوطن هي حالة عشق، وهو اسم الفيلم الذي يمكن تفسيره على أكثر من مستوى، سواء عشق غسان وعائلته لغزة أو عشق زوجته له رغم المتاعب والمخاطر التي يخوضها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *