
الحيوانات الضالة
دكتور / السيد مرسى
تمثل قضية الحيوانات الضالة في مصر إحدى الإشكاليات الاجتماعية والبيئية التي طالما أثارت جدلًا واسعًا بين مؤسسات الدولة، ومنظمات الرفق بالحيوان، والمجتمع المدني، يتبين ذلك من خلال تزايد شكاوى المواطنين من مخاطر الكلاب والقطط الضالة في الشوارع، فجاء قانون ينظم التعامل مع هذه الظاهرة ليعيد ترتيب العلاقة بين الإنسان والحيوان في الفضاء العام، ويضع إطارًا تشريعيًا يعالج الخلل القائم بين الحماية والردع، من اجل تنظيم حيازة الحيوانات الخطرة واقتناء الكلاب، دون الموافقة النهائية المؤجلة لجلسة مقبلة.
فهذا القانون لم يأت من فراغ بل من جراء الحوادث والكوارث الناتجة عن الحيوانات الضالة، خاصة في المناطق الحضرية والمناطق الريفية على حد سواء، والتي تشمل الكلاب الضالة التي تتجول في الشوارع والطرق السريعة، وعند تفادي السائقين لها بطريقة مفاجئة تتسبب في حوادث سير خطيرة ، كما حدث فى عام 2022وقد وقع حادث مروع على الطريق الدائري الأوسطي عند محاولة سائق تفادي كلب ضال، وانقلاب سيارته ووفاة أحد الركاب وأيضا بمحافظة الشرقية عام 2023 تعرّض طفل في العاشرة من عمره لهجوم من كلاب ضالة أثناء عودته من المدرسة، و إصابته بجروح خطيرة ونُقل إلى المستشفى، وتكمن المشكلة بسبب قلة التحصين والرقابة، وكذلك هذه المعالجات المتفرقة والغير ملزمة، وهذا إعلان وزارة الصحة المصرية عن تسجيل عدة حالات إصابة بداء الكلب في 2021 نتيجة عضات الكلاب الضالة، معظمها في المناطق الريفية، والقطط الضالة، وأحيانًا حيوانات أخرى مثل الحمير أو الماشية السائبة على الطرق ، كما حدث بالطريق الزراعي بين القاهرة والإسكندرية، والذى سجل حالات وفاة بسبب تصادم السيارات مع ماشية سائبة في منتصف الليل، ومرجع ذلك الى ضعف الإضاءة على الطريق العام وصعوبة الرؤية ، ووفق تقارير صحفية جاء فيها بأن مصر تُسجل أكثر من 400 ألف حالة عقر سنويًا نتيجة هجمات الكلاب الضالة.بعض المحافظات خصصت ميزانيات لمكافحة الكلاب الضالة، ولا تزال المشكلة قائمة بشكل كبيرحتى الان .
لذلك يمثل صدور قانون تنظيم التعامل مع الحيوانات الضالة في مصر خطوة متقدمة نحو مجتمع أكثر إنسانية وتوازنًا، وهو يعكس تحوّلًا في النظرة التشريعية نحو البيئة الحيوية المحيطة بالإنسان، إلا أن نجاح هذا القانون مرهون بمدى الجدية في تطبيقه، على سبيل المثال نجد أن الهند تعتمد برامج مماثلة للتطعيم والتعقيم كوسيلة رئيسية للسيطرة على أعداد الكلاب الضالة، بينما تتبنى دول مثل ألمانيا نظام “الملجأ المفتوح” للحيوانات المشردة، وهو ما يمكن لمصر الاسترشاد به مستقبلًا.
الى اللقاء: دكتور / السيد مرسى