
أصدقك بالأفعال لا بالأقوال
أ.د/ إبراهيم درويش يكتب:
ما أكثر الكلمات الرنانة التى نسمعها ..ولكنها جوفاء، وما اكثر الشعارات التى يرددها البعض كذبا وزورا ، أو ترددها الدول الكبرى مثل حقوق الانسان .أو نصرة الاديان .أو الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ولكنها كلها مصيدة لتدمير الاوطان ، وما اكثر قصائد المديح لمن يستحق أو من لايستحق ولكن معظمها نفاق لتحقيق مصلحة، وما أكثر كلمات الحب والغزل للوصول إلى غايه .
وما اكثر من يدعى التحضر ..ولكن قلوبهم مريضة ومواقفهم مخزية فهم قتلة الاطفال . والنساء وافعالهم خببيثة وتبرهن افعالهم على الفساد ..يقول تعالى:” ومن الناس من يقول آمنا بالله واليوم الآخر وما هم بمؤمنين وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون.ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون (البقرة).
إنَّ رسول الله ﷺ يقول: إذا رأيتُم الرجل يعتاد المساجدَ فاشهدوا له بالإيمان، ونُلاحظ أنَّ من بين روَّاد المساجد مَن لا يتَّقي الله،
كما نجد أفعال وسلوكيات الفئات السابقة لا تراعى القيم ولاتحترم قانون ولاترحم ضعيف ..ولا تحتكم لدين ..أو أخلاق .. .. .
الانسان العاقل عليه أن يعمل عقله ويزيل الغشاوة من على عينه ويسأل نفسه منذ متى كان الثعلب واعظا ..والذئب صديقا . وللمنافق كلمة وللخائن عهدا او للطبال وعدا سواء على مستوى الافراد او الدول أو ألامم…. فالافعال عنوان الحقيقة. وإن اختلف قول وفعل فلا عبرة بأقوالٍ كذبتها الأفعال.
حتى من يدعى المحبة فالمحبة ليست اقوال بل هى افعال …يقول تعالى ” قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ” ( العمران)، فالمحبة ليست كلمات او اقوال تقال مهما كانت جميلةانما هى اتباع منهج بالافعال مهما كانت بسيطة والبعض يظن أن الحب يقاس بكثرة ما يتلذذ به من الشهوات ..او بجمال الكلمات ..بل الحب يقاس بالافعال والإهتمام والايثار والتغاضى عن الهفوات… فالحب ليس ماذا تشعر إنما ماذا تفعل لتجعل من تحب يشعر بحبك …
هناك من يملأ الارض ضجيجا ولايقدم شيئا ذا قيمة فمن يتكلم كثيرا ..لايفعل شيئا ..
لا نحتاج فى احكامنا على الناس الى شق الصدور كى نعلم مافيها لكن يكفيا الاعمال الظاهرة …اذا رايتم الرجل يرتداد المساجد فاشهدوا له بالايمان والعكس إذا رأينا القتل وسفك والتخريب والتدمير…فماذا نشهد. له ! واذا رأينا الخسة والخيانة فى المواقف فهل هؤلاء نشهد لهم انهم من اهل التقى والصلاح….!
نحن لنا الظاهر والله يتولى السرائر. يقول تعالى ” وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دمائكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقاً منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان (البقرة) .الافعال تتحدث عن صاحبها بوضوح
فالأحكام في الدنيا تقوم على أساس الظاهر أما الأحكام يوم القيامة، وكذلك الجزاء تكون على أساس الباطن والظاهر، والمرء لا ينجو من العذاب في الآخرة إلا إذا تحقق له إسلام الباطن والظاهر معاً. .
وقيمة الإنسان ليست في كلماته، بل في الأثر الذي تتركه أفعاله على من حوله.والفعل أبلغ من القول، والنية الطيبة تظهر في أفعالنا قبل كلماتنا.
صدق ما تراه ، وانسى ما تسمعه
صحيح قد يكون الكلام للاذان امتع..فبعض الناس تعشق آذانهم المدح وكثرة التطبيل والاشادة ..
لكن الأكيد ان الافعال هى الاصدق والأنفع ..
فى الشدائد تظهر معادن الناس والدول ..فنعرف العدو من الصديق فنعيد تقيم الاشخاص والدول طبقا للمواقف ..فتزرع فينا أشخاصًا وتقتلع من داخلنا آخرين. ولذلك مهما كانت قسوة المواقف او شدتها او صعوبتها الا انها كاشفة للاقنعه الزائفة ونرى من خلالها الوجوه على حقيقتها .. فما اكثر من اخذونا بالاحضان..وخناجرهم فى ظهورنا والسنتهم تلتهم فى اعراضنا. يدعون حبنا ..وقلوبهم مليئة بالحقد علينا وكلامهم طعن فينا فشكراً للمواقف التي التي تكشف لنا حقيقة البشر”!
ورغم إيماني التام بأن الأفعال أبلغ وأعمق من الأقوال ، إلا أنني من أنصار القول اللين ، والأخذ بالخاطر ، وجبر النفوس بالكلام الحسن لقوله تعالى (وقولوا للناس حسنا)..الحياة…مواقف تصدمك ومواقف تبكيك…ومواقف تحتاج لتجاهلها. وهناك مواقف لا تُنسى”!
والتناقض بين الأقوال والأفعال حالة يمقتها الله عز وجل:يقول تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ، كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾
بقلم .. أ.د إبراهيم درويش أستاذ المحاصيل الحلقية ووكيل كلية الزراعة السابق بجامعة المنوفية