
الحروب الكلامية الترامبية
كتب / عادل رستم
يبدو أننا أمام عصر جديد تتنحى فيه الدبلوماسية وتستقيل فيه لغة العقل وتفتح أبواب الجنون. وأنا أنتمي إلى الإعلام كمهنة تعلمت الكثير من طرق الحوار والتفاوض، وقبلتهم ميثاق شرف الإعلام أن أكون محايدا مهنياً، وغيرها من المبادئ القويمة.
ويبدو أننا أمام عالم آخر يختلف تماماً حتى عن سينما هوليوود وخارج التوقعات، ويمكن متابعته من خلال عدة ظواهر تقربنا من مفهوم الحرب الكلامية، مثل الكذب المفتوح، واستخدام عبارات قاسية تحمل تهديداً ووعيداً، والتحول المفاجئ في المواقف.
وربما قد تضيفون أنتم نقاط أخرى ترونها ضرورية. والحروب الكلامية لم تولد سفاحاً، بل مرت بعصور وأوقات اتسمت بالجنون، واستخدمت فيها لغة القوة والعنجهية والخطاب العنصري.
والحروب الكلامية يبدو أنها تعتمد على المفاجأة المدوية والتصور غير المتوقع، وربما عدم قدرة الطرف الآخر على الرد لضعف أو لارتباط بمصلحة أو لربما لتهديد علني أو مخفي. الحرب الترمبية تعتمد على فريق عمل يؤدي كل منهم وبعناية فائقة دوراً مهماً، أما بالمساندة أحياناً أو بالتراجع أحياناً أخرى، لتعديل الخطاب حسب المسار وردود الأفعال.
ولكن هل للحرب الكلامية لها تاريخ؟ في عام 1939، قبل غزو أدولف هتلر لبولندا مباشرة، كتب بيرك مقالاً مؤثراً بعنوان “الخطب الرنانة في حرب هتلر”، والتي عرض فيها بإيجاز الكيفية التي استخدم بها هتلر اللغة كسلاح من أجل إثارة الكراهية، والتضحية باليهود وجعلهم كبش فداء، وتوحيد الشعب الألماني في مواجهة عدو مشترك.
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وبعد أن وجه زعماء أمريكا انتباههم نحو الاتحاد السوفيتي، رأى بورك بعض المطابقات بين الولايات المتحدة وهتلر من حيث الطريقة التي استخدمت بها اللغة كسلاح. كان بورك قلقاً من أن الولايات المتحدة ربما ستظل في حالة الاستعداد لخوض الحرب دائماً، ومن أن قرع طبول الخطب البلاغية الرنانة المعارضة والموجهة إلى الاتحاد السوفييتي كان يجعل البلاد عرضة إلى الانزلاق في حرب أخرى.
وتاريخ الحروب الكلامية يعود إلى العصور القديمة، حيث كان الصراع بين الأفراد والجماعات يحدث باستخدام الكلمات واللغة. وفي العصور الوسطى، كانت الحروب الكلامية تتميز بالصراع بين الجماعات الدينية والسياسية.
ومن الجدير بالذكر أن الحروب الكلامية يمكن أن تكون لها آثار سلبية على الأفراد والجماعات، مثل زيادة التوتر والعداء، وتأثيرات سلبية على الاقتصاد والسياسة. لذلك، من المهم العمل على حل النزاعات والصراعات باستخدام الحوار والمفاوضات بدلاً من اللجوء إلى الحروب الكلامية.
مع تحياتي
عادل رستم