
9 مارس 1969 مازلت اذكر هذا اليوم
بقلم /سهام عزالدين جبريل
حقا انه التاريخ الذى يكتب بأحرف من نور9 مارس 69 ذكرى استشهاد الفريق عبد المنعم رياض أحد أبرز القادة العسكريين في تاريخ مصر الحديث، حيث جسّد نموذج القائد الذي لا يهاب الموت، والذي آمن بأن القيادة الحقيقية تعني أن يكون القائد في الصفوف الأمامية جنبًا إلى جنب مع جنوده كان يوما مشهود شهد استشهاده في ميدان القتال مما جعله رمزًا خالدًا للتضحية والفداء، وخلّد اسمه في سجل الأبطال الذين ضحوا بحياتهم من اجل الوطن ،
مازلت اذكر ذلك اليوم كانت سيناء تخضع تحت رزح الاحتلال البغيض كنا فى مدارسنا نتلقى دروسنا وكان يوم عصيب حيث تم نقل الخبر من خلال مدرسينا سمعنا الخبر استشهاد عبد المنعم رياض كنا نعرف عنهالكثير لاننا كنا مهمومون بقضيتنا سينا بلدنا وارضنا التى احتلت لقدلااصبحناننظر الى امل الانتصار يأتى من غربالقناةعلى ايدى ابطال النصر قواتنا المسلحة التى ستحررسيناء من قبضة الاحتلال البغيض ولقد كان القائد عبد المنعم رياض أحد أبرز القادة الذين إداروا حرب الاستنزاف بعد نكسة 67 ففي 1969، تم تعيينه رئيسًا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية، وكان من أبرز الداعمين لإعادة بناء الجيش بعد النكسة، من خلال تطوير استراتيجيات القتال ورفع كفاءة الجنود، استعدادًا لحرب التحرير . أوضاع الجبهة المصرية فقدكنا نتابع اخبار انتصارت قواتنا المسلحة على خط المواجهة منتظرين لحظة الانتصاروالتحرير
وفى مارس 69 بلغت ذروة المواجهات بيت القوات المصرية والإسرائيلية على طول الجبهة الممتدة على الضفة الغربية لقناة السويس، في إطار ما عُرف بـ حرب الاستنزاف، التي بدأت عقب نكسة يونيو 1967. كانت هذه الفترة تمثل مرحلة حاسمة في إعادة بناء الجيش المصري واستعادة الثقة بعد الهزيمة، حيث وضعت القيادة العسكرية خطة لتكثيف العمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي واستنزاف قدراته، من خلال استراتيجية حرب الاستنزاف التى كان يخوضها ، الجيش المصرى بعد هزيمة حرب 1967،
حيث تبنّت مصر سياسة عسكرية جديدة بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر، تهدف إلى إنهاك القوات الإسرائيلية عبر عمليات قتالية متواصلة. بدأت حرب الاستنزاف رسميًا في يوليو 1968، وتضمنت :
1-قصفًا مدفعيًا مكثفًا، وعمليات نوعية لقوات الصاعقة، وكمائن للقوات الإسرائيلية على طول الضفة الشرقية للقناة
2-تصاعد الاشتباكات في مارس 1969 كانت القوات المصرية قد كثّفت قصفها المدفعي على المواقع حيث الإسرائيلية شرق القناة، مستهدفة نقاط التحصين ومراكز القيادة. زادت معدلات العمليات الخاصة التي نفذتها القوات المصرية، سواء من قبل قوات الصاعقة أو القوات الجوية، مما أجبر إسرائيل على رفع درجة الاستعداد
3-في المقابل، ردت إسرائيل بشن غارات جوية وقصف مكثف على المواقع المصرية،مما أدى إلى سقوط عدد من الشهداء والجرحى بين صفوف القوات
4-وفي خضم هذه المواجهات، قرر رئيس أركان الجيش المصري، الفريق عبد المنعم رياض، تفقد القوات في الخطوط الأمامية للضفة الغربية للقناة أثناء وجوده في احد أحد المواقع العسكرية المتقدمة
حيث تعرّض الموقع لقصف مدفعي إسرائيلي مكثف، مما أدى إلى استشهاده الذى سبب صدمة كبيرة لكنة فى نفس الوقت عزز من عزيمة الجنود للاستمرار في المعركة المصيرية التى كانت المدخل لتحقيق عبور اكتوبر، كان هذا الوضع على خطوط المواجهة فى الجبهة المصرية على طول الضفة الغربية للقناة ،،،
واما خلف خطوط العدوعلى ارض سيناء فقد كانت تأتى الاستجابة والتضافر لدعم قواتنا المسلحة فقد اعلن أهل سينا حالة الحداد تحت شعار (اضراب الشهيد عبد المنعم رياض ) حيث كانت الإضرابات هى أحد أدواتنا فى التعبير عن المقاومة الوطنية وتحدى سلطة الإحتلال والتى كانت مستمرة طوال فترة الإحتلال فقد مثل اضراب الشهيد أشهر الإضرابات فى مدينة العريش عاصمة سيناء والتى عمت كافة مدن وقري سيناء التي نظمها أهالى سيناء والتى اطلق عليها إضراب الشهيد الذى تم يوم 9 مارس 1969م ،
حيث اقيم الحداد فى ربوع سيناء ، إثر سماعهم خبر إستشهاد رئيس أركان الجيش المصرى ، الفريق عبد المنعم رياض في صباح ذلك اليوم ، الذى إغتالته يد الغدر الإسرائيلية وهو بين أبنائه جنود القوات المسلحة على الضفة الغربية للقناة ، و قام الأهالى بتنظيم جنازة رمزية في مساء ذلك اليوم وصباح اليوم الذى تلاه ، وأخذوا يهتفون بحياة الشهيد ، وبحتمية النصر وإنتهاء العدوان مهما طال أمده فالنصر أت حتى ولو دفعنا جميعا أرواحنا فداء للوطن ، وإسترداد أرضة السليبة ، وأخذوا ينددون بتلك الأيادى الغادرة الخبيثة للعدو الإسرائيلي الذى إغتالت إبن بار من أبناء القوات المسلحة وبطل من أبطال حرب الإستنزاف الذى روع العدو الإسرائيلى ، وأفقدة روعة نصره المزعوم ، والذى فى عهده تحققت وفى فترة وجيزة ، إعادة بناء الجيش المصرى وأحرزت قواته إنتصارات عسكرية كبيرة فى المعارك التى خاضتها القوات المسلحة خلال حرب الاستنزاف، مثل “معركة رأس العش ” التى منعت فيها قوة صغيرة من المشاة المصرية سيطرة القوات الإسرائيلية على مدينة بورفؤاد الواقعة على قناة السويس ، ومعركة “تدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات”، وإسقاط العديد من الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال عامي67 /1968م، وأشادوا بدوره الوطنى العظيم في قيادة تلك المرحلة الحساسة من تاريخ الوطن والتي ساهمت في كسر اسطورة النصر الإسرائيلي المزعوم ، وهزيمة الجيش الذى لايقهر ، على حد تعبير قادة الكيان الصهيوني ،،،
وإستمرت مظاهرات الأهالى وطلبة المدارس تجوب شوارع العريش لعدة أيام تطالب بالقصاص من المحتل وأقيمت صلاة الغائب على روح الشهيد عبد المنعم رياض في مساجد مدينة العريش ، وكانت بمثابة رسالة قوية للتحدى قوات الاحتلال التي ، بدورها مارست إجراءات القمع وشدة بأسها على الأهالى حيث إعتقلت أعداد من المتظاهرين ، ومنعت المصلين من الذهاب للمساجد، وأعلنت حالة حظر التجوال ،،،
اننى مازلت اذكر هذا اليوم وكأنى اراه شريط سينمائى يمر عبر ذاكرتى ليوم من ايام سيناء نعم انه يوم الشهيد الذى اشعل حالة المواجهات بين اهل سيناء بكافة أطيافه وبين قوات الإحتلال الإسرائيلي وكان التعبير عن حالة السخط العام ، من خلال المظاهرات والهتافات التي شاركت فيها جميع أطياف المجتمع في سيناء حتى النساء والأطفال والطلبة والطالبات ، وكانت الهتافات دائما تردد كلمات النصر ، وتبشر بأن الغد لناظره قريب ، ومن أشهر الكلمات التي كان يرددها الأهالى في تلك المظاهرات :
“حطوا المدفع على البيان فليسقط أبا إبان ” ، “ومنها ناصر ، ناصر ياوطنية ، ناصر ياحرية ” “تحيا سينا حرة أبيه تحيا سينا أرض مصرية ” وكان الإغنيات والآناشيد الوطنية هي زاد لهذه المظاهرات مثل “فدائى أموت أعيش مايهمنيش”
وكانت حلقات التواصل بين مصر وابنائها في سيناء المحتلة لها العديد من الأشكال من خلال عدة وسائل ، ورسائل ثبث بشائر الأمل وتوقد جذوة الثورة لتظل مشتعلة دائما ضد المحتل والتي لم تتوان عزائم أبنائها في أصعب الظروف أو تخبو إشراقة الأمل في نفوسهم ، حتى في أقسى المواقف ، فكانت الإضرابات أحد أدواتها الفاعلة التي أحرجت العدو الإسرائيلي ، أمام الرأي العام العالمى والمنظمات الدولية ، وأثبتت خطأ نظرياته التي إجتهد فيها وأخذت أشكال عدة ، وأفشلت مؤامراته الإستيطانية وأطماعة التوسعية في إمكانية السيطرة على الأرض والشعب ، والتي أحبطها شعب سيناء الأبى وبدعم من قواته المسلحة الابية وثارا لارواح شهداء الوطن.
خالص تحياتى
د/ سهام عزالدين جبريل