
رجب عامر: ريشة سيناء التي رسمت آلامها وأحلامها البايكة … حكاية سيناوية
كتب عادل رستم
من رمال سيناء العرايشة إلى أضواء الكويت، حمل الفنان التشكيلي رجب عامر إبراهيم بدران (المولود 18 يوليو 1945) لوحاته كرسالة إنسانية. لم تكن مسيرته مجرد سلسلة معارض، بل رحلة توثيق صامدة لوطنه وأبنائه، تحولت إلى إرث فني يُحكى في المحافل المحلية والدولية…
نلقي بعض الاضاءات على المحطات الفارقة في مشواره والبداية من قلب المعاناة ..
وُلد عامر في شمال سيناء، ونهل من جمالها وقسوة ظروفها. تخرّج من كلية الفنون الجميلة (قسم التصوير الزيتي) عام 1972، لتبدأ رحلته الفنية التي مزجت بين الواقعية والتعبير عن هموم الإنسان السيناوي والعربي.قضى عامر ٣٠ عامًا (1976–2007) في الكويت كرسام ومُعلّم.
ومن محطاته الفنية المشاركة في تأسيس “جماعة الفين المصرية للفنون التشكيلية” كمنبر للفنانين المصريين و بعد عودته لمصر، تحوّل مرسمه على شاطئ العريش إلى حصن للإبداع. نظّم وأشرف على معارض ناقشت أبرز قضايا الوطن منها معارض “لا للإرهاب… تحيا مصر” (2014)، و”فنّاني شمال سيناء في مواجهة الإرهاب” (2017 بالقاهرة، 2018 ومعرض”الباكية” (2019) في مرسمه الشخصي، كصرخة فنية تعكس جراح سيناء. ومن الأعمال التي هزّت الضمير والتي ارتبط فيها اسم عامر بلوحات تُجسّد الروح المصرية والعربية بصدق مؤلم منها لوحة أم شهيد تجسيد لألم الأمهات في زمن الحرب. القدس شهادة بصرية على القضية الفلسطينية.
بقايا حرب” و”حوار الصمت” تعبير صادق عن الدمار والوجع الإنساني.
عُرضت أعماله من الإسكندرية إلى القاهرة ، وحظيت بتقدير نقدي وجماهيري في مصر (متحف الفن المصري الحديث) والكويت (المجلس الوطني للثقافة)، والسعودية ولندن
كرّمته قبائل سيناء (قبيلة الفواخرية) لجهوده في إحياء التراث، وحصل على جوائز من مهرجان فنون البحر الأحمر (2009) ووزارة التربية الكويتية.
ظلّ قريبًا من الجمهور عبر ورش العمل والندوات، مؤمنًا بأن الفن رسالة مجتمع قبل أن يكون جمالًا.
اعتبر عامر أن “كثرة الاطلاع وزيارة المتاحف” صقلت رؤيته، فجعلت فنه ينبض بحياة الناس البسطاء: الحرفي، الفلاح، المرأة، الطفل. خطوطه التعبيرية وألوانه الترابية الدافئة لم تزين الواقع، بل كشفت عمقه الإنساني.
الفنان رجب عامر يمتلك إرثًا تشكيليًا هو سيرة بصرية لسيناء ومصر. لم تكن ريشته أداة للرسم فحسب، بل سلاحًا واجه به القبح، وصوتًا رفع به هموم أهله. في لوحاته التي تزيّن المتاحف ومقاعد سيناء ومجموعاته الخاصة تبقى سيناء حية: بجمالها، صمودها، وألمها.
اختار اسم البايكة لمرسمة الحالي لتعبر عن قيمة الإرث الإنساني الغني لسيناء والباكية معناها قديما هي مخزن يضع فيه الأهل محاصيل غذائية في المواسم يستفيدون منها طوال العام كالشعير والقمح والعجوة وبعض الخضروات
وليبقى الاسم في الذاكره .
يقول الفنان عامر
الفن الحقيقي لا يزين الجدران، بل يخترق القلوب ويحرك الضمائر.