آراء وتحليلات

عندما تكون الصورة.. فالصو!

محمد عبد المعز حميد

ربما تجد نفسك اليوم محاط بعالم مليء بالزيف والمظاهر في مواجهة هذا الواقع الذي يصعب التمييز فيه بين ما هو حقيقي وما هو مزيف. تجد أن كل شيء حولك من السلع إلى الأفكار وحتى العلاقات قد يبدو في الظاهر كما لو أنه شيء أصلي ومثالي، لكنه في الحقيقة مجرد قشرة تخفي وراءها شيئاً مختلفاً تماماً. لنبدأ مثلاً بالمنتجات المزيفة التي تملأ الأسواق من حولك. قد تجد نفسك أحياناً تنجذب لهذه السلع ظناً منك أنك تحصل على صفقة جيدة أو شيئاً أصلياً بينما في الواقع أنت تشتري تقليداً رخيصاً. ما الذي يجعلنا ننجذب لهذه الأشياء على الرغم من أننا نعلم في أعماقنا أنها لا تساوي قيمتها الحقيقية؟! هل هو الخداع الذي نمارسه على أنفسنا، أو ربما هو مجرد رغبة في الحصول على شيء لم نتمكن من الحصول عليه بطرق أخرى؟!

ولكن هنا الأمر لا يتوقف عند السلع فقط.! فهل فكرت يوماً في العلاقات التي تربطك بالآخرين؟! قد تجد نفسك أحياناً في علاقات اجتماعية تبدو مشبعة بالمشاعر الصادقة، لكن الواقع يقول إن هذه العلاقات قد تكون مجرد واجهات اجتماعية تهدف لإظهار صورة مثالية أمام الناس. لماذا نعيش في هذا التظاهر؟! لماذا نعرض للآخرين حياتنا وكأنها خالية من المشاكل والصراعات؟! هل لأننا نريد أن نبدو كما لو أن كل شيء على ما يرام بينما في الواقع.. هناك أشياء نخفيها عن الآخرين؟!

وعندما ننتقل الآن إلى حياتنا على الإنترنت و وسائل التواصل الاجتماعي سنجد أنها أصبحت اليوم منصات لعرض أفضل لحظاتنا بينما نغفل عن اللحظات الحقيقية التي تحمل التحديات الفشل والقلق.. حياتك على الإنترنت قد تكون مجرد صورة “فالصو” لحياة مثالية تظهر لحظات سعادتك، بينما تخفي وراءها الكثير من الصعوبات التي لا يراها أحد.

إذن كيف يمكنك أن تكسر هذه القشرة التي تحيط بك؟! الجواب بسيط لكنه صعب التنفيذ.. العودة إلى الحقيقة. يجب أن تتقبل أن حياتك ليست مثالية، وأن علاقاتك ليست خالية من المشاكل. الحقيقة هي ما يمنحك التوازن الداخلي، وهي التي تساعدك على بناء علاقات حقيقية مع الآخرين ومع نفسك. لا داعي لأن تظهر بمظهر الجيد فقط بل عليك أن تكون جيداً بالفعل.

أنت تدرك جيداً أن التخلص من بعض المظاهر ليس سهلاً، لكن الحقيقة هي الطريق الوحيد الذي يؤدي إلى السلام الداخلي. الصورة الفالصو ليس حلاً. إذا كنت ترغب في أن تعيش حياة حقيقية عليك أن تبدأ في فتح عينيك على الواقع بكل تفاصيله وأن تبتعد عن الوهم الذي قد يكون قريباً منك أكثر مما تتصور.

في النهاية، الحياة مليئة بالزيف من حولك ولكنك أنت من تقرر كيف تعيشها. إذا أردت أن تكون حقيقياً مع نفسك ومع الآخرين عليك أن تبدأ بالتخلي عن الصورة “الفالصو” التي تروجها لنفسك وللآخرين. تعلم كيف تبني حياة مليئة بالمصداقية والصدق، وهذا هو الطريق الوحيد إلى حياة أفضل وأكثر هدوءاً.

مقالات ذات صلة