مهرجان القاهرة للسينما الفرنكوفونية يطلق مبادرة لإنتاج أفلام توعوية عن الأمراض المستعصية
أطلق مهرجان القاهرة للسينما الفرنكوفونية مبادرة لتقديم أفلام توعوية طبية من خلال إنتاج مجموعة من الأفلام القصيرة عن الأمراض المستعصية، على أن يتقدم السينمائيون بأفكار سيناريوهات تتناول كافة الموضوعات الطبية والصحية بشكل إبداعي متجدد بعيدًا عن التناول الاستهلاكي أو المباشر.
جاء ذلك خلال الجلسة النقاشية التي عقدت مساء اليوم الأحد، ضمن فعاليات اليوم الثالث للدورة الرابعة لمهرجان القاهرة للسينما الفرنكوفونية، برئاسة الناقد والكاتب د. ياسر محب، تحت عنوان “الصحة والدراما السينمائية.. آفاق من التكامل والتنمية في الجمهورية الجديدة”، والتي تحدث فيها المستشار الدكتور عمرو عبد الرازق رئيس مجلس إدارة شركات “وادي النيل شتيو” و”إس إل إس”، والدكتور ياسر محب رئيس المهرجان، وأدار الندوة الناقد الفني أحمد سعد الدين، وحضرها عدد كبير من المهتمين والمتخصصين بالفن السينمائي ومن ذوي الهمم، وعُرض في مقدمة الندوة فيلم تسجيلي عن الأفلام السينمائية الهامة التي ناقشت الأمراض المختلفة.
وتأتي الجلسة في إطار مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي لإعادة بناء الإنسان المصري، وبهدف إلقاء الضوء على دور كبرى الشركات الوطنية في مجال الخدمات الطبية والعلاجية في دعم جهود القيادة السياسية والدولة نحو توفير أحدث الحلول الصحية للمواطن المصري، والإسهام في رفع مستوى صحة ومعيشة المواطن، والدور الذي يجب أن يقوم به الفن والأعمال السينمائية لإبراز ودعم وإنجاح جهود الدولة لخدمة القطاع الصحي في مصر.
أعلن الدكتور عمرو عبد الرازق عن مسابقة لأفضل سيناريو يناقش الأمراض المستعصية بالتعاون مع مهرجان القاهرة للسينما الفرنكوفونية، حيث سيتم منح جوائز للمؤلفين والمخرجين، مع العمل على حصر دقيق لأمراض مثل الفشل الكلوي والتوجه إلى حصر مرض الكبد، وأكد أن هذه المبادرة مفتوحة للجميع من إعلاميين وكتاب والمجتمع المدني وكل من يمكنه المساهمة في هذا المشروع الوطني.
تحدث المستشار الدكتور عمرو عبد الرازق عن اهتمامه بالمبادرة التي تهدف إلى دمج السينما بصناعة الدواء والخدمات الصحية والعلاجية، وصولاً إلى طرق جديدة لعلاج الإنسان والتأثير على المجتمع عبر الشاشة الكبيرة، وأوضح أن السينما تمثل وسيلة فعّالة للتوعية، حيث يمكن من خلالها توصيل رسائل صحية مهمة إلى كل منزل، مشيراً إلى أهمية التعاون بين صناع الدواء والمبدعين في مجال السينما.
وتابع عمرو عبد الرازق أن الوصول إلى الجمهور من خلال السينما يعد أسهل الطرق، وهو ما يساعد في توفير الكثير من الجهد على الدولة في صناعة الدواء، وأكد على ضرورة تغيير مفهوم المواطن حول الدواء المصري، مشيراً إلى أنه لا يقل فعالية عن الأدوية الأجنبية، كما أوضح أن صناعة علاج الفشل الكلوي التي كانت تستورد من الخارج أصبحت الآن تُصنع محلياً في مصانع وادي النيل شتيو الوطنية بفضل الجهود المبذولة في هذا المجال.
وأضاف عمرو عبد الرازق قائلاً: “نحن لا نقبل الهزيمة، والسينما ستكون داعماً رئيسياً للدواء المصري في الفترة القادمة من خلال العمل على إنتاج أفلام ومسلسلات تدعم هذه الرؤية”، كما أن هناك تعاوناً بين المؤلفين والمخرجين وصناع الدواء بهدف إنتاج أعمال فنية لتوصيل هذه الرسائل بطريقة مؤثرة، مشيراً إلى أن هيئة الدواء تشرف بشكل كامل على صناعة الدواء المحلي.
وأكد عمرو عبد الرازق أن السينما والموسيقى تلعبان دوراً مهماً في علاج المرض النفسي من خلال رفع مستوى الوعي المجتمعي، وأشار إلى أن السينما تساهم في تغيير النظرة السلبية تجاه الأدوية المصرية، وهو ما يعزز من قدرة الدولة على تصدير هذه الأدوية إلى الخارج، كما أكد على أهمية تقديم أعمال سينمائية متنوعة بالتعاون مع النجوم الكبار لتوجيه رسالة أمل للمجتمع، وتحفيز الناس على الثقة في منتجاتهم الوطنية، مؤكداً أن هدفه خلال العامين القادمين هو أن تصبح صناعة السينما وصناعة الدواء والخدمات الصحية وجهان لعملة واحدة تصب في صالح المواطن المصري ومستهدفات الدولة.
وصف الدكتور ياسر محب المبادرة بالحل الحيوي لنشر الدور التوعوي للفن، مشيراً إلى أنه خلال مشاركته في مؤتمرات الصحة اتخذ القرار بضرورة أن يكون المهرجان جزءًا من إيجاد حلول للتوعية بالأمراض المستعصية، والربط بين رجال صناعة الدواء والإنتاج السينمائي بحيث تستفيد صناعة السينما من دعم رجال الصناعة الوطنيين العاملين في مجالات أخرى غير الإنتاج السينمائي والدراما، ووجد التعاون مع المستشار عمرو عبد الرازق فرصة لتقديم هذه النوعية من الأعمال المهمة، وقرر أن يدعمها المهرجان.
مشيراً إلى أن السينما تعتبر من أبرز أدوات “القوة الناعمة” التي تؤثر بشكل إيجابي في العديد من المجالات، مثل دعم السياحة والرياضة ومناهضة العنف ضد المرأة، والتوعية بقضايا الإعاقة، وأشار إلى أن العديد من الأعمال السينمائية والتلفزيونية تناولت القطاع الطبي، مشيداً بدور صناع السينما في دمج قضايا المرضى في المجتمع ومساعدتهم على إيجاد الدعم الصحي المناسب.
وأضاف أن القطاع الصحي بحاجة إلى دعم بشري مستمر، وأن الدولة قد قامت بتفعيل دور السينما والثقافة كأدوات “قوى ناعمة” لدعم أهداف التنمية المستدامة 2030، وتساءل عن مدى قدرة السينما على تقديم الدعم لهذه الفئات، مشيراً إلى أن وزارة الثقافة قد فتحت المجال أمام المتخصصين وكتاب السيناريو لدعم القضايا الصحية من خلال الأعمال السينمائية، كما أوضح أن الدولة تعُول على السينمائيين الكثير لتحقيق هذا الهدف مع السعي إلى تقديم أفكار جديدة “خارج الصندوق”.
وأشار د. ياسر محب إلى أهمية الدور الذي تلعبه السينما في توصيل الرسائل حول تطوير وتصنيع العلاج، مضيفاً أن الهدف هو استفادة جميع القطاعات، وخاصة السينمائيين، ولفت إلى أنه يتم العمل على إنتاج مجموعة من الأفلام القصيرة، سواء كانت تسجيلية أو درامية، للتوعية بالقضايا الصحية في المجتمع المصري، كما تحدث عن التعاون المثمر بين السينما ووزارة الصحة في مبادرة مشتركة تهدف إلى إنتاج أفلام تدعم القطاع الصحي وتساهم في نشر الوعي من خلال شركة وادي النيل شتيو والمهرجان.
وأضاف أنه تم عرض فيلم كامل داخل سيارة إسعاف في مهرجان “كان” السينمائي الأخير، مما يعكس الجهود المبذولة لإظهار التحديات التي يواجهها القطاع الصحي، كما دعا إلى إعادة حسابات الدراما في بعض المجالات، مؤكداً أن هناك فجوة بين رجال الأعمال والصناعة والجمهور، وأن “القوى الناعمة” تحتاج إلى صناعة قوية تدعمها.
وأكد أن رأس المال يلعب دوراً مهماً في تطوير هذه الصناعة، داعياً كتاب السيناريو والمخرجين إلى اغتنام الفرص والاستفادة من هذه المبادرة التي يطلقها المهرجان، والعمل على كتابة سيناريوهات تدعم هذه الصناعة وتساهم في تطويرها.
وعلق الناقد الفني أحمد سعد الدين أن العلاقة بين الدراما والصحة علاقة وثيقة وعميقة، حيث تساهم الأعمال الفنية، وخاصة السينمائية والتلفزيونية، في تقديم رسائل صحية بطرق مؤثرة وسهلة الفهم، فالعديد من الأفلام والمسلسلات ناقشت قضايا صحية متعددة، مما يساعد المشاهدين على التعرف على الأمراض وطرق التعامل معها بشكل غير مباشر.
وضمن فعاليات اليوم الثالث، عُرضت أربعة أفلام قصيرة، وهي “بليغ حمدي عاشق النغم” للمخرجة فايزة هنداوي، وفيلم “الصقر” للمخرج أحمد عبد العليم قاسم، وفيلم “مرار بطعم الشوكولاتة” لمصطفى وفيق، وفيلم “في المرآة” للمخرج هشام علي عبد الخالق، وفيلم “سيدة المسرح العربي” للمخرج أشرف فايق.