البعبعون! بقلم / سوسن حجاب
منذ عدة سنوات أصدرت فرنسا بلد الحريات قانون يفرض عقوبات على من يُتهم بمعاداة السامية وتم الحكم بالفعل على المفكر والفيلسوف الفرنسى المعروف روجيه جارودى (الذى أصبح اسمه رجاء جارودى بعد إشهار إسلامه)حُكم عليه بالحبس خمس سنوات والتهمة أنه أصدر كتابا بعنوان الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية،شكك فيه – مجرد تشكيك فى عدد قتلى أو ضحايا أفران الغاز أيام الحكم النازى فى ألمانيا، رغم أن حرب هتلر كانت ضد الإنسانية كلها وليس فقط اليهود !
فرنسا بلد الحرية والإخاء والمساواة تُعاقِب على الفكر! ،
نعود لمعاداة السامية تلك التهمة الجاهزة لكل من تسول له نفسه المس بالذات الإسرائيلية!فما بالكم لو كان هذا المس هو قتل إسرائيليين اثنين من موظفى السفارة الإسرائيلية فى احتفال فى متحف يهودى بواشنطن، قامت الدنيا ولم تقعد بعد، خاصة فى أمريكا لدرجة أن يصرح عضو فى الكونجرس الأمريكى أنه يجب ضرب غزة بالنووى حتى يقضى على الإرهاب الإسلامي!رغم أن قاتل الشخصين لم يكن مسلما ولا عربيا،أميركى الجنسية مسيحى الديانة لكنه صرخ بجملة تحيا فلسطين!وهذه تهمة أو جُرم لو تعلمون عظيم،تهمة معاداة السامية التى تسببت فى فصل أشهر مقدمى البرامج الرياضية فى البى بى سى البريطانية ولاعب كرة القدم الانجليزى المشهور جدا جارى لينكر،تم فصله لأنه تعاطف فقط تعاطف مع أهل غزة ونشر ما يوحى أنه تعاطفا أو شبه اعتراض على ما يجرى من مذابح، ثم اعتذر معللا ما فعله بأنه لم ينتبه أن ما فعله قد يكون فيه معاداة للسامية وهى التهمة التى يتبرأ منها ويعتذر لدرجة أن يترك مكانه الوظيفى بعد ثلاثين عاما !
والقائمة تطول ولا أحد يستطيع الاعتراض أو الاستفسار عن ما هى أو ما معنى معاداة السامية فجارودى أو لينكر أو غيرهما من ضحايا هذه التهمة الجاهزة لم يحمل سلاحا ولم يحرض على العنف بل فقط مارس حقه فى أن يقول رأيه بحرية كما اعتقد وصدق أنه يعيش فى مناخ كله حرية ولكن لم ينتبه أى منهما أو منهم ،فهمُ كُثر على رأى أم كلثوم فى قصيدة امرؤ القيس أراك عصى الدمع شيمتك الصبرُ أما للهوى نهىُ عليك ولا أمر؟ نعم نرى أن لا أحد له نهى ولا أمر على هذا الكيان الصغير جدا والذى يذكرنى فى تجبره وغيه الذى لا يتناسب مع حجمه ،بالممثل هزيل الجسم ضعيف البُنية الذى كان يهدده محمد صبحى فى إحدى مسرحياته فيرد هذا الممثل فى تحدِ لا يتناسب مع شكله ولا مظهره: ما تقدرش !حتى ظهر البعبع الحقيقى أو الفتوة الذى يتقوى به هذا الشخص أو الكيان الضعيف، لكن يبدو أننا فى حالة لخبطة فهل أصبح هذا الكيان الهزيل الضعيف هو الفتوة أو البعبعون الذى يخيف باقى دول وأفراد العالم كله بعدما تحكم فى الاقتصاد والسياسة والإعلام والفنون بأنواعها؟
عدد الضحايا فى غزة وغيرها من المدن الفلسطينية المحتلة تخطى الخمسين ألف بكثير لكن رد الفعل كما نرى لا يكاد يبين من الدول الكبرى التى بيدها إيقاف نزيف الدم هذا وعلى رأسها طبعا أمريكا الوسيط غير النزيه،والتى تضغط ولا تزال تضغط !! من أجل إيقاف هذه المذبحة اليومية التى يتابعها العالم على مدار ساعات اليوم ثم يخلد إلى النوم العميق بينما آلة القتل لا تنام ،واضح جدا أن الحرية تقف عند معاداة السامية فهى خط أحمر! لقد استطاع اللوبى اليهودى أن يتحكم فى عقول وقلوب وأذهان الغرب وأصبح لا شىء يأتى من الغرب يسر القلب كما كانت تقول أمهاتنا زمان
البعبعون يبدو أنه دلع أو تصغير كلمة بعبع،وجاء ذكرها على لسان دنيا سمير غانم فى إحدى مسلسلاتها الرمضانية،
مع تحياتي
سوسن حجاب