آراء وتحليلات

تعديلات حول الدستورالثانى للبلاد

 

دكتور / السيد مرسى

كلام كثير يقال هذه الأيام ، وما يصاحبه من جدل واختلاف في الرأى بين فقهاء القانون والمحامون وخبراء واعلاميون ورموز نقابيه مختلفة حول تعديلات قانون الإجراءات الجنائية والذى يعد بحق الدستور الثانى للبلاد لأنه حجر الزاوية في تنظيم العدالة الجنائية في مصر ، وحسنا فعل مجلس النواب عندما أعلن في بيان رسمي ، أن أبوابه ما تزال مفتوحة لمناقشة أية تعديلات على مشروع هذا القانون المثير للجدل، نظرا لتأثيراته الخطيرة والمباشرة على المواطنين والمتقاضين وأطراف العدالة كافة بما فيها سلطات إنفاذ القانون، لأجل ضمان تحقيق العدالة بشكل أكثر كفاءة وشفافية ، فهذه التعديلات تعكس جهودًا لتحسين النظام القضائي، مع تأكيد على تعزيز الحقوق الدستورية ومراعاة الالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان وتحقيق ضمانات أوسع للمتهمين ، في هذا المقال سوف أقدم أبرز هذه التغييرات الواجب توافرها في قانون الإجراءات الجنائية:

1. إتاحة الاستئناف في قضايا الجنايات: يجب أن يتم السماح للمتهمين باستئناف الأحكام الصادرة عن محاكم الجنايات، كما هو حال بلدان عديدة ومنها في فرنسا، حيث يُعد الاستئناف أحد المراحل الأساسية في النظام الجنائي، فذلك يتيح للأطراف المعنية الاعتراض على حكم صدر عن محكمة الدرجة الأولى، ويعزز حق التقاضي على درجتين، وهو مطلب حقوقي تأخر تنفيذه لسنوات عديده

2. تحديد مدد الحبس الاحتياطي: تقليص فترات الحبس الاحتياطي لتصبح أربعة أشهر كحد أقصى في الجنح، و12 شهرًا في الجنايات، و18 شهرًا في القضايا التي قد تصل عقوبتها للإعدام أو المؤبد، وهذا الإجراء يُستخدم في الحالات التي يكون فيها المتهم مشتبهًا في ارتكابه لجريمة خطيرة، أو في حال وجود مخاوف من هروبه أو إتلافه للأدلة أو تكرار الجريمة ، و إصدار أمر الحبس الاحتياطي من قِبل قاضي التحقيق ، ويكون مبررًا بشكل دقيق، وأن يكون إجراءً استثنائيًا وليس قاعدة عامة.

ويعاد عرض المتهم على قاضي التحقيق قبل إيداعه في الحبس الاحتياطي، ويخضع هذا القرار بالحبس الاحتياطي للمراجعة الدورية من قِبل القضاء، كما يحق للمتهم الطعن ضد قرار الحبس الاحتياطي، كما انه يمكن إيداعه في منزله من خلال الإقامة الجبرية تحت مراقبه الالكترونية، أو متابعة دورية وشخصية له بالقسم التابع له في حالة عدم توافر التقنية الحديثة للاتصالات.

3. مراجعة قضايا أمن الدولة: وهذه القضايا تمثل تحديًا كبيرًا في إدارة الأمن القومي للبلاد مع ضمان احترام الحقوق الأساسية للعباد، ومعها سينتهي الصراع الدائم بين المنظمات المحلية والدولية لحقوق الانسان، مع مراعاة ضرورة قيام الدولة بتعزيز استقرارها الأمنى، ولن يتأتى إلا من خلال إعادة النظر في تخصيص دوائر محددة لهذه القضايا، مع مراعاة ضمانات محاكمات عادلة وإزالة كافة العوائق حول حصول المحامين على المعلومات خاصة بقضايا المتهمين أمام نيابة أمن الدولة العليا

وأخيرا: فإن مصرنا الحبيبة في حاجة ماسة إلى قانون إجراءات قانونية جديد يعزز حقوق المواطن وتحميه العدالة بلا تفريط أو إفراط، وليس إلى تشريعات تكرس لما قد مضى عوار، فالحقيقة أن حماية حقوق الإنسان يجب أن تأتى من خلال إصلاح قانوني فاعل، والعدالة الحقيقية لا يمكن تحقيقها إلا من خلال ضمان حقوق الدفاع وكذلك محاكمات عادلة للجميع. وللحديث بقية …

والى اللقاء: دكتور / السيد مرسى

 

مقالات ذات صلة