مقالات

عادل رستم يكتب.. الهشاشة ليست ضعفًا ولا عارًا

الهشاشة ذلك الوجع الخفي الذي يصنعنا نحمل جميعاً في دواخلنا كسراً خفياً. قد يكون في عظامنا حين تصبح هشة كالزجاج، أو في نفوسنا، حين تتحول إلى غابة من الشظايا. نسميها ضعفاً لكنها في الحقيقة شهادة ميلادنا كبشر.

فما الفرق بين عظم ينكسر تحت الضغط وقلب ينكسر تحت وطأة الصمت؟ كلاهما يحتاج إلى جبيرة.. جبيرة الجسد وجبيرة الروح.
الهشاشة ليست ضعفاً.. إنها نداء
عندما تنكسر قدح زجاجي، نلوم الأرض الصلبة. وعندما تنكسر نفس بشرية، نلوم صاحبها: “لماذا لم يكن أقوى؟”. لكن الحقيقة أن الهشاشة ليست عاراً، بل هي صرخة صامتة تقول: “أنا هنا.. أنا أحتاج إلى يد، إلى كلمة، إلى بصيص فهم”.

حين تخفي هشاشتك خلف ابتسامة مزيفة، أنت كمن يبني سداً من ورق أمام فيضان. قد تصمد يوماً أو يومين، لكنك ستغرق في النهاية. ليس العار في أن تنكسر، العار أن تظل جالساً بين شظاياك تنتظر أحداً ليلملمك.

ومعادلة الحياة كل قوة تحمل في طياتها هشاشتها
انظر إلى ناطحة السحاب كلما ارتفعت، زادت حاجتها إلى هيكل مرن يتحمل الرياح. وكذلك الإنسان.
وذلك المدير الصارم الذي يرتجف يداه خلف مكتبه.. وتلك الأم الحديدية التي تبكي في الظلام.. والشاب المتفوق الذي يخاف من صوت عقارب الساعة..
كلهم يحملون قانوناً واحداً ما يظهر صلباً من الخارج، يكون أحياناً أرهف من ندى الصباح من الداخل
كيف نتعايش مع هشاشتنا دون أن تقتلنا .
اعترف بأنك إناء مشروخ
هشاشتك ليست عيباً بل فرصة لتكون أجمل. كل ندبة قصة، وكل كسر ..الناجحون يجدون معالجاً. الأذكياء يجدون صديقاً. الحكماء يجدون رفيق درب يقول لهم: “أنا أيضاً أعرف هذا الألم”.
والسؤال من سينتصر في النهاية
ليس الأقوى جسدياً، ولا الأكثر تحملاً. المنتصر الحقيقي هو من يعرف متى يقول: “أنا لا أستطيع”. من يجرؤ أن يطلب “ساعدني”. من يملك الشجاعة أن يهمس في الظلام: “هذا يكفي.. لقد تعبت”.
الهشاشة وطننا الأخير
في عالم يقدس القوة الزائفة، تكون الهشاشة آخر معاقل الإنسانية. إنها تلك اللحظة التي نسقط فيها على ركبنا، فنكتشف لأول مرة أن الأرض ليست عدوة.. إنها فقط تنتظرنا أن نعترف:
“نعم.. أنا ضعيف.. وأنا ما زلت هنا”.
ففي النهاية لا يُقاس الإنسان بقوة عظامه، بل بقدرة قلبه على النبض رغم كل الكسور ..
في النهاية
أنت من سينتصر في معركة الحياة
أن واجهت ضعفك وعرفته واعترفت به
كن جدارا صلبا ولكننا نقر ان بالجدار شروخ ..