
نتقابل بعد العشاء.. بقلم / عادل رستم
في عالمٍ تتصارع فيه عوامل النجاح، يبرز عاملٌ بسيطٌ في ظاهره، عميقٌ في دلالته: الالتزام بالموعد. إنه الفارق بين مجتمعات تبنى على الثقة، وأخرى تتهاوى تحت وطأة المعسول وإن شاء الله نلتقي بعد العشاء.
المفارقة المُرة: حين يكون المنظِّم أول المُتخلِّفين!
تخيل هذا المشهد:
تحدد أنت موعدًا هامًا، وتأتي قبل الوقت بقلبٍ مفعمٍ بالاحترام. تمر الدقائق.. ثم الساعة.. وأخيرًا يطلُّ الطرف الآخر مبتسمًا: آسف، زحمة السير المُدهش حقًا؟ أنه نادرًا ما يعتذر، بل يعاملك وكأنك المُتطفل على وقته والأكثر سخريةً أن يقول لك نلتقي بعد صلاة العشاء وكأن الوقت كتلة مطاطية لا شكل لها
الغرب والمؤسسات الكبرى: لماذا الوقت نجاح عندهم؟
في المقابل، شاهد كيف تدار عجلة الحياة في المؤسسات الرائدة
– الموعد قداسةٌ لا تُنتهك فالدقيقة المتأخرة قد تُنهي صفقة بملايين الدولارات.
– الاعتذارثقافةٌ مؤسسية: التأخير دون إشعار مسبق يُعد إهانةً للشريك.
– التحديد الدقيق الساعة ٣:٢٠ تعني تمامًا ٣:٢٠، وليس
“عصرية خفيفة .
– خراب الثقة: كيف تُصدق من لا يحترم كلمته؟
– هدر الاقتصاد: اجتماع واحد يتأخر ٣٠ دقيقة = خسارة ١٠٠ ساعة عمل سنويًا في مؤسسة صغيرة!
– تشويه الصورة مجتمع لا يضبط مواعيده يُوصم بعدم الجدية.
يقول الله تعالى: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا . فالميعاد عهدٌ، والتخلف عنه نقضٌ للعهد! والعجيب أن العلم الحديث يثبت أن الالتزام بالمواعيد أحد أعلى مؤشرات الذكاء العاطفي والمسؤولية الاجتماعية.
كيف نصنع التغيير؟ ابدأ بـ دقائق التحدي
– كن أنت التغيير إذا حددت الساعة ٥، فكن هناك ٤:٥٠.
– رفض لمواعيد المطاطيةقل: لنلتقي الساعة ٨:١٥” بدلًا من “بعد العشاء”.
– الاعتذار فنٌ إذا تأخرت ١٠ دقائق، اعتذر بصدق دون تبرير واهٍ.
– الثواب والعقاب في اجتماعات العمل – ابدأ في الوقت المحدد حتى لو كان الكرسي فارغًا!
فليكن شعارنا:وقتي عهدٌ، وكلمتي سِفرُ وجودي. حينها فقط نرتقي من ثقافة المعسول إلى فضاءات المجتمعات التي تعرف أن كل دقيقة تمر… هي لبنة في صرح الحضارة.