مدير مهرجان كان: النقاد غير سعداء بسبب صعود وسائل التواصل الاجتماعي.. والسينما لن تموت
تييري فريمو: السينما ستحبك إذا كنت تحبها.. والزمن أفضل ناقد
مهرجان كان ليس فرنسيًا إنه مهرجان سينمائى عالمي
«إذا كنت تحب السينما، فإن السينما ستحبك».. هكذا قال مدير مهرجان كان السينمائى تييرى فريمو، خلال جلسته الحوارية فى مهرجان البحر الأحمر السينمائى، مضيفا أن شغفه بالسينما لا حدود له.
أكد فريمو، الذى حضر إلى المهرجان لتقديم فيلمه الوثائقى «لوميير تستمر المغامرة» الذى يرصد به جزءا مهما من تاريخ السينما، أنه سيتنحى إذا فشلت قدراته كمدير فنى للمهرجان.
وقال: «سيكون مصيرى يومًا ما أن أقوم باختيار سيئ، إذا قمت باختيار سيئ ثانٍ فى العام التالى، فسأغادر. سأقول: لم أعد مرتبطًا بسينما عصرنا».
وحول ما يجعل الفيلم «جيدًا»، ويستحق التواجد على شاشة المهرجان قال فريمو: «أعتقد أن هناك إجابتين، الإجابة الأولى هى أنه ذوقك الخاص ومن المفترض أن يكون لديك ذوق جيد، وهذا صحيح فى حالتى، الإجابة الثانية هى بالضبط ما نفعله فى مهرجان كان، الأمر لا يتعلق بما إذا كان هذا الفيلم جيدًا أم سيئًا، الأمر لا يتعلق بما أحبه أم أكرهه، الأمر يتعلق بما إذا كان هذا الفيلم يستحق الفوز بمهرجان كان أم لا؟».
وتابع: «هل نستفيد من عرض هذا الفيلم؟ هذا يعنى أنه فى بعض الأحيان يوجد الكثير من الأفلام التى أحبها، لكننى أعتقد أنها ليست ملائمة لمهرجان كان، هذا لا يعنى أن الفيلم غير جذاب، أو أننى لا أحبه، بل يعنى أن هناك نوعًا معينًا من السينما يجب أن نعرضه فى كان، ومن المهم أن يكون موجودًا هناك».
وواصل: «مهرجان كان هو صورة كبيرة تظهر مرة واحدة فى العام ماهية السينما فى العالم؛ لذا هذا الفيلم أو ذاك، والذى قد لا يكون على ذوقى، ولكن يجب أن يكون هناك لأنه يظهر شيئًا عن السينما اليوم».
وأضاف أنه سيرغب دائمًا فى أن يكون جزءًا من السينما، عندما يبلغ من العمر 80 عامًا، سيكون سعيدًا بأن يكون الرجل الجالس فى شباك التذاكر فى دار السينما المحلية التى يوزع فيها التذاكر على الجمهور».
وأكد فريمو أهمية السينما: «بالنسبة لى ما زلت أعتقد أن السينما هى واحدة من أهم الأشياء فى الثقافة والمجتمع، أحب هذه الفكرة القائلة بأن السينما كانت داخل المجتمع إلى حد كبير، وأن كل شىء يتعلق بالسينما كان يتعلق بالمجتمع».
وفى حديثه عن كيفية تعريفه لهواة السينما، وكيف عرف متى أصبح كذلك، قال: «عندما تبدأ فى الحديث عن الأفلام تحت اسم مخرج الفيلم، وليس تحت اسم الممثلين، فهذه علامة على أنك من هواة السينما، لأنها تدور حول مؤلفى الأفلام: إنها تدور حول جون فورد، وليس جون واين، إنها تدور حول مارتن سكورسيزى وليس روبرت دى نيرو – على الرغم من أن جون واين وبوب دى نيرو عظيمان».
وهكذا، شيئًا فشيئًا، تشعر أن الأمر سيكون شيئًا، وشعرت أن السينما ستكون الشىء الذى يهمنى فى حياتى».
وأكد جاذبية مهرجان كان وطابعه العالميين، وقال إنه ليس مهرجاننا، وليس مهرجانى؛ بل هو مهرجانكم، كان ليس مهرجانًا سينمائيًا فرنسيًا، إنه مهرجان يقام فى فرنسا، إنه مهرجان سينمائى عالمى.
كما ناقش «التوتر الناتج عن وجود مجموعة جيدة من الأفلام»، مضيفا: «بينما نتحدث هذا الصباح، يقوم العديد من صناع الأفلام بتصوير أو تحرير أفلامهم، وأنا هنا أنتظرهم، المعروف والمجهول، والمفاجآت وخيبات الأمل، سنشهد نفس الشىء كل عام».
وقال إنه ركز على الاختيار الرسمى فى كان بالكامل: «نحن نولى نفس الاهتمام لكل شىء لدينا، أينما كنت، فى المسابقة، وخارج المسابقة، والعرض فى منتصف الليل وما إلى ذلك، لكن بعض الأفلام برزت هذا العام شاهدنا فيلم «المادة» The Substance، وهو فيلم المخرجة كورالى فارجيت بطولة ديمى مور، إنه فيلم رعب جسدى؛ لذا كانت الفكرة الجيدة أن يتم عرض الفيلم ضمن عروض منتصف الليل، لكن الفيلم كان أكثر من ذلك، وخاصة فى مجال الإخراج، لأن أى فيلم من هذا النوع لابد أن يكون مخرجه جيدًا، وإلا فلن يكون هناك اهتمام؛ لذا عرضناه فى المسابقة الرسمية ونجح الأمر، وحتى بعض منتجى الفيلم، قبل أن أشاهده، لم يعرفوا ماذا يفعلون بالفيلم، وقلت لهم إنه فيلم جيد جدًا، فقالوا «هل أنت متأكد؟»، أجبتهم: نعم، سأثبت ذلك».
وأضاف: «الآن تقترب إيرادات الفيلم من 100 مليون دولار فى جميع أنحاء العالم، والفيلم فى طريقه إلى مسابقة جوائز الأوسكار، وغيرها، ولماذا عرفت ذلك؟ لأننى أتمتع بذوق جيد، لكن الأمر لا يتعلق بذوقى، بل بسبب معرفتى وتعليمى وشغفى بتاريخ السينما».
وقال إنه يحضر جميع العروض الأولى، ويقترح أن يكون المصورون والصحفيون هناك أيضًا.
كما تحدث عن اختيار «Top Gun: Maverick» فى عام 2022: «إنه فيلم جيد، جيد جدًا وكان انتصارًا، لكن توم كروز داخل القاعة كان بريئًا ومتوترًا وخائفًا من استقبال الصحفيين والنقاد لأنه كان فى كان، وإذا لم يكن الفيلم جيدًا، يمكنك الشعور بذلك وبالطبع، فى بعض الأحيان قد نرتكب خطأ لهذا السبب أنا صعب ومتشدد لأن نفس التحدى بالنسبة لنا أنه يجب أن يكون الفيلم ناجحًا، وإذا لم يكن كذلك، فإن الجميع سيكونون غير سعداء، تشعر بذلك لأن جمهور كان مطلوب للغاية وجمهور دافئ للغاية».
وقال إن النقاد «لم يعودوا سعداء كما كانوا من قبل، ولم يعودوا ملوك العالم بعد الآن، بسبب صعود وسائل التواصل الاجتماعى، مضيفا: «أعتقد أنه لا يزال يتعين علينا دعمهم، تحتاج إلى قراءة ما يكتبه النقاد، سواء كنت تتفق معهم أم لا».
وأضاف: «الزمن كان أعظم ناقد، ومثل غيره من الفنانين العظماء، لم يتم الاعتراف ببعض صناع الأفلام فى حياتهم، والجميع يعرف أن موتسارت مات مجهولاً تقريبًا، وأن فان جوخ لم يحظ بالشهرة التى يتمتع بها اليوم. لذا فإن الزمن هو أفضل ناقد؛ لذا ربما يكون الشىء الذى يُفترض أن يكون أقل أهمية هو الأكثر أهمية فى قرن واحد وفى السينما المعاصرة هو نفس الشىء».
وخلال الجلسة الحوارية التى أدارها مدير البرامج الدولية فى مهرجان البحر الأحمر كليم أفتاب قال فريمو: «نحن هنا لنراكم ، نحن نأتى لنرى وجهة نظر مختلفة.. هناك الكثير من الأوروبيين هنا، لأن الأمر أصبح مهما للأعمال، وللسوق؛ وأيضًا لجودة الاختيار، سيكون لديكم عروض أولى حقيقية بشكل متزايد».
وأوصى فريمو مهرجان البحر الأحمر بالاعتماد على مكانته كمهرجان للسينما الإقليمية، كما تفعل أحداث مثل بوسان وطوكيو للأفلام من جنوب شرق آسيا.
وقال: «هنا مكان السينما العربية والسينما الأفريقية، وهو أمر مهم»، مضيفا: «كان التحديان الأخيران للسينما هما كوفيد والمنصات والإنترنت.. لا أعتقد أن السينما تموت».
وتحدث تييرى فريمو عن فيلم «لوميير! تستمر المغامرة!» والاستلهام من الآباء المؤسسين للسينما حيث يعد الفيلم غوصا عميقا فى أصول السينما.
وقال: عندما شاهد ويس أندرسون هذه الأفلام، قال: «هذه هى السينما للمستقبل!».
ويضم الفيلم الوثائقى حوالى 100 فيلم قصير تم ترميمها بدقة من معهد لوميير (حيث يعمل فريمو كمخرج)، صورها رواد السينما لويس وأوجست لوميير.
ويفحص فريمو رغم البراعة التقنية لمعهد لوميير، باعتباره مخترعًا للسينما، الكاميرا الفوتوغرافية الرائدة وتكنولوجيا العرض التى جعلت الأفلام ممكنة، معروفة جيدًا. ولكن فى فيلمه الجديد الرؤية الفنية للوميير وهم رواد «قواعد السينما» من «لويس لوميير هو آخر المخترعين، ولكنه أول صانعى الأفلام»، يقول فريمو، مشيرًا إلى كيف ابتكر الأخوان لوميير، من خلال تلك الأفلام القصيرة المبكرة، العناصر الأساسية للتعبير السينمائى، وفهم التأطير، والضوء، وقوة اللقطة الواحدة.
ويقول فريمو إن تركيزهم على البساطة والملاحظة المباشرة هى صفات يمكن للعديد من صانعى الأفلام المعاصرين التعلم منها، مشيرًا إلى أنه عندما زار ويس أندرسون المعهد فى ليون وشاهد الأفلام القصيرة الأولى للوميير، قال «هذه هى السينما للمستقبل!» «وهو محق»