
كلمة العدد 1426 “الدروز ومعادلة التوازن!”
يكتبها د. محمود قطامش:
بالإشارة للأحداث الأخيرة في السويداء، وردات الفعل العالمية وتدخل قوى أقليمية لحماية الدروز، تبرز من بين الأحداث حقيقة لا يستطيع أي مراقب إنكارها…..
فرغم العدد المحدود للطائفة الدرزية، يلعب الدروز دورًا يفوق وزنهم الديموغرافي قد يكون الأمر مرده التموضع الجغرافي في الوقت الذي يتعرضون فيه للضغط من التحولات الأقليمية وسط انتكاسات سياسية وأمنية سريعة، ووسط تلك التحولات والاضطرابات تعود دوما قضية الدروز للواجهة بوصفها نموذج لأقلية دينية معقدة، تمتد عبر جغرافيا عابرة للحدود محتفظة بهوية متماسكة وشبكة مصالح بين سوريا ولبنان وإسرائيل …….
عددهم لايتجاوز المليون نسمة، لكنهم نجحوا في ترسيخ حضور سياسي واجتماعي يتجاوز وزنهم الديموغرافي وذلك بفضل الخصوصية العقائدية والانضباط المجتمعي والإنخراط الإنتقائي في السلطة والأستفادة من ظهور بعض الشخصيات الوطنية ولعبها أدوار بطولية في النضال ضد المحتل والأستفادة أيضًا من كريزما وحضور بعض الشخصيات مثل المرحوم كمال جنبلاط والوزير وليد جنبلاط عضو مجلس النواب اللبناني وزعيم الطائفة الدرزية في لبنان ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي بعد إغتيال والده كمال جنبلاط في مارس عام ١٩٧٧ باستخدام سيارة تحمل لوحة عراقية بعد معارك مع الجيش السوري عندما اجتاح لبنان.
ومن المعروف أن كمال جنبلاط كان من الداعمين للقضية الفلسطينية في لبنان ……… وربما عزيزي القاريء فرصة لإلقاء الضوء على عقيدة الدروز التي نشأت من رحم المذهب الإسماعيلي في بداية القرن الحادي عشر بعد أن خطت لنفسها طريقا من الباطنية الشديدة وتعاليم لا تتاح إلا للمطلعين من أبناء الطائفة، مما جعلها منغلقة معرفيًا ومتماسكة مجتمعيًا مع إيمان بالتقمص يستند على سبع وصايا توجيهية عبر طقوس جماعية وتوعوية ومناسبات روحية متفردة …
من الممكن أن تكون هذه الخصوصية الروحية ساعدت في الحضور السياسي وساعد أيضًا في الحفاظ على تماسكها وعلى فرض (الحصانة الرمزية) داخل المجتمعات التي تعيش فيها وحتى في ظل النظام السوري السابق بقيت العلاقة مبنية على التوازن الهش، حيث كانت تدار من داخلها بترتيبات محلية شبه مستقلة ……
ويعود يبزر اسم الطائفة الدرزية بعد تدخل إسرائيل لحمايتها في الداخل السوري وصل إلى حد قصف وزارة الدفاع السورية بالطائرات الإسرائيلية، الأمر الذي يرشح استخدامهم كورقة ضغط على قيادة الأمر الواقع السوري عند التفاوض مع إسرائيل.
ولكم تحياتي.
محمود صلاح قطامش
qatamesh @misrtalsteen.com
مصر تلاتين