أخبار الفن

إبراهيم نشأت مخرج هوليوود جيت: طالبان كانوا يريدوننى بوقًا لرسالتهموإظهارهم كأبطال لكنى تمسكت بتصوير ما أراه

– خاطرت بحياتى من أجل خروج الفيلم.. وعشت ظروفًا صعبة لمدة عام
– كان علىّ التخلص من أى مشاعر.. وأقبل حقيقة أنى أصبحت جزءًا من هذا المجتمع لأحقق الهدف

يأتى اختيار فيلم «هوليوود جيت» للمخرج ذى الأصول المصرية إبراهيم نشأت ضمن القائمة المختصرة التى تتنافس على جوائز الأوسكار المقبلة لأفضل فيلم وثائقى طويل، لتشكل بعدًا سياسيًا وفنيًا معا.

فيلم المخرج ذو الأصول المصرية نال إعجاب النقاد والجمهور معا على مستوى الرؤية والمفردات الفنية وكونه مغامرة كبيرة، وأشادت به وسائل إعلامية كبرى، بما فى ذلك فاينانشال تايمز، ونيويورك تايمز، والجارديان، وفاريتى، وفاز بالكثير من الجوائز الدولية، كما أنه اقتحم منطقة شائكة، مخاطرًا بحياته، وتسلل إلى حرم طالبان الداخلى، واكتشف خلف الجدران منشأة تابعة لوكالة المخابرات المركزية فى أفغانستان، عندما انسحبت القوات العسكرية الأمريكية من أفغانستان فى أغسطس 2021، بشكل فوضوى حيث لم تأخذ كل شىء معها.

مع استيلاء طالبان على قاعدة تابعة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية تخلت عنها الولايات المتحدة، دارت كاميرا نشأت، والتقطت أكوامًا من الأدوية والمواد الغذائية والبطاريات والأسلحة المخزنة فى مبنى يشبه المستودع خلف بوابة تحمل علامة «هوليوود».

والتى يقال إنها كانت محطة سرية لوكالة الاستخبارات المركزية، وهناك يجدون جزءًا من الأسلحة الأمريكية المتطورة التى تتجاوز قيمتها 7 مليارات دولار والتى تركت فى البلاد: العديد من الأسلحة الصغيرة والذخائر، والطائرات المقاتلة، وطائرات الهليكوبتر من طراز بلاك هوك، وغيرها من المعدات العسكرية.

علق نشأت بعد عرض فيلمه الوثائقى «هوليوود جيت» على موقع «Deadline»: «فكرتى أريد حصر ما يجدونه وكيف يستخدمونه، وتوقعت منهم أن يجدوا فقط بضعة أنواع من الشامبو وبعض البنادق المكسورة لكن كانت أرض العجائب حقًا».

وأضاف: كانت الجائزة الحقيقية لطالبان فى مكان آخر فى القاعدة ــ طائرات متطورة تبلغ قيمتها عدة مليارات من الدولارات، تضررت عمدا من قبل أفراد أمريكيين غادروا البلاد، ولكن لم يتم إتلافها بالكامل.

بدأت طالبان فى إصلاح البنادق وفوجئت بوجود قطع غيار للطائرات وبالتالى يمكن إصلاح هذه الطائرات أيضا، ثم بدأت القصة تتطور، كما قال نشأت: «لم أتوقع قط أن يجدوا كل الأسلحة التى عثروا عليها أو حتى يفكروا فى إصلاح هذه الأسلحة، ولم أصدق نفسى أنهم قادرون على إصلاح هذه الأسلحة».

بعد وقت قصير من مغادرة القوات الأمريكية للبلاد، منهية احتلالا دام عشرين عاما، اتصل نشأت بطالبان بشأن التصوير، كانوا يعرفون أن نشأت المولود فى مصر كان قد أجرى مقابلات مع شخصيات عالمية بارزة من قبل، ويبدو أنهم رأوا أن وجوده يمنحهم الشرعية بتصوير الواقع.

ولاحظ نشأت: «فى ذلك الوقت، كانت طالبان تحاول بطريقة ما الحصول على الشرعية والإعلان عن أنفسهم من خلال الصحافة. فى ذلك الوقت، كانوا يقولون: «نحن طالبان وسنسمح للنساء بالحرية وكل ذلك، وفى هذه الاجواء حصلت على الموافقة الاولى للوصول إلى هناك».

ركزت كاميرا إبراهيم نشأت فى مسار الفيلم على شخصية «مولوى منصور»، الذى سيصبح قريبًا رئيسًا جديدًا للقوات الجوية الأفغانية، وهو من طالبان قُتل والده قبل سنوات فى غارة جوية أمريكية.

يقول نشأت: «عندما قابلته فى البداية، لم يكن قد تم تعيينه بعد كرئيس للقوات الجوية. كنت أول صحفى يلتقيه، لذلك أود أن أقول إنه كان متحمسًا بطريقة ما لوجود أجنبى يركض خلفه بالكاميرا، أوضح نشأت. «كان هناك نوع من الشعور بالتحقق الذى كان يبحث عنه فى ذلك الوقت، ولهذا السبب أعتقد أنه وافق على فى البداية».

وعلى مدار العام الذى صوّر فيه نشأت فى أفغانستان، بدأ يرى تغييرا فى القائد منصور.

يمكنك أن ترى من خلال رحلته كيف تحول من شخص يعتقد أنه هو الذى يجلب التغيير فى البلاد، على الأقل فى رأسه، إلى الوقوع بسرعة فى فخ السلطة.. حتى وصل إلى هذه اللحظة التى كان عليه فيها أن يصفع الناس فى وجوههم، ويتذكر نشأت «وفى اللحظة التى يصفعهم فيها، يبدو الأمر وكأنها نقطة تحول فى قبوله لكونه قوة أخرى تقمع الناس بدلا من محاولة إيجاد حل».

ويوضح نشأت كيف بدأ النظام المتزايد الثقة فى نفسه التقرب من روسيا وإيران والصين ودول أخرى، وكيف أصبحت حركة طالبان التى تم تمكينها حديثًا أكثر عدوانية تجاه جيرانها – حيث هددت بغزو طاجيكستان بقوة جوية ورثتها من الولايات المتحدة.

كما التقط المخرج العلاقة بين منصور وابنه الصغير، وهو صبى يبلغ من العمر ربما 9 سنوات والذى يظهر وهو يغرس فى نفسه أساليب المحارب.

قال نشأت: «الشىء الوحيد الذى كنت أقوله لنفسى فى ذلك الوقت هو أننى محظوظ جدًا جدًا، لأننى ولدت بعيدًا عن مثل هذا الصراع، والذى كان من الممكن أن يقرر طفولتى منذ سن مبكرة جدًا، لأن كل المدخلات التى تحدث حول هذا الطفل تجبره على ذلك «دور المحارب»، وآمل ألا تشهد دولة أفغانستان حربًا أخرى قريبًا حتى تتمكن من التعافى قليلا من الحروب ويمكن للأجيال الأصغر سنًا إيجاد طرق مختلفة بدلاً من الاضطرار إلى اتباع أيديولوجية طالبان.

وعندما بدأ أن القائد منصور قد بدأ يدرك أن نشأت لم يكن رفيق السفر الذى ربما كان يظن أنه كذلك، خرج المخرج ومترجمه من أفغانستان بصورة مزعجة.

وقال المخرج: «كان هناك كل يوم تحد نفسى للاستمرار ــ كان على أن أتخلص من أى مشاعر أو احتياجات كإنسان، وأن أقبل حقيقة أننى أصبحت الآن جزءا من هذا المجتمع وأننى بحاجة إلى أن أعيش بالطريقة التى يعيشون بها، كان الأمر بمثابة قمع مستمر لنفسى، ولم أكن أكذب عليهم قط، ولم أكن أقول لهم قط: «حسنا، سأجعلكم تبدون وكأنكم أبطال»، كنت أقول دائما: «سأصور ما أراه، هذا وعدى لكم، لن أتدخل فيما أراه، سأنقل لكم الواقع كما أراه».

وأضاف إبراهيم نشأت: «لقد نشأت فى القاهرة، ومنذ سن مبكرة، كنت أتعرض للعديد من الأشخاص الذين صوروا طالبان كأبطال، وفى فترة مراهقتى، بدأت أشكك فى هذا الاعتقاد، وقد قادنى هذا التشكيك إلى مهنة الصحافة، ​​ومنذ ذلك الحين، عملت فى مختلف أنحاء الشرق الأوسط وأوروبا مع دويتشه فيله، والجزيرة، وصوت أمريكا، وغيرها، حيث قمت بتصوير زعماء العالم وأصحاب السلطة، كان معظم هؤلاء الأشخاص من الرجال، ولم يكن معظمهم يريدون منى أكثر من أن أكون بوقًا لوجهة نظرهم ومضخمًا لرسالتهم.

عندما تولى طالبان السلطة (مرة أخرى)، شعرت بالذهول، كيف حدث هذا؟ وماذا سيحدث الآن لشعب أفغانستان؟ لقد ظل هذا يطاردنى. وبسبب خلفيتى فى تصوير زعماء العالم، تساءلت عما إذا كان بإمكانى الوصول إلى طالبان. وإذا كان الأمر كذلك، فقد تعهدت هذه المرة بالعمل بشكل مستقل: سأظهر للعالم ما أرادت طالبان أن أراه، والأهم من ذلك، ما رأيته.

وقد فاز فيلم هوليوود جيت بجوائز فى مهرجانات سينمائية حول العالم بما فى ذلك زيورخ، ومهرجان ميلينيوم دوكس أجينست جرافيتى فى بولندا، ومهرجان فول فريم فى نورث كارولينا، ومهرجان الجونة السينمائى فى مصر، موطن نشأت، وبرز الفيلم كمنافس قوى على جوائز الأوسكار هذا العام.

ويقول صانع الفيلم إنه كان مفتونًا بالاستقبال المبكر للفيلم، وهو مشروع صعب نفسيًا أمضى من أجله نشأت سبعة أشهر فى البلاد على مدار عام، وسجل 220 ساعة من اللقطات، عرض لأول مرة خارج المنافسة فى مهرجان البندقية السينمائى فى عام 2023، وقد عُرض مؤخرًا فى فعاليات خاصة فى جميع أنحاء المملكة المتحدة، قبل الإصدار الواسع النطاق فى 16 أغسطس 2024.

يذكر أن الفيلم إنتاج، ألمانى أمريكي، وهو تأليف وإخراج: إبراهيم نشأت.

عُرض لأول مرة خارج المسابقة فى مهرجان فينيسيا السينمائى الدولى الثمانين، ثم تم عرضه لاحقًا فى مهرجانات تيلورايد السينمائى، وتالين بلاك نايتس السينمائى، وأمستردام الدولى للأفلام الوثائقية، وجيونجو السينمائى الدولى، وسياتل السينمائى الدولى، وشيفيلد السينمائى الدولى، وميونيخ السينمائى وكوبنهاجن السينمائى الدولى وأنتانا للأفلام الوثائقية وهونج كونج السينمائى الدولى الثامن والأربعين، وثيسالونيكى للأفلام الوثائقية ودوك بوينت.

تم إصداره فى الولايات المتحدة فى 19 يوليو 2024، وفى مناطق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 30 أغسطس، وامتد تصوير الفيلم أكثر من عام.

وحصل على موقع تجميع المراجعات النقدية Rotten Tomatoes، على تقييم 91% من 32 مراجعة نقاد إيجابية، بمتوسط ​​تقييم 7.4/10.

الخط الأساسى: يروى الفيلم الحياة اليومية فى أفغانستان لقائد القوات الجوية لطالبان مولوى منصور، وأحد جنوده، الأصولى م. ج. مختار، بعد الانسحاب الأمريكى من أفغانستان.

– تم ترشيح الفيلم للفوز بجائزة «العين الذهبية» من مهرجان زيورخ السينمائى لعام 2023، وجائزة «لجنة التحكيم الكبرى لمهرجان فول فريم» من مهرجان فول فريم للأفلام الوثائقية لعام 2024، وجائزة «الفيلم الوثائقى الطويل لمهرجان أديلايد السينمائى» من مهرجان أديلايد السينمائى وحصل على جائزة نجمة الجونة الذهبية للفيلم الوثائقى، وجائزة «أفضل فيلم حقوق إنسان» من مهرجان فيرزيو الدولى للأفلام الوثائقية لحقوق الإنسان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *