آراء وتحليلات

(3) ملاك المحال التجارية

دكتور السيد مرسي

أفرز الواقع القانوني المصري إشكاليات متعددة تتعلق بحقوق الملاك المؤجرين تجاه المستأجرين، لا سيما في ظل الامتداد القانوني لعقود الإيجار التجارية استنادًا إلى قوانين الإيجارات الاستثنائية، مما أثار تساؤلات دستورية حول مدى اتساق هذه القوانين مع حق الملكية الذي كفله الدستور ، واذا كان عقد الإيجار يخول المستأجر حق الانتفاع، دون أن ينال من الملكية الأصلية للمالك ، الذى حفظ له القانون المدنى المصرى وفقًا للمادة (802)التي تنص “للمالك أن يتصرف في ملكه تصرفاً مطلقاً، فيما لا يتعارض مع أحكام القانون”. ، والمادة (804) التي تنص:”الملكية ترد على الأموال المادية وغير المادية، وتخول مالكها سلطة استعمالها واستغلالها والتصرف فيها، في حدود القانون”.وهذا يوضح أن حق المالك في الاستغلال والاسترداد هو جوهر الملكية ذاتها ، وقد أثارت القوانين الاستثنائية، مثل القانون رقم 49 لسنة 1977 والقانون رقم 136 لسنة 1981، العديد من الإشكالات، إذ أنها نصت على امتداد عقود الإيجار للمحال التجارية بقوة القانون، وهو ما شكل عبئًا على ملاك المحلات الذين فقدوا سلطة استرداد أملاكهم رغم انتهاء مدة الإيجار الأصلية ، وقد ترتب على هذه التشريعات– انتقاص جوهرى من حق المالك، بما يخالف المبادئ الدستورية المستقرة.

وعندما أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمًا مهمًا في القضية رقم 11 لسنة 23 قضائية “دستورية”، بتاريخ 5 مايو 2002، قضت فيه بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 فيما تضمنته من امتداد عقد الإيجار للمحل التجاري لورثة المستأجر دون تقييد، وقد جاء في حيثيات الحكم:”إن الامتداد القانوني لعقد الإيجار إلى غير ذوي صلة مباشرة بالمستأجر، لا يجد سنده في مبدأ التوازن بين طرفي العلاقة التعاقدية، ويعد إفتئاتا على حق المالك في استرداد ملكه، بما يخالف نصوص المواد 2، 34، 36 من الدستور”. ويمثل هذا الحكم نقطة تحول رئيسية في تفسير العلاقة بين الحق في السكن أو النشاط الاقتصادي، وحق الملكية، حيث أعادت المحكمة الدستورية الاعتبار لحقوق الملاك، وقد أكّد فقهاء القانون أن الامتداد القانوني لعقود الإيجار يجب أن يكون محدودًا بمدة معقولة وإلا كان مصادرة للملكية

بناءا على ما تقدم: يلزم وعلى وجه السرعة ان يعيد المشرع النظر في تنظيم العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر، لا سيما فيما يخص المحال التجارية. وقد خطت المحكمة الدستورية العليا خطوة هامة في هذا الاتجاه بأحكامها سالف الذكر، والتى أعادت الاعتبار للملكية الخاصة باعتبارها حق دستورى مصون.

والى اللقاء: دكتور / السيد مرسى