آراء وتحليلات

أنا آسف

كتبها عادل رستم

قيمة الاعتذار هي القيمة التي تغافلنا عنها، وربما أسرفنا فيها في أحيان أخرى. بين التقتير والإسراف تقع الكثير من التشوهات الأخلاقية. علينا أن نقدم الاعتذار بنية صادقة، معترفين بالأذى الذي وقع على الآخر. كلنا نخطئ، ولكن حينما نخطئ ونعرف خطأنا يجب علينا المسارعة بالاعتذار، فذلك دليل الشجاعة والمحبة والثقة بالنفس وقوة الشخصية.

الاعتذار يعيد الحقوق ويعبر عن شخصية متوازنة تحمل الكثير من الإيجابية. وربما يقف سداً أمام الاعتراف بهذه القيمة العناد أو الكبر أو الاستعانة بالطرف الآخر. وهنا تضيع الحقوق وربما يزداد الإثم لأنك مطالب دائماً بإعادة الحقوق لأصحابها. وما تستطيع تقديمه اليوم ربما لا تقدر عليه غداً عندما تتفاقم المشكلة وتزداد سوءاً وتتدخل أطراف أخرى تزيد من حجم المشكلة.

لا يمكن أن يغيب عنك، عزيزي القارئ، العقاب الأخروي إن لم يسامحك الطرف الآخر. ولكن يبقى السؤال: كيف يمكن أن نقدم الاعتذار بصراحة؟ تقول الباحثة الاجتماعية ليوا ليو بولد: “لا تقل ‘أريد أن أعتذر’، أو ‘أود أن أعتذر’، ولكن بدلاً من ذلك قل ببساطة ‘أنا أعتذر’، أو ‘أنا آسف’. برر ولكن بطريقة مختصرة… اعترف بالضرر الذي تسببت به… اعترف أنك ستحاول عدم القيام بالخطأ مرة أخرى… قدّم عرضاً لإصلاح الضرر الذي تسببت به.”

في الاعتذار تبدو أيضاً شبه مسؤولية للطرف الآخر أن لا يكون متعنتاً رافضاً. فالحياة تتطلب منا في الكثير من الأحيان أن نطوي صفحة ونبدأ في أخرى. إن إحساس الشخص بأنك ستبذل قصارى جهدك حتى لا تكرر الإساءة ‘يعيد بناء الثقة والاطمئنان’. ويجدر بنا الإشارة إلى أن تكرار الأسف والاعتذار يقلل من قيمة الاعتذار وقيمتك أنت أمام نفسك والآخرين، ويبدو أنه غير مقبول وأنك تستسهل الخطأ طالما تكرره وتجد الحل في كلمة آسف.

ولا بد أن البعض منا قد يتذكر موقفاً تلقى فيه اعتذاراً غير مُرضٍ بالنسبة له، ولذلك يتبادر إلى ذهننا سؤال مهم: ‘لماذا يصعب على بعض الأشخاص الاعتذار؟’ أظنها جوانب شخصية كما قلنا في البداية، وعليه أن يبذل جهداً لكي يقدر على تقديم الاعتذار. ‘آسف’ كلمة من ثلاثة حروف، ولكنها قد تعيد الثقة، وفي غيابها تحدث ما لا يحمد عقباه. كن قوياً وقادراً على التلفظ بها، ولكن لا تجعلها على لسانك سهلة تتكرر كثيراً.

مقالات ذات صلة