
ثقافة مسرح المقاومة والبطولة
بقلم الكاتب والمخرج المسرحي مجدى الشريف
مسرح المقاومة والبطولة ليس وليد تلك اللحظة أو القضية أو المكان ولكنه موروث ثقافي وطني منذ زمن ما قبل ثورة يوليو 1952 وبعدها.
فالتغير السياسي والاقتصادي المحقق من ثورة يوليو وما فرضته من تصعيد العداء البريطاني وتوجيه أنذرا إلى مصر من خمس بنود مزلة ورفض الزعيم جمال عبد الناصر تلك الإنذار والحشد إلى المقاومة والدفاع عن الوطن .. جعل ذلك نقطة الانطلاق والوعى الحقيقي بدور دراما المقاومة في المسرح والتي تأثر بها بعض الكتاب والفنانين وقتها .
قدمت بعض العروض المسرحية مثال كفاح شعب تأليف محمد محمود شعبان وإخراج نبيل الألفي ومسرحية دنشواى الحمراء من إخراج حمدي غيث .. حيث لعبت تلك العروض بمشاعر الأدباء والكتاب أولا .. فكانت تذكرة مرور إلى مزيد من الأعمال الوطنيه مثال عفاريت الجبانة لنعمان عاشور ونبيل الألفي وعرض صوت مصر للفريد فرج وحمدي غيث وعرض بورسعيد لفتوح نشاطي .. وتأثر بها الجمهور المتلقي لدرجة تنظيم مظاهرات يومية بعد اٍنتهاء العروض ترفض العدوان وتتوج بطلب الانضمام إلى صفوف المقاومة الشعبية .. فكان ذلك تأثيراً مباشرا لمسرح المقاومة والثورة .
دائماً الوطنية والمقاومة وجهان لعملة واحدة تفرض نفسها على الواقع الذى يعيشه المجتمع .. ومن مجموعــة الأيدولوجيات التي يعتنقها الفــرد يتضح توجهه ومساره تجاه تلك القضـايا .. فما بالنا وأن أهــم القضايا للإنسان السوى الذى نشأ وترعــرع في بيئتــه وشعـــر بدفء الأرض والأهـــل والارتـــواء من مياها ونيلها هي قضية وطنه وتشترك جميع طوائـــف الشعـب وبصورة كبيـــرة فــي تحمل تلك الهموم وتشعر دائما بالخوف على الوطن مـن أي رافـــد أو محاولة للتحكم فيه من الخارج سواء كانت في صورة مؤامرات أو عـــدوان .. ويخرج الكثيـــر من أبنـاء الوطن مدافعيـن عنه كلاً حسب نشاطه وعلمه وعمله .
ولكن شرارة تلك المعركــة التنويرية تخرج دائما وأولا من الكاتب أو المؤلف المهموم بقضــايا وطنه وهو أول من يتأثر بذلك ويشحذ قلمه للدفاع عــن وطنه أو تنوير المجتمع بحجم الكارثة التي حلت أو ستحل بالوطن .
المؤلف والكاتب وما يجيــده من صياغـــة الجمل والكلمات والثقافة التاريخية والخلفية الفنية نجده دائما اقرب إلى التفاعـل مع تلك الدراما خاصة دراما المسرح أو فنونها المختلفة .
المؤلف والكاتــــب الوطني هو الشرارة الأولى لبزوغ شمس دراما المقاومة وخروجها إلى المتلقي بعد أيجاد مُخرج على نفس القـــدر من الوطنية والثقافـــــة والخبرة الفنية المسرحية التي تـــؤهله إلى خروج ذلك العمل للمواطن المتلقي وهو جمهـور العمل الدرامي الوطني ودائما ما تجــده ذات حس وطنـــي أيضا وتجــــده مستعداً للتفاعل مع الحدث المسرحي بل ومشاركاً فيـــه أيضـــا مــن خلال الانفعالات ورد الفعل على الحدث الدائر أو من خـلال الهتاف بعد العرض وهذا ما نجده كثيرا بعد انتهاء العرض الدرامي الوطني .
كما أن الدراما الوطنية تلعب بشكل عام دوراً مهماً وفعالاً في تشجيـع الأنتماء الوطني .. ولعل أهم الأجيال التي ينبغي تقديم هذه الأعمال إليها بالذات هـــــو طفل وناشئ هذا العصر للتأثير فيه ليصبح بعد ذلك مواطنا يعي كلمة المواطنة والوطـن ويحافظ على بلده بعدما تعرض إلى الغــزو الثقافـــي المحترف وأحُكمت السيطــرة على عقلـه لينفذ من خلالها المستعمر أحلامه الاستعمارية عـن بعد وبأرخص تمن .. فتشعر تلك الأجيال بالغربة عن الوطن وهو فيه .. ويخـرج جيل منطــوي ويقوم بتنفيذ ما يطلب منه بحسن نية .. فنجـــد تدميـــر ممنهج لحياة الوطـــــن وقد سبق وعانينا الكثيـــر من ذلك خاصة في سينـــاء وما تبعها فـــي جميع محافظـات مصر إلى أن أراد الله الصحوة على يد أبطال مصر وأهل سيناء وتم القضـــــاء على تلك الجماعات والبؤر الإرهابيــة والتي تعمل وفـــق أجنـــدة المستعمر الجديد .
و في شمال سيناء لعل من الموثق أنه لم تظهـــر أي أعمال دراما مسرحيـــة وطنية لا قبل عام 1967 والمعروف بعام النكسة أو بعــــــد عام 1973 وهو عام نصر أكتوبر على أرض شمال سيناء خاصة ويرجع ذلك إلى الاحتـــلال الإسرائيلي الذى كان مهيمن على الأرض هيمنه كاملة ولا يسمح بتقديم ذلك المحتـــوى سواء كان مسرحا أو أي نوع أخر من الفنون . ولم تعرف شمال سيناء مسرح الوطنيــة إلا بعد عودة العريش وانتهاء الاحتلال عام 1979 وبعد اتفاقية الســلام بين مصر وإسرائيل .
مرحلة ما بعد العودة أو ما تعرف بمرحلة ما بعـد السلام .. وفيها عودة الطيور المهاجرة مـــن محافظــات مصر المختلفة إلى أرضها وبيئتها .. وما كانت تحمله من أحلام أنشاء وتكويـن فرق مسرحية مختلفة ولم يكن أتجاه الأمــر نحو تكويــن مسرح وطني يقدم إرهاصات أدب المقاومة فقط إلا أن التجول في الأرض المحررة وسبقها التجول في مدينة القنطرة شرق والعيش فيها بعضاً من الـوقت ومشاهــدة ما ألت اليه تلك الأرض والمباني من تدمير وسماع قصص بطـولات حقيقية يقشعر منها البــدن في الصراع العسكري الذى حدث ومـا سبقها من حرب الاستنزاف وما تبعها من تضحيات وانتصارات قد عضدت فينا الوطنيه وأصبح الشغل الشاغل فينا هو تقديـم تلك القصص عن طريق المسرح الذى نعشقـــه ونجيــد أدواته و صنعته كونه صاحب رسالة تنوير وطرح رؤي والتأثير على المتلقي . فلابـــد من نقل تلك الأحداث والمواقف البطولية ممسرحة أمـام جمهورعاش بين تلك المواقف ويعرف أسماء الأبطــال وعائلاتهــم وأماكــن أقامتهم جيدا .. بل يعرف من مازال على قيـد الحياة ومـــــــن نال الشهادة .. فأيقنت أن البطل الوحيـد وصاحب حــق العودة هـو الشهيــد الــذى لولاه ما كانت عــودة لنا جميعا .. فكان أول عمل يؤثـر فيا شخصيا هو عمـل يحمل أسم ( الشهيد صانع العودة ) فأليت على نفسى أن يكون أول عمل أقدمه هــو تلك الملحمـــة .. وبذلك سجل ووثــــق أول عمل دراما عـــــن المقاومة والوطنية في شمال سيناء تأليف وأشعار وإخراج
أوبريت ( الشهيد صانع العودة )هذا الاسم الذى أخترته من بين مجموعة من أشعار عمى الشاعر الراحل فهمى الشريف أبن شمال سيناء وكنــت احتفظ بها بعد أن أهدانـــي والدى تلك الأشعار بحكم أننى أعشـــق عمى أولا وبحكم أنى أعمل في المسرح ثانية .. كان الشغل الشاغـل تقديم تلك الأشعار وخاصة أنها تحمل الصبغة الوطنية في صورة أوبريت غنائي ونصا مسرحيا عن المقاومــــــة من تأليف أبــن سيناء الكاتب الصحفي الكبير الراحل حمدي نصر عباس فتكاملت الأشعارمع النص الدرامي الذى يحمـل أدب المقاومة .. مع الرؤية الإخراجيــة التي وضعتها ومـــــع مجموعة من الألحان الوطنية لموسيقار سينـاء عبد الرحمن البيك وديكـــور ثروت عبد الله وكان أول عرض مسرحي وطني يخرج من سيناء وفى سيناء . من سيناء حيث شاهـــده كل مواطني سيناء لحد الزحام وكان حديث مدن المحافظــــة بأكملها بعد عرضه بها وكونه مثل المحافظة في تصفيات اللقاءات المتكاملــة ذات الوقـــت وفاز بالمركز الأول على مستوى مدن القناة وسينـــاء عام 1981.. فكانت النقلــة التي عشقــت معهــا العمــل الدرامــــي الوطني وقدمت بعد ذلك مزيد من العروض التي تحاكـى الوطنيــــة والتي كان لها الفضل أن أمثل مصر في مهرجــــان بعد ذلك بدولة تونس الشقيقة ومن أهم تلك الأعمال.
مسرحية عاشـــق الأرض تأليف محمد عايش الشريف
الدراما الغنائية (حكاية من كل دار) تأليف عـــزمي أبو سلمـــه
مسرحية سته في عين العدو تأليف محمــــــود عبـــد الله
مسرحية الغــوريلا الغبيـــة تأليف مجــــدى الشريــــــف
أوبريت ليلة في حب سيناء تأليف محمد عايش الشريف
أوبريت ملاحــــم سيناويــه تأليف عبد الكريم الشعراوي
أوبريت بانوراما سيناويه تأليف عبد الكريم الشعراوي
مسرحية أثنان في مأزق من مؤلفات كاتب المقال
وهى عن الصراع الدائر الأن بأرض فلسطين
مسرحية بذره خير من مؤلفات كاتب المقال
وهى عن حكاية سيناء وما حدث بها
الملحمة الوطنيه (حكايات الأبطال ) من مؤلفات كاتب المقال
وهى عن ملحمة القضاء على الإرهاب بشمال سيناء
مسرحية حكاية الغوريلا الغبيه من مؤلفات كاتب المقال
عن البطش والتنكيل اليهودي لشعب فلسطين
مسرحية فارس بنى سيناء تأليف محمد عايش الشريف
مسرحية دماء على غصن زيتون تأليف محمد عايش الشريف
مسرحية الراية السودا تأليف محمد عايش الشريف
حكاية بنت اسمها روضة من مؤلفات كاتب المقال
وهو النص الذى خلد أحداث مسجد الروضة
الدراما الغنائية الاستعراضية عرس كليب من تأليف الشاعر الكبير درويش الأسيوطي
وكلها من أخراج كاتب المقال
العامل الأساسي في نجاح تلك الأعمال هو الجمهور السيناوى لأنه عايشها بصدق وتعايش مع أحداثها الحقيقية فكان من أهم عوامــل النجـــاح وهو جمهــور وطني وفي ربـــاط إلى يوم الديـن فكانت تلك الأعمال دافعا للحفــــاظ على هويته الوطنية جيل بعد جيل .
والى لقاء قريب في حب المسرح وسيناء .