نبيل الحلفاوي.. القبطان الذي قاد سفينته الفنية وفق قوانينه الخاصة
• قدم إرثًا إبداعيًا قليل العدد كثير الأهمية على مدى 54 عامًا أفناه فى محراب الفن
• مواقع التواصل الاجتماعى كانت ملجأه الأخير الذى هرب إليه من الضغوط والمعاناة
• وضع دستورًا لنفسه فى تعامله مع متابعى حسابه.. ونجلاه يستقبلان المعزين فى وفاته اليوم
يستقبل ابنا الفنان نبيل الحلفاوى المعزين فى وفاة والدهما، عقب صلاة المغرب اليوم، بمسجد الشرطة، فى الشيخ زايد، بعد أن قاما بتوديعه وتشييع جثمانه، مساء أمس الأول الأحد، وسط حالة حزن كبيرة أصابت أهل الفن والرياضة، وكل محبى هذا الفنان، صاحب المسيرة الفنية المهمة، الذى وضع دستورًا وقوانينا خاصة به، طبقها فى حياته الشخصية والمهنية، لم يخالفها يومًا، حتى بعد أن هرب فى سنوات الأخيرة للمنصة الشهيرة إكس، تويتر سابقًا، من الضغوط والمعاناة، كما كتب هو بنفسه، حينما أعلن انضمامه إلى رواد مواقع التواصل الاجتماعى، فى أبريل 2011، عقب ثورة يناير، وأوضح مبرره لهذا الانضمام، وكتب: «هارب إلى هنا من الضغوط والمعاناة، فلا يزعجنك ما قد تراه انشغالًا بما لا يستحق».
وبعد أن كشفت هذه المواقع عن وجهها القبيح، واستخدمها البعض لبث سمومهم، وترويج أفكارهم الهدامة، والإساءة لأشخاص بعينها، وغيرها من الأمور المسيئة، قام بتثبيت تغريدة عبر حسابه يوم 29 مايو عام 2014، كتب فيها دستوره فى التعامل مع «السوشيال ميديا»: «لا يستدرجنك أحد لمهاترات، أحترم من يختلف بموضوعية، لكن تجاهل سيئ النية، لا ترد على شتام، لا تجادل ضحايا الغيبوبة، لا تشرح بديهيات، اشترِ نفسك.
ظل الفنان نبيل الحلفاوى، حتى يوم 7 ديسمبر الماضى، متفاعلًا مع الأحداث، متجاوبًا مع تعليقات متابعيه، وجمهوره الذى لا يناديه إلا بكلمة «قبطان» فى إشارة لدوره الشهير العقيد محمود، بالقوات البحرية، الذى لعبه بفيلم «الطريق إلى إيلات»، لكنه فجأة، ودون أن ينوه أنه سيبقى بعيدًا عن منصة «إكس» بعض الوقت، كما اعتاد أن يفعل فى كل مرة يحصل فيها على فترة راحة من مناقشاته مع جمهوره، غاب الحلفاوى أيامًا طويلة، قبل أن ينتشر خبر تعرضه لوعكة صحية، استدعت نقله إلى العناية المركزة، وانتشرت مطالب بالدعاء له، لأن حالته حرجة، لكنها أيام قليلة، وغادر الحلفاوى عالمنا، وكشف نجلاه خالد ووليد، عن أن الله استجاب لدعائه، حيث كان يدعو دائمًا ألا يطيل الله عليه مرضه، وعليه لم يكن غريبًا أن يتصدر اسمه المنصة التى ارتبط بها فى سنوات الأخيرة، ويصبح تريندًا لثلاثة أيام متتالية.
ميراثه الفنى
غادر نبيل الحلفاوى عالمنا تاركًا إرثًا فنيًا ربما ليس كبيرًا على المستوى الرقمى، لكنه كبير على مستوى القيمة، فالراحل لم يكن من الساعين للشهرة والانتشار، ولم يكن يقبل سوى الأعمال التى يرضى عنها، ويجد فيها ما يرضى شغفه وحبه للفن، وتتماشى مع قوانينه الخاصة التى فرضها على نفسه منذ بداية مشواره الفنى، فقدم قرابة 90 عملًا، ما بين سينما ومسرح وتليفزيون، ومسلسلات إذاعية، على مدى 54 عامًا، منذ تخرجه فى المعهد العالى للفنون المسرحية عام 1977.
أشهرها مسلسلات «غوايش والملك فاروق ورأفت الهجان، والزينى بركات، وزيزينيا، والمصراوية، ودهشة، وونوس»، وبالنسبة للأفلام فهناك «الطريق إلى إيلات والعميل رقم 13 واغتيال مدرسة».
وتعد مسرحية «عفريت لكل مواطن» من أشهر المسرحيات التى قدمها فى مشواره الفنى، وشاركته البطولة الفنانة عبلة كامل.
أما عن آخر أعماله الذى اشترك فى بطولتها كان مسلسل «القاهرة كابول» إنتاج عام 2021، فى حين اكتفى بالظهور كضيف شرف فى فيلم «تسليم أهالى» إخراج ابنه خالد الحلفاوى.
ومن أهم مزايا استخدام الراحل نبيل الحلفاوى لمنصة «إكس» أنها كانت فرصة كى يتحدث عن كواليس أهم أعماله، خاصة أنه كان نادر الوجود فى اللقاءات التليفزيونية والحوارات الصحفية، وكان آخر ظهور إعلامى له، عام 2015، مع الإعلامى محمود سعد فى برنامج «آخر النهار»، وبرر الحلفاوى موقفه هذا، لطبيعته شخصيته، وقال إن هذا عيب فيه، لكنها تركيبته، فهو يرى أنه يكفيه الظهور الدرامى، وتجسيد الأدوار المختلفة، ويترك التقييم للجمهور. وأكد أن قلة هم من يستطيعون تقديم إضافات فى الموضوعات التى يتحدثون فيها، لكنه ليس من هؤلاء.
لكن الأمر مختلف على السوشيال ميديا، حيث أفاض فى حديثه عن أعماله، أشهرها فيلم «الطريق إلى إيلات»، حينما انتقد محاولة البعض التقليل من بطولة أبطال مصر من رجال القوات البحرية الذين هاجموا مينا إيلات الإسرائيلى، ونجحوا فى تدمير سفينتين حربيتين، هما بيت شيفع وبات يم والرصيف الحربى، وقت حرب الاستنزاف، والإيحاء أن الفيلم تم تصويره بعيدًا عن إشراف وزارة الدفاع، وحكى الحلفاوى أن هذا الفيلم تم تصويره تحت إشراف من القوات البحرية، وكان الأبطال الحقيقيون يزورون مواقع التصوير، وإن البطل مصطفى طاهر الذى عالج مشكلة اللغم فى المشهد المعروف كان هو المستشار العسكرى للفيلم.
بينما اتفق مع الانتقاد الذى وجه البعض لمسلسل «رأفت الهجان» لاهتمام مخرجه يحيى العلمى بعلاقات رأفت النسائية لجذب عدد كبير من المشاهدين، وقال الحلفاوى إن كلام المنتقدين يقترب كثيرًا من الحقيقة، فالمخرج يحيى العلمى قال له إنه وصالح مرسى مؤلف العمل، كانا قلقين بعض الشىء من احتمال ضيق المشاهد من كثرة مشاهد المخابرات، لكنهما فوجئا بعد العرض بالعكس.
وقام الحلفاوى بترشيح أسماء عدد من الفنانين للعب أدوار البطولة فى مسلسله «غوايش»، وقال إن الفنانين كريم عبدالعزيز وطارق لطفى الأنسب للعب دور «معلا قانون» الذى سبق ولعبه بالمسلسل، أما دور حسنين الذى لعبه الراحل فاروق الفيشاوى فرشح أحمد مالك، ورشح دنيا سمير غانم لدور غوايش الذى لعبته صفاء أبوالسعود، وفتحى عبدالوهاب، لدور مجاور الذى لعبه أحمد راتب، فيما تعذر عليه ترشيح فنانة للعب دور الأم الذى لعبته الراحلة زوزو نبيل.
عالم الرياضة
فى حياة الراحل كان هناك عالم آخر غير عالم الفن يعلمه الجميع، وهو عشقه لكرة القدم، وتشجيعه لفريق نادى الأهلى، الذى قد يدفعه إلى خوض جدالًا كبيرًا مع المنافسين للدفاع عن فريقه، وعليه كان طبيعيًا أن يصدر نادى الأهلى بيان نعى لواحد من أشهر مشجعى القلعة الحمراء، كما قام اللاعب المصرى العالمى محمد صلاح، نجم منتخب مصر ونادى ليفربول الإنجليزى بنعيه، وأعلن الحلفاوى، عبر حسابه، من قبل أنه فى شبابه مارس رياضة الملاكمة متأثرًا باللاعب العالمى محمد على كلاى.
وصيته
كشف الدكتور أحمد مجاهد، رئيس هيئة قصور الثقافة الأسبق، عن وصية الفنان نبيل الحلفاوى الذى كتبها قبل وفاته بـ37 عامًا من خلال قصيدة، طالب فيها أسرته بألا يكتبوا فى نعيه أسماء الأقارب، لكن يكتبوا فقط أسماء الأصدقاء، وحدد أسماء أصحابه، ومنهم صلاح السعنى ويحيى الفخرانى ولينين الرملى وحمدى وعبدالله غيث، وأسامة أنور عكاشة ومحمد صبحى وهادى الجيار وهانى مطاوع ونور الشريف، وقائمة طويلة تضم قامات فنية كبيرة.