
غزة.. حين تصبح الصرخات شهقات أخيرة
بقلم عادل رستم
بعض الصرخات لا تُسمع، لكنّها توقِفُ نبضات القلب. تتزاحمُ الكلماتُ كالأشباح، ليس عجزاً عن التعبير، بل لأنّ الألمَ أكبرُ من أن يحتملَهُ لسان أو إنسان
يبدأ الموتُ من أجل كيسِ طحين.. يسقطُ الفلسطينيّ الأعزلُ جريحاً، ثمّ قتيلاً. ينتشرُ وباءُ السحايا، فلا يجدُ الأطفالُ دواءً، بل يجدونَ يدَ القتلِ تنتظرُهم. وحين ينهارُ الطبيبُ طبيب القلوب المُنهكُ بعدَ ساعاتٍ من الإنقاذ، يُقتَطعُ منهُ أنفاسُه الأخيرةُ وهو بين جدرانِ المستشفى أو في منزلة فتأتي قنبلة الغدر فيموتُ هو وأسرته ويَحيَا القاتلُ!
مشاهدُ لا يصدقُها عقلٌ ولا يحتملها قلب … مستشفياتٌ بلا كهرباء، أجهزةٌ تتوقفُ فجأةً، عيونُ المرضى تتسعُ رعباً ثمّ تُغمضُ إلى الأبد. أمهاتٌ يَشُققنَ أثوابَهنّ على أطفالٍ لم تُجدِ لهم حضنٌ دافئٌ ولا حقنةُ دواء. الكلُّ عاجزٌ: الطبيبُ، الأمُّ،سيل الدعوات
وفي العالمِ، حيثُ تُلقى الخطبُ عن “الإنسانية”، يُكمّلُ الساسةُ كؤوسَهم، ويُعدّلونَ رباطاتِ أعناقهم قبلَ الابتسامِ للكاميرات. أيُّ دينٍ هذا؟ أيُّ ضميرٍ؟ إنّها أبشعُ لحظاتِ التاريخِ هُويّةً وخذلاناً.
لكنّ غزةَ، رغم الجراحِ، تُعلّمُ العالمَ معنى الصمود. فصبراً آل غزة صبرا يا أبناءَ الأرضِ المباركة.. لن ينسى اللهُ دمعةَ مظلومٍ، ولن يضيعَ حقٌّ وراءه شعبٌ.
“القتلُ ليسَ سياسةً.. إنّه إعلانٌ رسميٌّ عن انهيارِ الإنسانية.”
والهدنة هي هدية للقاتل وكأنهم يقولون
استريحو قليلا من الذبح والقتل …