
قراءة فى زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون إلى مدينة العريش(العريش في قلب الحدث)
بقلم / سهام عزالدين جبريل
يعتزم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التوجه إلى مصر غدا الأحد ، في زيارة هامة للقاهرة حيث يشمل برنامج زيارته زيارة هامة الى مدينة العريش، التي من المنتظر أن يزورها الثلاثاء، حسب ماتم إعلانه حيث يترجم ذلك مدى أهمية موقع مدينة العريش الذى يمثل أقرب نقطة اتصال من قطاع غزة،
و يهدف ماكرون من خلال زيارته هذه إلى التأكيد على ضرورة “وقف إطلاق النار” في القطاع ودعم إيصال المساعدات الإنسانية إلى سكانه. ومن المقرر أن يجتمع ماكرون مع نظيره السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي لمناقشة ملفات اقتصادية وإنسانية عدة ، في إطار تعزيز التعاون بين البلدين
وتأتى هذه الزيارة في ظل الأحداث الدامية التي يشهدها قطاع غزة، حيث تأتى زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى القاهرة لتشمل زيارة هامة إلى مدينة العريش المصرية مما يسلط الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه الدولة المصرية وتشهده مدينة، العريش ليس فقط على الصعيد الإنساني، بل أيضًا في المشهد السياسي الإقليمي.
وقد يتسأل البعض عن الأسباب التى دفعت الرئيس ماكرون لوضع مدينة العريش فى برنامج زيارته ، ومن هنا وجب علينا أن نتطرق إلى اسباب الزيارة وارتباطها بما يحدث في غزة،
*وفى رأى أن زيارة ماكرون لم تكن مجرد زيارة بروتوكولية، بل تأتى في توقيت حساس للغاية ، حيث تشهد غزة عدوانًا إسرائيليًا عنيفًا خلّف آلاف الشهداء والمصابين وتُعد العريش نقطة العبور الأساسية للمساعدات الإنسانية القادمة من مصر والعالم إلى القطاع عبر معبر رفح ومن هنا، يسعى ماكرون لتأكيد دعم فرنسا للجهود الإنسانية، وتنسيق المساعدات، والتباحث مع الجانب المصري حول سبل التهدئة وإيقاف نزيف الدم,
*جهود الإغاثة التى أقامتها مصر من خلال مدينة العريش
منذ بداية الأزمة، تحوّلت العريش إلى مركز إغاثي كبير. تم تجهيز مطار العريش لاستقبال طائرات الشحن القادمة من عدة دول تحمل مساعدات إنسانية. كما تم تجهيز مخازن ضخمة لتخزين المواد الطبية والغذائية، وتنسيق قوافل الإغاثة بالتعاون مع الهلال الأحمر المصري والمنظمات الدولية.
ومستشفى العريش العام المجهزة والمساعدة بالكامل لاستقبال الجرحى الفلسطينيين، هذا إضافة إلى ماجهّزتة الدولة من عشرات سيارات الإسعاف لنقل المصابين من معبر رفح إلى مستشفيات شمال سيناء ومحافظات أخرى، ضمن جهد طبي وإنساني غير مسبوق.
*كما انه من المقرر أن يتم خلال الزيارة توقيع مذكرة تفاهم صحية جديدة مع مصر تعنى بعلاج الفلسطينيين الذين تمّ إجلاؤهم من قطاع غزة منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس.
وسيناقش ماكرون مع السيسي “الضرورة الملحّة” لاستئناف وقف إطلاق النار في غزة حتى لا يصبح سكان القطاع “عُرضة للكارثة الإنسانية التي يجدون أنفسهم فيها وللضربات الإسرائيلية التي تهدد أمنهم”.
كما سيؤكد الرئيس الفرنسي على ضرورة العمل من أجل الإفراج عن الأسرى الذين لا تزال حماس تحتجزهم في غزة، وحسب ما أوضح قصر الإليزيه.
وسيناقش ماكرون في مصر أيضاً الخطة العربية لإعادة إعمار غزة، وهي خطة تدعمها باريس لكنّها تحتاج، بحسب السلطات الفرنسية، لأن يتم “تعزيزها أكثر”، وبخاصة في ما يتّصل بـ”الأمن” و”الحوكمة” في القطاع الفلسطيني.
*البُعد اللوجستي والاستراتيجي لزيارة العريش من وجهة نظرى أن موقع العريش الجغرافي يمنحها دورًا استراتيجيًا بارزًا في كل ما يتعلق من أحداث تدور على أرض غزة. فهي الأقرب للقطاع، ما يجعلها المنفذ الأول والأسرع لوصول المساعدات. كما أن قربها من معبر رفح منحها أهمية دبلوماسية أيضًا، حيث أصبحت مركزًا لوجستيًا لإدارة وتنسيق العمليات الإنسانية والسياسية، واستقبال الوفود الدولية
وما تملكه الدولة المصرية من امكانات البنية التحتية التى أقيمت في العريش – من انشاءات و تطوير ومطار، وميناء وطرق، ومستشفيات – جعلت منها قاعدة متكاملة للإغاثة والدعم. هذا الدور عزز من مكانة مصر في المنطقة، وأثبت أن العريش ليست مجرد مدينة حدودية، بل نقطة ارتكاز محورية في قضايا الشرق الأوسط.
*العريش في قلب الحدث… ماذا يعني ذلك؟ بالنسبة لى كابنة لهذه المدينة التاريخية الصامدة على مدى حقبات زمنية شهدت أحداث جسام على مدى التاريخ واليوم أن تكون العريش في قلب الحدث هو أمر لم يكن عابرًا أو مؤقتًا بل هو تأكيد على أنها كانت و أصبحت ذات دور محوري في الأزمات الكبرى، خاصة حين يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية. إنها الآن حاضرة في خريطة القرارات، وفي وجدان العالم كرمز للإنسانية والتضامن.
الزيارة تمثل ترجمة لعلاقات مصر القوية مع دول أوربا وعلى رأسهم فرنسا التى لها مواقف مؤيدة لرؤية مصر الإقليمية والدولية فى كثير من القضايا التى تخص منطقة الشرق الأوسط
إذا كانت ثمة حاجة لتبيان العلاقة الخاصة التي تربط الرئيسَين الفرنسي والمصري وبلديهما، فتكفي الإشارة إلى أن الزيارة التي يقوم بها إيمانويل ماكرون، من الأحد إلى الثلاثاء، إلى القاهرة تعدُّ الرابعة.
وبالمقابل، فإن الرئيس عبد الفتاح السيسي قام بـ8 زيارات إلى باريس. لكن ما يُميِّزها عن سابقاتها أنها تتم في مرحلة بالغة الدقة بالنسبة لكامل المنطقة، وبالتالي، فإن مروحة الملفات التي سيبحثها الرئيسان كثيرة ومتنوعة. وبالطبع، ووفق ما أوضحته مصادر الإليزيه، في معرض تقديمها للزيارة، فإن حرب غزة تُشكِّل العنوان الرئيسي بالنظر لمواصلة إسرائيل عملياتها العسكرية في القطاع وما تسفر عنه يومياً من ضحايا وتدمير، فضلاً عن تبني حكومتها لمخطط ترحيل الفلسطينيين وتقطيع أواصر القطاع. وستكون الخطة العربية التي أعدَّتها مصر لإعادة إعمار غزة وأقرَّتها الجامعة العربية، بدعم من المؤتمر الإسلامي، أساسيةً في المحادثات إن على المستوى الرئاسي أو على مستوى الوزراء المعنيين من الجانبين. وفي هذا السياق، عبَّرت فرنسا عن دعمها للخطة، وصدر بيان رباعي، بهذا الخصوص، وقَّعته فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإسبانيا،،
*ماذا تعني لي هذه الزيارة؟
من وجهة نظرى ، فإن زيارة رئيس دولة كبرى مثل فرنسا لمدينتي العريش، تعني الكثير. إنها فخر واعتزاز بأن مدينتنا أصبحت محط أنظار العالم، وأنها تلعب دورًا حقيقيًا في صناعة السلام، ورفع المعاناة عن الأشقاء في غزة. كما تمنحني هذه اللحظة الأمل في مستقبل أفضل للعريش، مستقبل يتجاوز الحدود الجغرافية، ليصل إلى موقع القيادة والتأثير الإقليمي.
خالص تحياتى
د / سهام عزالدين جبريل