آراء وتحليلات

(2) الإيجار القديم بين الواقع والمأمول

دكتور: السيد مرسي

تعد قضية “قانون الإيجار القديم” من أكثر القضايا القانونية والاجتماعية إثارةً للجدل في الوقت الحالي في مصر، حيث تثير توازنًا صعبًا بين حقوق المالك والمستأجر، وقد ظلت هذه الأزمة قائمة لعقود دون حسم جذري. فبين مطالبات بتعديل القانون أو إلغائه، ومخاوف من تشريد ملايين المواطنين، يقف المجتمع المصري أمام معضلة حقيقية، وتعود أصل الأزمة إلى القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، والتعديلات اللاحقة بالقانون رقم 136 لسنة 1981 والتي نصّت على تثبيت القيمة الإيجارية للمساكن، و بقاء عقود الإيجار لعقود طويلة دون تعديل ،وأصدرت المحكمة الدستورية العليا عددًا من الأحكام أهمها: الحكم رقم 70 لسنة 18 “دستورية” في عام 2002، والذي قضى بعدم دستورية الامتداد التلقائي لعقود الإيجار لغير أغراض السكن إلا في حالات محددة ، وحكم عام 2018بعدم دستورية بعض بنود الإيجار القديم للكيانات غير السكنية (المحال التجارية، المكاتب… إلخ)،والحكم الأخير في ٠٩‏/١١‏/٢٠٢٤ بعدم دستوره الفقرة الأولى من المادتين الأولى والثانية بالقانون 136 لسنة 1981 ، ووفقًا لتقارير الجهاز المركزي للتعبئة العامة يوجد ما يقرب من 3 ملايين وحدة سكنية ايجارقديم ، مؤجرة ب 10 جنيهات شهريًا، لعقارات تقع في مواقع استراتيجية ، ويعيش فيها أكثر من 10 ملايين مواطن، أغلبهم من الطبقات الوسطى والفقيرة ، وقد أعلنت الحكومة والبرلمان مرارًا نيتهم لإصلاح قانون الإيجار القديم، وتم تقديم عدة مشروعات قوانين منها: مشروع قانون قدمته الحكومة عام 2021 لتنظيم العلاقة في العقارات المؤجرة لغير غرض السكن ، وتم اقراره لاحقا، ومشروعات آخرى مقدمة من بعض النواب بفتح باب التفاوض بين المالك والمستأجر أورفع القيمة الإيجارية تدريجيًا بنسبة سنوية، مع الحفاظ على البعد الاجتماعي.

من اجل ذلك فالمأمول والمقترح: أولا : رفع تدريجي للقيمة الإيجارية على مدى 5 أو 10 سنوات لتصل إلى القيمة السوقية العادلة ، ثانيا : توفير دعم سكني للمستأجرين محدودي الدخل المتضررين من تحرير عقد الإيجار القديم ، ثالثا : فتح باب التفاوض بين المالك والمستأجر مع وجود رقابة قضائية….،

رابعا : إنشاء صندوق تعويضات أو دعم للملاك الذين حُرموا من العوائد المناسبة لعقاراتهم.

وأخـــــــــيرا: فإصلاح قانون الإيجار القديم ضرورة اجتماعية واقتصادية، لكنه يتطلب حلولًا متدرجة وتوافقية توازن بين حقوق المالك والبعد الإنساني للمستأجر، مع تدخل حكومي فاعل لضمان عدم الإضرار بأي طرف. فهل تنجح الدولة في الوصول إلى “حل عادل” يُنهي أزمة عمرها أكثر من نصف قرن؟

والى اللقاء : دكتور / السيد مرسى

 

 

 

 

مقالات ذات صلة