
البحث عن ذاتي بقلم / عادل رستم
(١)
أطياف الذات
صراعٌ داخليٌّ يُثقِلُ كاهلي..
أنا اثنان في جسدٍ واحدٍ:
واحدٌ يُناشد، وآخَرُ يُحاجِج..
وغالبًا ما أهزمُ نفسي بينهما.
تغزوني أفكارُ الليل،
كظِلٍّ غريبٍ لا يَنْسَجِمُ مع مَلامحي،
ولا يُلائِمُ مَكاني.. ولا حَتّى مَكانتي.
أتَرَاكَ يا زَمَن؟
سَنَواتٌ تَذْرِفُها العُيونُ هَدْرًا،
بينَ طُموحٍ يَتَكسَّرُ على صَخْرِ الوَاقِع،
وَعُمْرٍ يَمْضِي..
كالقَطْرَةِ في نَهْرٍ لا يَعُودُ!
(٢)
مَلاذُ الذَّات
أَنْسَحِبُ إِلى دَاخِلي..
أَتَوارَى خَلْفَ أَسْرارِي،
أَبْحَثُ عَنْ مَكَانٍ دافِئٍ
يُدَثِّرُنِي مِنْ صَقِيعِ الهَزِيمَة..
فِي زَوايَا نَفْسِي،
أَرْصُدُ شَظَايَا الأَمَلِ البَاقِيَة،
أَلْتَقِطُهَا وَاحِدَةً وَاحِدَةً،
كَالْعَابِدِ الَّذِي يَجْمَعُ حُبَّاتِ المِسْبَحَةِ..
لَعَلَّ العُزْلَةَ تَكْسُونِي،
وَلَعَلَّ الصَّمْتَ يُعَلِّمُنِي
أَنْ أَبْنِيَ مِنَ الْكَسْرِ جُدْرَانًا..
تَحْمِينِي مِنْ عَواصِفِ العَالَمِ الْخَارِجِيِّ.
(٣)
اكتشاف الذات
رُبَّمَا يَأْتِي الحَلُّ
مِنْ حَيْثُ لا أَحْتَسِبُ..
كَالنَّفَسِ الصَّبُورِ
يُتَمِّمُ الحَرْفَ النَّاقِصَ فِي القَصِيدَةِ،
وَيَفُكُّ العُقَدَ الوَثِيقَةَ فِي أَعْمَاقِي.
ثُمَّ أَعُودُ وَاحِدًا:
لَيْسَ بِانْتِصَارٍ وَلا بِهَزِيمَةٍ،
بَلْ بِقَلْبٍ يُصَالِحُ ظِلَّهُ
وَيَحْمِلُ أَسْئِلَتَهُ كَنُورٍ
يَتَرَقَّبُ الفَجْرَ بِسَكِينَةٍ.