الحدوة والحصان
دكتور / السيد مرسى
قانون الإيجار القديم يدور حوله جدل ونقاش لم ينقطع منذ سنوات طويله في مصر والمسؤولية تقع على المشرع والحكومات السابقة حتى جاء حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان تثبيت القيمة الإيجارية، والذى منح مجلس النواب مهلة حتى 30/6/ 2025 لإعداد قانون جديد يحقق العدالة بين المالك والمستأجر ، وهذا الجدل غالبا ما يكون على نطاق ضيق ومحدود وفيه التعصب من جانب المالك او المستأجر كلا يحاول أن يفرض رأيه على الطرف الآخر حتى في حالة الخطأ، اما النقاش الهادئ المثمر نجده بالمؤتمرات او المنتديات والحوارات التليفزيونية غالبا ما يدخل احدهم معترضا بطريقة سلطوية متحيزا الى فئة دون الأخرى
ولازال الجدل مستمرا حتى صدور القانون المنظم للعلاقة بين المالك والمستأجر والذى أشار إليه حكم المحكمة الدستورية ، والمالك هنا يتنفس الصعداء، بعد قرابة نصف قرن من سريان القانون 136 لسنة 1981(الاستثنائي ) والذى توقفت معه ثرواته عن ضخ عوائدها و المستأجر بموجبه يمكث بالوحدة المؤجرة و يورثها لأبنائه مقابل جنيهات قليلة، في الوقت الذي قد لا يجد فيه المالك مكان للعيش له أو لأبنائه وذلك لعدم امتلاكه حق إخراج المستأجر أو ورثته من العقار ، ومن الطرائف أن وزارة الأوقاف تعانى هي الأخرى ، حيث طالب وزيرها أكثر من مرة مجلس النواب ، بإحداث تعديل تشريعي على قانون الإيجارات القديمة، لكن الأمر حينها لم يكن مستساغا للكثير من أعضاء مجلس النواب في حينه ، وأشار إلى حجم خسائر الوزارة التي تتجاوز تقريبا ما بين ٥٠٠ مليار جنيه إلى ٨٠٠ مليار جنيه سنويا، مع وجود عقارات وفيلات قيمتها السوقية تتراوح من 300 إلى 700 مليون جنيه، وإيجارها 8 جنيهات فقط، وكذلك «شقة»، قيمتها 20 مليون جنيه، وإيجارها الشهري حاليا 6 جنيهات فقط.، لذلك كان لزاما وقف هذا الانتهاك في حق الثروة العقارية.
هنا يجدر الإشارة بأن معالجة عدم ثبات القيمة الايجارية بشكل منصف، والذى يجب أن يتم من خلال مراعاة الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمستأجر حتى لا تحدث آثار قانونية كبيرة، تستلزم في الغالب تشريعًا جديدًا يوازن بين حقوق الطرفين لضمان العدالة الاجتماعية بين الأطراف وكفانا تقصير وتسويف في بسط ميزان العدالة ، ولا نعمل كما جاء بالمثل الإنجليزى القائل ” عندما ضاع المسمار وبسببه، ضاعت الحدوة، ولعدم وجود الحدوة، ضاع الحصان، ولعدم وجود الحصان، فشل الفارس فى المعركة ، هذا المثل يعبر عن أهمية التفاصيل الصغيرة وعواقبها وإهمالها، حيث يمكن أن تؤدى إلى سلسلة من الأحداث التي تؤدى إلى نتائج كارثية بين طائفتين في المجتمع المصرى وهذا مالا نتمناه ابدا .
الى اللقاء: دكتور / السيد مرسى