
زفة انتخابية
دكتور / السيد مرسى
مع كل موسم انتخابي، وقبل أن تلمع ورقة الترشيح وتُطبع البوسترات ويتفنن المرشحون في اختيار الصور المعدّلة بالفوتوشوب، تبدأ الزفّة… زفّة الانتخابات! من خلال جذب تعاطف السواد الأعظم ، دون النظر الى الحق والحقيقة ، والان لا صوت يعلوا فوق موضوع قانون الايجار القديم وحكم المحكمة الدستورية ، ومن هنا تبدأ أوركسترا التصريحات الحنجورية من النقابات المهنية والأحزاب السياسية، التي تصاب فجأة بحالة نادرة من “التعاطف الانفجاري” مع المستأجرين ، تتحول الأحزاب التي لم تُطالع قانون الإيجار منذ السبعينات إلى “فرسان العدالة الاجتماعية”، وتكتشف النقابات – بعد غفوة عميقة استمرت لعقود – أن هناك مستأجرًا يعيش بـ7 جنيهات في شقة على النيل، وأن هناك ملاكًا لا يحصلون إلا على ” قروش معدودات ” بينما تسيل دموعهم على فواتير الكهرباء ، بقدرة قادر، تتحول قضية معقدة ومتجذرة بين عشية وضحاها، ليس طبعًا من أجل الوصول لحل واقعي يرضي الطرفين، بل لأنها صارت تُستخدم ككبسة زر تُشغّل ماكينة الشعبوية. فيخرج نقيب ما ليقول: “لن نترك المستأجر يُطرد من بيته!”، ويصرح أمين حزب – لم ينجح إلا في انتخابات اتحاد الطلبة منذ عام 1993 – بأن “الملاك يجب أن يتحملوا!”، ويهلل الجمهور المتفرج دون أن يسأل أحد منهم : لماذا لم تفتحوا أفواهكم طوال السنوات الماضية؟
بعض المرشحين لا يكتفي بالتصريحات، بل يبدأ جولات “ميدانية” على البيوت القديمة، يطرق الأبواب كأنه العمدة في فيلم أبيض وأسود، يوزع الوعود كما توزع الحلوى في الموالد، ويعد “بالحفاظ على حقوق المستأجرين”، ثم يهمس للملاك في أذن أخرى: “بس بعد ما أنجح… لكل حادث حديث!” ، أما النقابات المهنية، فلا تسأل عنها! نقابة الصيادلة تعلن تضامنها مع المستأجرين وكأن الدواء أصبح يُخزّن في بيوت الإيجار القديم، ونقابة المحامين تصدر بيانًا ناريًا وكأن المحاكم نفسها لا تصدر أحكامًا بالطرد كل يوم! وتدخل نقابة المعلمين على الخط لتؤكد أن “المعلم لا يجب أن يُهدد بالإخلاء” مع أن راتب المعلم لا يسمح له أصلًا بتأجير غرفة في قانون جديد أو قديم!، لكن الحقيقة المُرّة أن القانون القديم، بكل عيوبه وتاريخه، لا يُحل بزفّة انتخابية
في الختام : الحق واضح لا يخفى، بينما الباطل متردد مهتز لا ثبات له فإلى كل مرشح استغل المستأجر، وكل نقابي ركِب الموجة، وكل حزب أطلق شعاراته الفارغة: وفروا علينا الزفّة، ووفّروا على أنفسكم مشقة التمثيل. فالشعب صار يرى الراقصين في الزفّة حتى ولو تنكروا في هيئة “فرسان عدالة”.وفي النهاية… تذكّروا أن القانون لا يُعدّل بالهتاف، بل بالإنصاف ويعطى كل ذي حق حقه .
الى اللقاء : دكتور / السيد مرسى