مقالات

كن مختلفًا… ولكن كن أنت بقلم عادل رستم

على دروب الحياة، ألتقي وجوهًا لا تُشبهني، تحمل أفكارًا ليست أفكاري، وتسير نحو غايات ليست غاياتي. نلتقي لحظاتٍ عابرةً في محطات الزمن، نتبادل الحديث، نضحك، أو ربما نختلف… ثم تمضي القافلة. بعضهم يترك أثرًا كالوشم على الذاكرة، وبعضهم يذوب كالضباب تحت شمس الظهيرة. لكنهم جميعًا، باختلافهم، يذكرونني بحقيقة واحدة: أنني لست مثلهم.

ربما هم الأكثر ذكاءً، أو الأسرع نجاحًا، أو الأقدر على التكيّف مع قواعد العالم. وربما أنا الأبطأ، الأكثر حيرة، الأعمق في أسئلته. لكنّي لا أريد أن أكون نسخةً من أحد. ففي زحام المتماثلين، يبقى الاختلاف هو الجُرأة الحقيقية.

لا أخاف أن أضيع وقتًا في حواراتي مع ذاتي، بينما يسبقني الآخرون إلى خط النهاية. فطريقي ليس طريقهم، وبصمتي ليست بصمتهم. النجاح ليس مسارًا واحدًا، والجميل في هذه الرحلة أننا لا نعيشها مرتين. فلماذا أقنع نفسي بأن عليّ أن أمشي كما يمشي الجميع؟

كن مختلفًا… لكن كن أنت بالكامل. لا تستعر شخصيةً ليست شخصيتك، ولا تتنازل عن حلمٍ لمجرّد أنه لا يشبه أحلامَ الناس. فالعالم مليءٌ بالنسخ المكررة، لكن الأصيل فيه واحد… وهو أنت.
والحياة يا صديقي…

ليست سوى مسرحًا تُسكب على خشبته كل ألوان المشاعر: مرارةٌ تُثقِل القلب، وسعادةٌ تُشرق كشمسٍ في يومٍ غائم. كل مشهدٍ يمرّ بنا يترك خلفه أثرًا – جرحًا أو ضحكةً، ذكرى أو غصة. وكأننا في النهاية صفحاتٌ يخطّها الزمن بحبرٍ من فرحٍ وألم.

والكتابة ليست سوى نفَسٌ نطلقه من أعماقنا، فضفضةُ الروح لنفسها قبل أن تكون للآخرين. هي تلك الهمسة التي تُزيل غبار الأيام، وتُنقلك من واقعك إلى عالمٍ آخر… عالمٍ تشيّده بكلماتك، تُزيّنه بأحلامك، تُحرّكه بخيالك. فيها تكون السيد، فيها تخلق من الفوضى نظامًا، ومن الصمت حكايةً.
أحيانًا تكون الكتابة هروبًا إلى السكينة، وأحيانًا أخرى صرخةً في وجه الضجيج. هي اللعبة التي تداعب بها روحك حين تشعر أنها تتوقّ إلى شيءٍ لا تستطيع أن تمسكه بيديك. فيها تُحرّر ما كُبِت، وتُعبّر عما لم يُقل، وربما تكتشف أن الحروف أحيانًا تفهمك أكثر من كلّ من حولك.

فاكتب… لأن الكلمة قد تكون المنفذ الوحيد الذي يليقُ بكل هذا الزخم بداخلك. والثراء إلى يجب أن تهديه لمن تحب …