مقالات

كل شيء فينا يسافر… بقلم / عادل رستم

نحن ياصديقي لا نقف ثابتين، وإن بدا ذلك. نقف كثيرًا في محطات الحياة
إنها رحلة يومية لا تتوقف…
بين قلبٍ يسافر، يحمل زاد الطريق من نبضٍ يخفت تارة ويتسارع أخرى،
وعقلٍ يفكر، لا يكفّ عن الدوران، يتنقل بين الأسئلة والاحتمالات، في حوار لا نهاية له.
ووهج بداخلنا لا يتوقف…
فنحن كالريح في دَيمومةِ السَّفر. قد نبدو واقفين عند محطات الحياة، ننتظر قطار المصير المجهول، بينما يغادر آخرون ربما أنهوا رحلتهم… أو يستعدون لبدايةٍ جديدة. لكن الحقيقة، أن كل شيء فينا لا يكفُّ عن الحركة.
رحلتنا اليومية حوارٌ صامتٌ لا ينقطع
قلبٌ يَسْعَى على قدميه، يحمل زاده نبضاتٍ تتسارع حينا وتخفت أحيانا، كطائرٍ يرفرف بين الخوف والأمل.
وعقلٌلا يهدأ، يدور في فلك الأسئلة ككوكبٍ لا يعرف السكون، يتنقل بين “لماذا؟” و”ماذا لو؟” في حوارٍ لا ينتهي أبدا.

وأجدني في رحلتي هذه، أتلمس حكمةً نادرة في حواراتي مع د. محمود. كأنه يكتب بحبر اليقين ما نخطه نحن بقلم الشك. رجلٌ صاغ هدفه بيديه، في صمتٍ وثيق، كفنانٍ يرسم لوحة مصيره بإتقان، فتتحرك تفاصيل الحياة حوله وفق إرادته الرصينة.

أما أنا…
فقد سلكت درب القلب منذ البدء. ألفت أن ألمس العالم بمشاعري قبل أن أزنَه بمنطقي، وأن أنحازَ لنداء الفؤاد قبل حساب العقل. وحين أحاور د. محمود، أجرّب أن أسبح في فضاء تفكيره، لكن سرعة عقله تبقى كالبرق. أرى نفسي كمن يجري في أثر سحابة، سعياً لا للفوز برهان، بل كي لا أتخلف عن ركب الحكمة.

ورغم هذا الفارق، فإن حواراتنا بستانٌ غنّاء. في كل لقاءٍ زهرةُ فكرةٍ جديدة، أو ثمرةُ رؤيةٍ لم تخطر لي. فأنا من أولئك الذين يرون في الاختلافِ لوناً يزين لوحة الود، ويرون أن الحياة لا تُثمر إلا إذا اختلفت أغصانها، لتُكمل بعضها بعضاً في ظلّ الشجرة الوارفة.