آراء وتحليلات

متلازمة الثانوية العامة

دكتور / السيد مرسى

كل عام وأنتم بخير.. يا أهل مصر الكرام ،لقد أعلن وزير التعليم التعديلات الجديدة للثانوية العامة، والتي تأتي في إطار خطة الشاملة لتدمير ما تبقى من أمل في العائلات المصرية، وأصبح لدينا في كل بيت مصاب بـ”متلازمة الثانوية العامة ” بأعراضها الجانبية والتى تشمل الضغط والسكر وتساقط الشعر المبكر! ، فالثانوية العامة فى مصر أصبحت وكأنها كائنًا أسطوريًا يتغير شكله كل عام، مرة تنين ينفث نار الامتحانات، ومرة أخطبوط بأذرع من لجان سرية وتسريبات، ومرة أخرى ببغاء يردد “التطوير قادم”.. لكنه لا يأتى أبدًا.

كل وزير تعليم جديد يدخل علينا بتجربة جديدة، فأحدهم يجعلها سنة واحدة فقط عشان الطالب يخلص ويتفرغ للاكتئاب، وآخر يجعلها ثلاث سنوات! عشان نطحن الطالب ببطء ونقتل أهله نفسياً على مراحل! وثالث قرر يجعلها أونلاين، فدخل التابلت المقدس في اللعبة والطالب أصبح لا يعرف الفرق بين الامتحان وبين لعبة “كاندي كراش”! ورابع جعلها بدون تابلت ولا ورق.. ويجرب امتحان التيك توك،  والطالب أصبح كائن منزلي كئيب، لا يضحك ولا يأكل، ومع كل امتحان نسأله: متوتر ليه ياحبيبى ؟ والأب يقوم بدور رئيس غرفة عمليات بالمنزل، يراقب المذاكرة من جهة، ويطارد دروس السناتر من جهة أخرى، ويشحن باقات الإنترنت من الجهة الثالثة، والأم تقوم بدور وزيرة تموين: تقول “أكلت كويس؟ تشرب أيه؟ نمت كام ساعة؟ ، أما وزارة مصر فترفع شعار: التطوير للتطوير ؟ والنتيجة ينجح الطالب بالعافية، ويذهب للجامعة مضطرب نفسيًا، فاقد الشغف، والعائلة تذهب للعلاج النفسى! ويبقى السؤال: متى تنتهي هذه المسرحية الدموية؟!  والاجابة: العرض مستمر، لأن التعديلات قادمة؟! كأن يكون امتحان شفوي عبر الفيديو كول مع وزير التعليم شخصيًا! وفى هذا العام تحديدا، يقف وزير التعليم الهمام فى مجلس النواب، يقدم اقتراحا لا يخطر على بال: بعودة البكالوريا وبنظام “الميد تيرم” والذى مفاده أن الطالب يمتحن مرتين ونجمع بين الدرجتين.. واللى عايز يحسن يحسن، واللى مش عايز برحته ، مع وعود بأنه لن يتم التسريب، والغش .. على الرغم أن مصر بها كائنات أسطورية أقوى من كل نظم الحماية:  وهى سناتر الدروس الخصوصية.

وفى الختام  .. متى تنتهى هذه الاستغماية؟  ولا تخضع الثانوية العامة لمزاج و هوى كل وزير تعليم ؟ ولا تصبح الثانوية العامة، باشتراك شهرى مثل ” نتفلكس “، ومن يرغب في معرفة النهاية يدفع الباقة كاملة!

فالتعليم يا سادة فى مصر أًصبح مثل فيلم طويل بنهاية مفتوحة.. والطالب المصرى هو البطل الحقيقى الذى يخرج من كل هذه التعديلات وقد ترك خلفه أعصابه وأحلامه.

والى اللقاء : دكتور / السيد مرسى